المقالات

حوار مبتعث

لا نذهب بعيداً. في عام ١٤٢٨ حوار بين طالبين أحدهما مبتعث خليجي، والأخر امريكي، والموقع بالولايات المتحدة الامريكية جامعة شيكاغو. اثناء جلوسهما على مقعدين متجاورين ينتظران المحاضر بالقاعة دار بينهما طرف حديث عجيب، ولطيف ويسير قبل حضور المحاضر مقتضب غير طويل.  بداء الطالب الأمريكي حديثه مداعباً الطالب المبتعث على سبيل الطرفة أو التهكم. قائلاً باستعلاء وزهو وكبرياء متغطرس بصيغة الجمع والافتخار نحن الأمريكان القطب الأوحد في العالم سيادة وقوة، وسادة العصر وزمانه. نعلم، وندرب طالبي العلم والمعرفة من كافة نواحي العالم، وبلادنا وجهة وقاصدي طلب العلم، والمهارة، والمعرفة، والقدرات مجتمعة أو منفردة من حقول مناراتنا العلمية والمعرفية. نحن وجهة العالم للتعلم واكتساب المعرفة، والخبرة العلمية والعملية في كافة المجالات، ووجهة صفوة الصفوة من شعوب العالم المختلف الراغبين بالعلاج أو النقاهة والاستجمام أو الترفيه، والمظلومين من الجور وما وقع عليهم من بلدانهم، وطواغيت حكامهم، وملتمسي المعيشة، والأمن والاستقرار النفسي، والاجتماعي، وفرص العمل، والعلم المتاح. ثم استطرق القول تركبون مركبات من صنع أمريكا. وتأكلون وتشربون من منتجاتنا، وتلبسوا من نسيجنا، وتسكنون من صنع أيدينا، واسترسل الحديث معتزاً ومفتخراً بقوله: أجدادكم تحللوا إلى نفط، والنفط تبيعونه لنا، فأنتم تبيعون أجدادكم، ونعمل من تحللهم مشتقات عديدة احذية، وسفر طعام، وأوراق بيضاء من أجل تنظيف مؤخراتكم الخارج من السبيلين، وإطارات المركبات، ودعسات مداخل دورات المياه، ومكانس تنظيف المنازل وغيرها. حذائي الذي أحتذيه من تحلل أجدادكم. يقي أقدامي من الرمضاء وكوادش الطريق، وادوس عليه، وبهذا فضلنا عليكم كثيراً، فقال الطالب المبتعث: هذا أحد أفضال تحلل اجدادنا نفطاً، وعلى الإنسانية قاطبة، وهم كفار مثلكم لا حدس إنه تفضل كافر على كافر، ولله الحمد ان يكون مصنوعاتكم تحتوي جزء من محتويات بلادنا. أنتم حمير كفار نجس ورجس صخركم الله لتصنعوا وتنتجوا وتنسجوا لنا وأيضا لغيرنا. أنتم والشيطان صنوان واحد، ووجهي عملة واحدة. المنفعة والمتعة غاية من غاياتكم. فلسفتكم تقوم على المنفعة ركائزها “ً الأفكار والأشخاص والوسائل ” والإيجابية محور تكرارها، والسلبيات التنصل منها، وعدم تكرارها بخلاف فلسفتنا الإسلامية إيمانية ركائزها ” العقيدة والأشخاص والاشياء ً ” الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي. الأيام دول. تلك الأيام يداولها المولى بين الناس، ولن تدوم حضارة إلا بالشكر لله وتوحيده تحقيقاً لا تعليقاً في اسماءه وصفاته، والمحافظة على النعمة من موجبات الشكر. يوم شكرنا الله دامت خلافتنا على ثلاث أرباع المعمورة قرابة الف عام ” عشرة قرون ” ويوم جحدنا النعمة وتعددت فينا الفرق الضآلة بمؤازرة بني الأصفر ، وبني صهيون ، وبني صفيون ، ولم تجد هذه الفرق الضآلة من يردعها ، وكثر الإرجاف ، والفرقة والشقاق في غير محله سبب في ضمور حضارة الإسلام ، وقلة هيبتنا والبطالة المتنامية ، وصرنا أمة مستهلكة لا منتجة دفعت بنا خلف ركب الأمم ، وسلط أعداءها عليها ان كانت هذه الأيام لكم سيادة ، فلا تنسى سيادة الخلافة الإسلامية ، ومعاقل العلم والحضارة بالأمصار الإسلامية يوم كنتم تنهلون من مناهلها ، وقوتنا وصلوجانا يحمي البحار والمحيطات ينبيك عنه ثلاثيته عمورية والبرانس وجنيف . سيذهب ما استمتعتم به من الطيبات، وإذلالكم لشعوب العالم، واشعال الحروب، والفتن المستعرة بين شعوب المعمورة، وبناء حضارتكم على استعباد الشعوب واستنزاف ثرواتهم، وتنامي الكراهية اتجاهكم يوماً بعد يوم تزيد لا تنقص، وصدام الحضارات بأسبابكم، وتذكر ان ما تفتخر به من حضارة جذوة مشعلها حضارة الإسلام سرقتم مفاتيح العلم، والحضارة الإسلامية، وتزعمون صنعكم. دعك من الافتخار. ما ذكرت عن هؤلاء ليس اجداد يخالطهم بعض الحيوانات النافقة لعلمك بذلك وعليك ان تعزل الإنسان عن الحيوان، وجزء ممن بحذائك أفضل منك. ما اسميتهم أجدادي الإسلام والتوحيد (لا اله الا الله محمداً رسول الله) جب بيننا، فهم قبل الإسلام بآلاف السنين مشركين، وكفار مثلكم هم السابقون يجنون ثمار كفرهم ، وأنتم اللاحقون تحصحصون ثمرة كفركم مالم ان يمن الله عليكم بالإسلام ، فأنتم بني الأصفر ومن شاكلكم من فروخ اليهود والنصارى ، وبني صهيون وبني صفيون جنس واحد ملة ونحلة واحدة بعيدين عن التوحيد والدين الصحيح الذي ارتضاه الله لعباده الإسلام ” ان الدين عند الله الإسلام ” ، وبعيدين عن الإنسانية أيضا ، وبعد مماتهم وتحللهم إلى نفط . يحق لنا ولكم، ولكافة البشرية الانتفاع من تحللهم نفط. فضل يؤتيه الله لمن يشاء، والعاقبة للمتقين، والنفط من الأشياء التي صخرها الله للإنسان من أجل الانتفاع به في حياته اليومية، وإعمار الأرض بمقتضى الخلافة الربانية ليس أنتم من اوجد النفط أو مكتشفيه بل المسلمون قبلكم بدليل ان جله وعظمه في بلاد الإسلام، وكان ينزح من فوق الأرض، وينطف من صدعان جبالها، فلا تسأل عن أشياء أن تبدو لك تسوؤك. دام عزك ياوطن ودامت رموزك.

 

بقلم/ خالد بن حسن الرويس

12  نوفمبر 2023 م 

للاطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا ) 

زر الذهاب إلى الأعلى