السعودية ومصر

منذ أن خلق الله البشرية لم تتوقف نزغات الشيطان في التحريض والتفريق وزرع الفتنة بين الإخوة والأقارب والأصدقاء، فيشعل الخلافات ويوغل الحقد في النفوس ويسرع بالقطيعة، معتمدا في ذلك على أعوانه الذين ينتشرون بين البشر كانتشار دراجات توصيل الطلبات في الشوارع حاليا، ولا يهنأ له بال إلا بإيقاع العداوة والبغضاء ليلا ونهارا سرا وجهارا.
ومع تقدم الزمن تنوعت أساليب الشيطان وكثر أتباعه من بعض الإنس الذين صاروا يقدمون له الخدمات المجانية بدافع الحقد والحسد والكره ضد كل ما يرونه ناجحا ومتآلفا ومترابطا ، فأصبحوا يندسون تحت أسماء مبهمة أحيانا كثيرة وصريحة أحيانا قليلة ويتقنون لهجة ومصطلحات أهل البلد الذي يريدون النيل منه ، فينبشون في مواضيع لاتسمن ولاتغني من جوع ويحاولون باستمرار تأجيجها واستفزاز الطرف الآخر عبر طرحها بأسلوب فج واستنقاص مكانة وتشكيك متعمد ، ليتلقفها بعد ذلك المندفعون وقليلو الخبرة والمعرفة ويتداولونها ويزيدون عليها بألفاظ جارحة وكلمات تفتقر الأدب والاحترام الإنساني ، وما يندى له الجبين في هذا الأمر هو انزلاق بعض الأسماء المعروفة من الطرفين في هذا المنزلق الخطر والتي من المفترض أن تكون هي صاحبة العقل والحكمة والتهدئة وتعداد المحاسن وليس اجترار الماضي ونبش الخفايا التي لا تزيد الطرفين إلا بعدا وفراقا وتشنجا مقيتا يسعى الشيطان إلى زيادته وترسيخه عبر أعوانه من الفرق والأحزاب .
إن ما يحدث من تراشق بين بعض الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي وما وصل إليه من مستوى مخيف ينذر بإيغار القلوب وشحن النفوس ضد كل طرف ، وهذا ما يريده أصحاب تلك الحسابات المزيفة التي تدعي حب الوطن وتتدثر بشعاره وأسماء أفراده بينما هي تدار من شبكات خارجية همها بث الفتنة والتفرقة والعداوة بين شعبين من أقوى وأطهر وأجمل الشعوب ، وليس الأمر مقتصرا على السعودية ومصر فحسب ، بل في كل فترة نرى ذات الأمر يتكرر بين دولة عربية وأخرى بنفس الأسلوب ، والمعول في مثل هذه الظروف أن يكون للعقلاء من الجانبين دور في ردم الهوة و وأد صغائر الخلاف وعدم الانجراف وراء ما يحاك لبلداننا من أعداء الأمة الذين يغيظهم نجاحنا وتقاربنا وكوننا على قلب رجل واحد .
نعم هناك حالات من الجانبين تستوجب الوقوف عندها والتعامل معها بكل حزم وردع لأنها أساس تأجيج الخلاف، إلا أنها مهما أرعدت وأزبدت فتبقى حالات فردية يجب ألا يؤخذ غيرها بجريرتها ويعمم ذنبها على جميع أفراد جنسيتها، فالسعودية ومصر كانتا وما تزالان وستبقيان دولا عظمى لا تؤثر فيهما زوبعة عابرة ودسائس ماكرة تحاول الاصطياد في مياه عكرة.
الخاتمة:
السعودية ومصر عينان في رأس شئتم أو أبيتم .
بقلم / خالد النويس
الخميس 10 إبريل 2025 م
للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )