المقالات

الإسلام السياسي

الوعي الاجتماعي مقسم إلى جزئين، الوعي وهو إدراك الإنسان لنفسه ولما يدور في محيطه المادي، والمجتمع هو مجموعة من الناس التي تشكل أنظمة معينة والتي تشكل شبكة علاقات، إذاً الوعي الاجتماعي هو مشاركة المجتمع بعضهم لبعض بالوعي والمشكلات وتبادل المعرفة حولها.
والمعضلة اليوم أن النشاط الرقمي الاجتماعي وفقد لغة الحوار بين الأُسرة الواحدة بسبب الانشغال المستمر جعل الحضور الفعلي الاجتماعي شبه منعدم والكثير يكون بين الكثير ولكن هو أسير الأجهزة الرقمية وتصديق محتواها بلا نقاش وهذا سبب كبير في التباس الجوانب التوعوية الاجتماعية وعدم وضوحها وعدم القدرة على تمييز المفارقة عند البعض بل وسهولة التغرير بالمجتمعات أصبح اليوم سهل وفي متناول اليد لعدم حضورهم الاجتماعي الفعلي وتعزيز الوازع الثقافي الأصولي، ولهذا نرى الأحزاب المتطرفة سواء الحقوقية أو السياسية أو العلمية منها تبحث عن هذه الثغرات التوعوية المثقوبة بالجهل لتستغلها في صالحها وتبث سمومها منها وتُأسس المؤامرات ضد الحكومات، وذلك هو الإسلام السياسي أحد توجهات الإخوان المسلمين الذي كانت متواجدة وتُرفع لهم مقامات الاحترام تحت مسمى الصحوة الذين أقنعوا الناس أنهم سبب يقظتهم من الضلالة وأثروا بشكل سلبي ورجعي وبأسماء مختلفة وأساليب مختلفة، وفي الحقيقة كان أسم الصحوة رداء يسترهم عن سمعتهم الإخوانية، وعند اكتشاف الأهداف الحزبية التي قسمت المجتمعات إلى مُستغِل ومُستبَد وطالت القصة المظلمة لسنين عِجاف وبعد سبعة من العقود انكشف أمرهم وشردوا.
ومن هنا بدأ الجزء الثاني من القصة المظلمة، بعد أن تحرر المجتمع من الكبت المدقع بسبب المتطرفين تحت سقف المُسَلَمات بلا تفكير ولا سؤال، بدأ المجتمع بتبادل حرية الحوارات والآراء على نطاق واسع ومنهم من كان له نقد بناء ليساعد على تطوير الوطن بأفكار وحلول بديلة ومنهم من كان ذو نقد هدام بلا أفكار ولا حلول ويمارس السب والطعن ومنهم من يتحاورون مع الآخرين للوصول إلى حلول سوية ومنهم من كان حواره في قالب التحريض على الأمن العام المجتمعي والبعض الأخر مستمع بقبول واسع لتحليل الأمور والبعض كان مذعن للماضي المظلم، والمعضلة هي عدم التمييز بين من كان على حق ومن كان على باطل وعمت الفوضى الفكرية بين شباب المجتمع من ذكور وإناث حيث فقدوا تمييز حرية الرأي والتي لا تتجاوز التعبير عن فكرة عن قبول عن رفض عن تحليل واستنتاج خالي تماماً من التجاوز اللفظي ورمي التهم والتحريض ودس الضغينة بين حكومة وشعب وذكر وأنثى، فكل صادق في رأيه هو كل رأي يجلب معه السِلم والتطور الجمعي وليس النصف مجتمعي.
فالتمرد على القانون والنظام هو ليس حرية رأي بل جريمة وهذا متعارف عليه دولياً وليس رأي شخصي، فالجميع كان له رأي حول القضايا الاجتماعية والحقوقية سواء على الصعيد الشخصي أو الأسري أو أمام العامة وهذا طبيعي فنحن مجتمع بشري وناطق ويملك العقل ويفكر ولكن من غير الطبيعي التمرد على النظام والقانون سواء بالحديث للعامة أو التنفيذ الفعلي بالشارع وطلب الدولة احترام ذلك!! وهل سنحترم الجريمة اليوم؟! قواعد حرية الرأي تختلف من بلد إلى آخر وتتأثر بالتشريعات والثقافات والديانات والعادات ووجب احترام ذلك وتشجيع المجتمعات على حرية الرأي بطريقة سلمية لا تسبب الضرر للآخرين ولا تبث الكراهية ولا التحريض، كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة رقم ١٩ “لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة دونما اعتبار للحدود” ومعنى وسيلة هنا هي طريقة وصول الفكرة وليس نوع الفكرة، ثم المادة رقم ٢٠ “لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية”.
