الاحتراق الوظيفي: بين أعباء العمل وثقافة التوازن
في عالم تتسارع فيه وتيرة العمل وتزداد فيه الضغوط اليومية ، يعاني الكثير من الموظفين من حالة يُطلق عليها الاحتراق الوظيفي ، هذه الظاهرة التي أصبحت شائعة بشكل مقلق في بيئات العمل ، تُعرّف بأنها حالة من الإجهاد المزمن المرتبط بالعمل ، وتؤدي إلى الشعور بالإرهاق العاطفي والجسدي، وفقدان الدافعية وتراجع الإنتاجية ؛ حيث أن الاحتراق الوظيفي ليس مجرد حالة من التعب العابر، بل هو صرخة صامتة تحتاج إلى استجابة عاجلة تعيد التوازن إلى حياة الموظف المهنية والشخصية.
الاحتراق الوظيفي ينشأ من مجموعة معقدة من الأسباب التي تتداخل فيما بينها ، وعلى رأسها الضغط المستمر في العمل ، سواء بسبب ساعات العمل الطويلة أو كثافة المهام ، كما أن العديد من الموظفين يجدون أنفسهم عالقين بين تحقيق أهداف العمل المتزايدة وعدم وجود وقت كافٍ للاسترخاء أو الاستمتاع بالحياة الشخصية ، كما أن الجدير بالذكر أن الأعراض المرتبطة بالاحتراق الوظيفي ليست خفية، لكنها غالباً ما تُهمَل بسبب طبيعة الحياة المهنية السريعة ، حيث يبدأ الموظف بالشعور بالإرهاق المستمر، حتى بعد الحصول على قسط كافٍ من النوم ، ويفقد الحافز تجاه العمل الذي كان يشغفه في السابق، ويصبح التوجه إلى المكتب عبئاً ثقيلاً ، تتراجع على إثره الإنتاجية بشكل ملحوظ ، ويصبح التركيز صعباً ، أما على المستوى النفسي فيترافق الاحتراق الوظيفي مع مشاعر الإحباط والقلق المزمن ، مما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم أو الاكتئاب.
على الصعيد المحلي، أدركت المؤسسات في المملكة العربية السعودية أهمية التصدي لهذه الظاهرة وآثارها السلبية على الموظفين والإنتاجية ، وقد اتخذت العديد من الخطوات الجادة لتحسين بيئات العمل وتعزيز الصحة النفسية ، وقد تبنت العديد من المؤسسات برامج مرنة للعمل ، حيث تم تقليل ساعات العمل في بعض القطاعات ، وتوفير خيارات العمل عن بُعد ، هذه الخطوات ساعدت الموظفين على تحقيق توازن أفضل بين متطلبات العمل وحياتهم الشخصية ، كما أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مبادرات توعوية لتعزيز الوعي حول الصحة النفسية في بيئات العمل.
علاج الاحتراق الوظيفي ليس مهمة سهلة ، ولكنه ممكن من خلال خطوات متكاملة بين الموظف والإدارة ، فمن الضروري أن يدرك الموظف حاجته إلى التغيير وإعادة التوازن ، وأن يقوم بتخصيص وقت يومي للراحة والانخراط في أنشطة ترفيهية أو رياضية يمكن أن يساعد في تخفيف الضغوط ، والتحدث بصراحة مع الإدارة عن التحديات المهنية التي يواجهها الموظف يعد خطوة هامة لتعزيز التفاهم وإيجاد حلول عملية ، كما أن الدعم النفسي يعد من الأدوات الأساسية في العلاج ، سواء كان ذلك من خلال التحدث إلى مستشار نفسي متخصص أو عبر برامج الدعم النفسي التي توفرها بعض بيئات العمل .
في نهاية المطاف، الاحتراق الوظيفي ليس مجرد حالة طارئة يجب التعامل معها ، بل هو مؤشر على الحاجة إلى إعادة صياغة مفهوم العمل نفسه ؛ حيث أن العمل يجب أن يكون وسيلة لتحقيق الإنجاز والرضا ، وليس سبباً في الإرهاق وفقدان الشغف ، وبتضافر الجهود بين الأفراد والمؤسسات ، يمكننا خلق بيئات عمل داعمة ومستدامة تحفز على النجاح مع الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية ، مما يجعل الحياة المهنية رحلة إيجابية بدلاً من عبء ثقيل.
يد المحلي، أدركت المؤسسات في المملكة العربية السعودية أهمية التصدي لهذه الظاهرة وآثارها السلبية على الموظفين والإنتاجية ، وقد اتخذت العديد من الخطوات الجادة لتحسين بيئات العمل وتعزيز الصحة النفسية ، وقد تبنت العديد من المؤسسات برامج مرنة للعمل ، حيث تم تقليل ساعات العمل في بعض القطاعات ، وتوفير خيارات العمل عن بُعد ، هذه الخطوات ساعدت الموظفين على تحقيق توازن أفضل بين متطلبات العمل وحياتهم الشخصية ، كما أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مبادرات توعوية لتعزيز الوعي حول الصحة النفسية في بيئات العمل.
الكاتب / بندر محمود نواب