وهنا حدد السلمي منها المنافي لكل نوع من السلبيات والتجاوزات، ثم المادة رقم ٢٩ “لا يُخضع أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يقرِّرها القانونُ مستهدفًا منها ضمانَ الاعتراف الواجب بحقوق وحرِّيات الآخرين واحترامها، والوفاءَ بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام” وما نراه اليوم هو تحت مسمى العصيان والذي يتمحور حول معاداة للصحة السياسية والقانونية وكما ذكر الكاتب فريديريك غرو حول بحثة عن العصيان والتمرد وقال “من وقع في فيض العصيان لا يمكن إصلاحه”، لأنه فرد عاجز عن قبول المعايير والقواعد الاجتماعية وعدم احترام القوانين العامة أو حتى مناقشتها بأسلوب فكري وعلمي ومنطقي، مقاومة الانجراف وقبول التوسط هذه إنسانية، والعصيان هو انزلاق إلى منحدر متوحش والاستسلام للرغبات.
ويجب أن يراعا الانضباط ألا يكون عبودية، فالعبودية هي عبئ على الحكومات، والشعوب المستعبدة فكريًا هي شعوب مستهلكة لا منتجة، فالوطن يضل يعطي ويعطي بلا مقابل من شعبه الذي لم يُعينه على التطور ولا الصعود. وعدم احترام جريمة العصيان تحت ذريعة (حرية الرأي) اطالت علينا أصوات الإسلام السياسي حين قالوا “السعودية لا تحترم حرية الرأي ولا حقوق الإنسان” وتوالت الأصوات صارخة بهذا الشأن ليس لأن الإسلام السياسي باحث عن حقوق الإنسان بل من أسمى اهدافهم هو قمع المجتمعات ليكونوا عبيد وتابعين بلا تفكير ولا سؤال وكان أثرهم القمعي متواجد وهو الذي يحاربونه عندما سنحت لهم الفرصة متهمين بذلك الوطن، وكانت فرصة لبث الشك والريبة بين الشعب والحكومة ومن ثم فشل الإسلام السياسي في استغلال هذه الثغرات.
بينما السعودية تتجاهل منابر الإسلام السياسي سواء من محرضين أو كُتاب في الصحف العربية أو الأوروبية أو الأمريكية، هنا وجدوا لهم مدخل جديد وقالوا “السعودية ليست الديمقراطية” ولا تحترم التيارات الفكرية والسياسية وبطبيعة الإسلام السياسي الإخواني لا ينفذ ولا يرغب بالدمقراطية على كل حال فهو مذهب سياسي تكفيري ويستبيح العقل والكيان والدماء ولكن لابد من سبيل لزعزعة الأمن القومي في البلدان الرافضة للإسلام السياسي بينما يتعاونون مع عناصرهم المتحدثين والكُتاب في طعن السعودية بأنها معادية للدمقراطية هنا نحن ندرك أنهم هم أنفسهم الإخوان معادين للإنسانية ولا يقبلوا حرية الفرد ولا العلمانية فكيف يطالبون بالدمقراطية وفي الأصل لا يوجد ديمقراطية بلا علمانية، في كل مرة تتلون المصطلحات وكلها تصب في هدف واحد منذُ تأسيس الإخوان المسلمين على يد حسن البنا والذي كان يدخل رجال الدين في المجتمعات تحت راية التواضع والزهد والفكاهة والفعاليات الدينية والتي يتخللها الكثير من التحريض،ثم انشق عنهم محمد سرور بن نايف زين العابدين واسس التيار السروري داعياً بذلك أن الإخوان لن تنفعهم فكاهتهم بالسيطرة على الحكومة وهدمها وبذلك سيدخل في الاستيلاب العقائدي من مدخل العلم الحقيقي الذي يُبجلْ ويُحترمْ ويثقون به وذلك لأن السعودية تحترم أهل العلم والعقيدة في المرتبة الأولى عندها،وبعد أن نجح في البداية التيار السروري في بناء حلقاته الدينية في تشويش عقول الناس بأسماء معروفة في بلادنا وهذه الأسماء مع مرور الوقت وصلوا إلى مرحلة الضجر بأن هذا التيار الجديد لم يجعلهم يصلون إلى أهدافهم الشخصية بدأوا الكتابة بالصحف والحديث بالمجالس والكتابة في التواصل الاجتماعي لمحاولة بث الصراع الاجتماعي حول شعب وحكومة إلى أن قبض عليهم فترة من الزمن ثم بعد خروجهم ظهر البعض بسياسة الجهاد السلمي والدعوة له والذي يتمحور حول التحريض ضد الحكومة السعودية وجمع أكبر عدد ممكن من الأحزاب ضده، هو جهاد بغسل العقول وليس بالقتل والدم لهذا يدعي أنه جهاد سلمي!! والبعض الآخر بدأ بممارسة الليبرالية لمحاولة تشويه السمعة الوطنية بأنها رجعية ومتخلفة، ومن أشهر المتحدثين والداعين إلى الجهاد السلمي هو سفر الحوالي الذي يهزأ بإبن باز وابن عثيمين كيف يفتون في بعض الأمور التي لا تخص جانبهم الشرعي على سبيل المثال (إجازتهم لدخول الجيش الأمريكي إلى الكويت لإخراج المحتل العراقي في عهد الملك فهد) بينما هو عينه سفر الحوالي الذي يقول عن أسامة بن لادن أنه رجل صادق ويبحث عن الخير! ولا يجب أن نلاحق القتلة منفذين العمليات الإرهابية!! هو عينه جعل بالدين ما يسمى بالجهاد السلمي وكأن العقيدة ذات مساحة للاختراعات!! ليس اتهام مني إليه بل هو موثق بالصوت والصورة الحية واستهزائه بمفتي المملكة هذا لأنهم تصدوا لأمثاله المتطرفين التابعين لنظام الفلسفة المتعالية والتي تحكم على الأشياء من منظورهم الشخصي لها وليس من خلال البحث والأدلة العلمية أو الاجتماعية والتحليلية والنتائج، هي مجرد رأي شخصي يخدم المصلحة الشخصية.
فاختلاف المصطلحات التي يرددون شعاراتها كلها تصب في هدف واحد وهو هدم الوطن لكي يكسب جزء منه. اليوم الأوطان تكافح الفساد والاستغلال بشتى أنواعه وبالرغم من ذلك المجرمين يفكرون بخطط للنجاة كل يوم، فماذا لو كان الدستور هو الإسلام السياسي هو ذاك الذي في الأصل فاسد!! لك أن تتأمل أن مؤسس مصطلح الإسلام السياسي والذي أستخدمه لأول مرة هو الإسرائيلي الصهيوني مارتن كرامر هو مستشرق ويدرس الشرق الأدنى ومن العجب أن نرى من يتبع الحركة السياسية الصهيونية يضع لنا اليوم نظام حكم تحت أسم الإسلام السياسي!!
وهل في هذا الزمن سيتعلم المسلم الحكم بالإسلام من يهودي وصهيوني؟ فضلاً أن جهاز الموساد الإسرائيلية مُغري جدا أمام رضاء الذات المزيف والمال الكاذب التي نهايتها وخيمة إما السجن أو الاعدام، لتجنيد جواسيس ومحرضين في كل العالم وبشكل الأخص الشرق الأوسط كاستغلال الحاجة الإنسانية للعلاج من الفلسطينيين فكان مقابل علاج حالات حرجة من المواطنين الفلسطينيين بالمستشفيات الإسرائيلية المتقدمة هو التخابر لصالح الشاباك مقابل العلاج، ومثل طلاب المبتعثين المهتمين بالدراسة والمتفوقين مقابل إتمام تعليمك دفع المبلغ الدراسي كامل والسكن والمصروف تكون مٌخبر لصالح الموساد وهذا بحسب تقارير التحري الصحفي لـ دي دبليو.
الموساد الإسرائيلية هي الوكالة الأولى المسؤولة عن عمل الاستخبارات الخارجية، والشاباك هي فرع الاستخبارات والمنظمة المكلفة بالحفاظ على الأمن الداخلي لإسرائيل. فلا عجب من أن يكون الموساد مُجَنِدْ بكفاءة الإسلاميون السياسيون وكل من تمرد باسم الحقوق وحرية الرأي والديمقراطية.

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى