محليات

السطو على الأراضي تحت جنح الظلام

3

صراحه-متابعات: هتفت «معتوقة» بحرقة وهي تنثر على الأرض أوراقها القديمة، حرروا أرضي وأرض أجدادي من تعديات الغرباء.. هذه الاستغاثة أطلقتها المواطنة معتوقة ناصر العبدلي، التي دمعت عيناها وهي ترى أرضها الواقعة على «طريق الخواجات» تحولت لعشوائيات يقطنها غرباء.. هذه حالة من عشرات الحالات المماثلة التي أفرزتها ظاهرة التعديات وأبطالها لصوص أو «هوامير» الأراضي،   نفتح هذا الملف الشائك وتناقش المسؤولين والمواطنين المتضررين. وتروي معتوقة معاناتها والألم يعتصر قلبها بالقول «أملك قطعة أرض كبيرة على طريق الخواجات والمعروف بـ«الجميزة» وتوارثناها أبا عن جد ونمتلك عليها وثائق تاريخية (عثماني)، وحاولنا الحصول على صك شرعي يثبت ملكيتنا لها ولم نتمكن لأسباب عدة أبرزها توقف إصدار الصكوك، وكنت أتفقد الأرض بين فترة وأخرى، إلا أن مرض ابنتي بالسرطان قبل عامين ووفاتها، وتعرض ابني الكبير عبدالمعين (26 عاما) لحادث مروري أنساني موضوع الأرض».

وأردفت «قبل ثلاثة أشهر زرت الموقع للتأكد من سلامته من أي تعديات فكانت الصاعقة المدوية، الأرض بمساحتها الكبيرة تحولت لمنطقة عشوائية تمتد فيها المنازل المستحدثة، حيث تحول المكان إلى بؤر لمساكن عشوائية بعد هدم وازالة أحياء النكاسة».
وزادت «على الجهات المعنية التحرك لحماية أرضي ووضع حد لمثل هذه التعديات والمخالفات على أملاك الغير، حيث اغتصب غرباء أملاكي التي ورثتها عن أبي وجدي، وقد تواصلت مع عدة جهات لكنها رفضت التحرك بحجة أن دورهم يكمن في الدفاع عن أي تعد على أرض مملوكة بصك، علما أن هذه الأرض تعود ملكيتها لنا منذ سنوات طويلة ويشهد على ذلك الناس وشيوخ القبيلة».
تنامي الظاهرة
حررت لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات وأمانة العاصمة المقدسة نحو 34 مليون متر مربع من الأراضي الحكومية والبيضاء التي وقعت تحت أيادي «هوامير» العشوائيات.. ففي جنح الظلام، وتحت سقف مكاتب من الزنك متنقلة تعقد صفقات الوهم، بنودها «نحميك من كل معتد إلا الحكومة»، وأباطرة تلك الصفقات «سماسرة الأراضي البيضاء» والضحية بسطاء من ذوي الدخل المحدود. تلك تفاصيل قضية المتاجرة بالعشوائيات التي استشرت في أطراف مكة المكرمة وتنامت حتى تحولت لظاهرة باتت تؤرق الجهات الحكومية المعنية التي تتحرك بين الفينة والأخرى لإزالة التعديات وحماية مواقع من سطوة المعتدين عليها.
لجنة التعديات وحماية الأراضي في إمارة مكة المكرمة حررت ووفقا لرئيسها ناصر النفيعي نحو 19 مليون متر مربع من تعديات كانت تكتم أنفاسها، فيما رفعت اللجنة تقرير سريا لإمارة المنطقة وضعت فيه قائمة سوداء لقرابة 13 شخصية معروفة بينهم رجال أعمال ومسؤولون سابقون وجميعهم يقفون وراء هذه التجارة المشبوهة بعد أن تكررت أسماؤهم في عدة مواقع باعتبارهم سماسرة العشوائيات.
تطوير العشوائيات
وكشف   رئيس لجنة التعديات بمكة المكرمة ناصر النفيعي، أن اللجنة أزالت خلال الأشهر الماضية مواقع كثيرة خارج النطاق العمراني، مبينا ان معظم التعديات التي تباشرها اللجنة الان هي اعتداءات على أراض حكومية وأراضي مواطنين من قبل عشوائيين بشكل مريب جدا وتنامت مع ازالة نحو 28 ألف منزل لصالح مشاريع التطوير ونحن لهم بالمرصاد. وقال «نحن في سباق مع العشوائيات واللجنة ينقصها الدعم المناسب من معدات وقوة بشرية خاصة أن المناطق المعتدى عليها كبيرة وشاسعة».
وذكر ان المناطق التي تتركز فيها الاعتداءات مناطق كبيرة وشاسعة وتحتاج إلى تواجد اللجان الفرعية باستمرار بمعداتها وبقوتها الأمنية، حتى لا يعيد المعتدي الكرة بعد الإزالة ومغادرة اللجنة، مشيرا إلى أن اللجنة تشرف على جميع المناطق ما عدا المناطق داخل النطاق العمراني من حدودنا مع السيل الكبير، وصولا إلى مركز الشعيبة مرورا بمراكز البراكة البيضاء، وادي نعمان، بئر الغنم، وجزء من منطقة عمق. وقال: تفهم المواطن في الآونة الوضع، وأدرك أن العشوائيات تضر باقتصاد البلد وتشوه المنظر الحضاري خاصة في منطقة مكة المكرمة التي تستقبل ضيوف الرحمن من جميع أنحاء العالم.
وختم النفيعي بالقول «منظر التعديات يسيء لنا كمواطنين قبل أن يسيء للدولة، وهناك حالات شاذة تتمثل في اعتراضات بعض المواطنين على عمل لجان التعديات، وعلى هؤلاء تفهم دور اللجنة وأن العشوائيات تضر بالمنطقة».
تحرير التعديات
من جهة ثانية، كشف   أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار، عن تحرير البلديات الفرعية ومراقبيها تعديات داخل النطاق العمراني تقدر بنحو 15 مليون متر مربع في الفترة الماضية، وقال «جهودنا لم تتوقف عن منع أي تعديات جديدة أو مستحدثة والمراقبة على مدار اليوم، كما نراقب بالمصورات الفضائية».
من جهته، صنف رئيس اللجنة العقارية في مكة المكرمة منصور أبورياش العشوائيات والتعديات في أطراف مكة المكرمة بثلاث فئات، وقال: الفئة الأولى هي عشوائيات المنطقة المركزية وهي عشوائيات مغرية جدا وذات جدوى اقتصادية عالية، وتكون عادة محل أنظار المستثمرين من أصحاب الأموال، وأجدى تسليمها إلى شركات تطوير تعمل على إعادة تنظيمها واستثمارها وفق الأطر العمرانية المتوافقة مع المخطط الشامل المعتمد حيث تفتح الطرق الإشعاعية الطولية والعرضية بها ويعاد تنظيمها بحيث تكون أماكن جاذبة للاستثمار وحضارية ولا تكون بؤرا للجريمة، فتنظيمها سيقضي على الجريمة ويعزز الناحية الأمنية فيها.
أما الفئة الثانية من تلك العشوائيات فهي مناطق العشوائيات الطرفية التي يقصد بها العمق الثاني في مكة المكرمة والتي تقع خارج حدود المركزية وتعتبر في واقع الأمر مناطق معقدة تمثل بؤرا للجريمة، ويمكن وصفها بالأماكن الفقيرة وليس المقصود بذلك الإساءة إلى قاطنيها ولكن واقعها الديموغرافي والاجتماعي جعلها كذلك، وهذه تقع مسؤوليات تطويرها أولا وأخيرا على عاتق أمانة العاصمة المقدسة ووزارة الشؤون البلدية والقروية، وتحتاج هذه المناطق إلى تنظيم جزئي بمعنى فتح الطرق العاجلة فيها، وكذلك معالجة المباني السكنية معالجة موضوعية بحيث يسمح فيها بنظام تعدد الأدوار وربطه بالارتدادات التنظيمية بمعنى ان يسمح لملاك المباني بإعادة البناء مع منح تسهيلات لهم بدلا من التعويضات المالية. ومن تلك الأماكن حارة السلمان، وادي جليل، جبل النور، حارة الصبوح، البحيرات، المسلفة والنكاسة وغيرها.
أما الفئة الثالثة من العشوائيات، فهي المناطق الحديثة الإنشاء خارج نطاق مكة المكرمة العمراني والتي توصف دوما بالتعديات. ويضيف «بعد إيقاف صكوك الاستحكامات استشرت هذه المناطق والسبب معروف للجميع، غلاء عقارات مكة المكرمة، لكن ظل سلطان الإزالة يهدد تلك المناطق، لذا نتأمل من المخطط الشامل معالجة ذلك من خلال تمليك الناس تلك المواقع وتحويل وثائقها إلى صكوك باعتبارها منحا سكنية وإيصال الخدمات لها، والخطوة الأهم قبل ذلك هو إعادة إعداد مصورات جوية لمكة المكرمة وإعطاء فرصة جديدة مع هذه الخطوة».
ظاهرة مألوفة
وباتت التعديات على الأراضي البيضاء والحكومية في منطقة عسير ظاهرة مألوفة ومعاناة كبيرة لدى لجان التعديات المشكلة من عدة دوائر حكومية في المنطقة، خاصة أن الكثير من المواطنين يشرعون في استحداث العقوم الترابية والأحواش والمنازل في تحد واضح لتعليمات وزارة الداخلية ولجنة التعديات عموما، تحت ذريعة التملك السريع بعيدا عن الرقابة ومتابعة الجهات الحكومية ذات العلاقة.
ويستغل هؤلاء المخالفون جناح الظلام والاجازة الحكومية في القيام بهذه المخالفات بطرق عشوائية على مجاري السيول والأودية بطرق عشوائية لا تخلو من التحايل، واصبحت ظاهرة التعدي على الاراضي البيضاء والحكومية في مختلف المناطق في عسير ظاهر تؤرق الكثير من اللجان والجهات الحكومية لمحاربة هذه الظاهرة لما لها من دور في سلبي في مشاريع التنمية والمنح.
وأوضح أمين أمانة منطقة عسير المهندس ابراهيم الخليل، ان جهاز الامانة يحارب ظاهرة التعديات في المخططات والقرى والأحياء بكافة صورها، باعتبارها ظاهرة سلبية تقف عائقا أمام الكثير من المشاريع التنموية وتؤثر على انتعاش ودفع عجلة التنمية في المنطقة. ويضيف «جهاز الأمانة والبلديات مسؤولة عن تخطيط الأراضي والاشراف على توزيعها كمنح للمواطنين أو تخصيصها للمنشآت الحكومية الخدمية التي تخدم المواطن بشكل او آخر، ولا بد من التخطيط السليم للمخططات السكنية في المدن والقرى والهجر».
وأردف الخليل «هذه التعديات تقف عائقا أمام الكثير من المشاريع التنموية، لذلك فإن التعديات المستحدثة بطرق مخالفة لنظام وتعليمات وزارة الشؤون القروية والبلدية تتم إزالتها».
وبين أمين منطقة عسير، أن الأمانة تعمل مع جهات حكومية أخرى على محاربة التعديات على الأراضي البيضاء والحكومية بعد إجراء التحريات اللازمة ومن ثم إزالتها في حال إبراز مستحدثي التعديات المستندات والصكوك التي تثبت ملكيتهم لهذه الأراضي وتلك الإحداثيات غير النظامية.
تعليمات صارمة
وأضاف «هناك تعليمات صريحة وصارمة بهذا الخصوص، ويتم التعامل مع هذه الإحداثات حسب ما تقتضيه المصلحة العامة بعد استصدار الأمر من قبل أمير المنطقة بالإزالة من قبل لجان مشكلة من الإمارة، الشرطة، الهيئة والأمانة حسب ما تقتضيه الحاجة فالكثير من اصحاب هذه الإحداثات يرفض تنفيذ امر الازالة الا بالقوة الجبرية ويقف هو واسرته عائقا برفضه الخروج من تلك المنازل او الاحواش المهجورة الا بسلطة قوات الأمن. ونحن نعمل جاهدين في جهاز الامانة بالتضافر مع الجهات ذات العلاقة من الأجهزة الحكومية على إزالة كل تعد وإحداث مخالف يقف عائقا وحجرة عثرة أمام التنمية في عسير ولكنها ظاهر للأسف غير صحية يمارسها الكثير من المواطنين رغبة في التملك غير النظامي للأراضي ضد أملاك الدولة من الأراضي وهي منتشرة في مواقع متعددة في المدن والقرى والهجر يجنح اليها الكثير بعيدا عن رقابة ومتابعة البلديات وإمارات المحافظات والمناطق.
ولكننا في أمانة عسير نعمل جاهدين على متابعة كل أحداث ونعمل على تكثيف الجهود في البلديات لأجل محاربة هذه الظاهرة ويأتي دور لجان التعديات لدى إمارة المنطقة مدعما لأعمال الإزالة واستصدار أمر سمو أمير المنطقة للقضاء على هذه الظاهرة».
500 تعدٍّ
وكشف مصدر مسؤول في لجنة التعديات على الاراضي الحكومية في المنطقة الشرقية، ان اللجنة تزاول عمالها بشكل يومي في إزالة التعديات على الأراضي الحكومية وخاصة اراضي الإدارات الخدمية، والمعدة لتنفيذ مشاريع خدمية تهم المواطنين، مشيرا إلى أن اللجنة ترصد كافة التجاوزات التي يقوم بها الافراد أو حتى الشركات ويتم اتخاذ اللازم حيالها، موضحا أن اللجنة قامت خلال الأسابيع الماضية بإزالة تعديات كثيرة على امتداد طريق الرياض، وكذلك على أراض حكومية في طريق الدمام/المطار وتمت إزالة جميع هذه التعديات، التي تجاوزت الـ500 تعد في الفترة الماضية.
وكانت لجنة إزالة التعديات بمحافظة النعيرية تعرضت قبل عدة أيام لاعتراضات أثناء إزالتها لتعديات في مركز شفية على بعد ١٣٠ كلم جنوب محافظة النعيرية، بعد أن تصدى مواطنان للجنة وحاولا إيقاف معدات الإزالة وقامت الدوريات الأمنية بالتدخل وايقافهما.
وبين   رئيس لجنة التعديات بمحافظة النعيرية بندر منصور السبيعي، أن اللجنة باشرت مؤخرا إزالة تعديات على أراض حكومية في مركز شفية وعرج، ويضيف «أزلنا عدة شبوك مستحدثة في مواقع برية ورعوية في شفية وما زالت اللجنة مستمرة بالإزالة، حتى الانتهاء من كافة التعديات».
وأضاف «المعتدون لا يملكون مستمسكا شرعيا أو نظاميا على هذه المواقع، وشرعوا في استحداث شبوك شائكة بقصد الاستيلاء ووضع اليد، وعندما طلب منهم إبراز الصكوك الشرعية لم يقدموا ما يثبت تملكهم لها، ونحن من جانبنا ننفذ النظام الذي يقضي بالمحافظة على الاراضي الحكومية، حيث أزلنا هذه التعديات بتوجيهات من محافظ النعيرية ناصر بن جاسر الماضي، ولجنة مراقبة الاراضي الحكومية وإزالة التعديات بمحافظة النعيرية تضم في عضويتها مندوبا من المحافظة، البلدية، الزراعة والشرطة».
وأوضح عدد من المواطنين أنهم يلجأون إلى تملك المساكن بطريقة غير نظامية أو البناء في أماكن مملوكة للغير بعد أن ضاقت بهم السبل، وعجزوا عن الوفاء بمبالغ الإيجارات فضلا عن اليأس من الأخبار التي تشير إلى منح السكن للمواطنين، وقال فهد الجهني إنه ابتاع منزلا قبل فترة في أحد أحياء شرق الخط السريع عبر ورقة مبايعة لا تحمل أية صبغة رسمية، ويضيف «دفعني إلى سلك هذا المسلك محدودية الدخل وضيق ذات اليد وارتفاع الإيجارات».
أما صالح الحربي فيقول «حاولت شراء قطعة أرض في منطقة في أطراف جدة، وعندما اكتشفت عدم نظاميتها تخوفت من العاقبة المترتبة على مخالفتي للنظام فتركتها»، مشيرا إلى أن كثيرا من الناس يتداولون أخبار هذه الأراضي نظرا لرخص أسعارها وبالتالي يقدمون على شرائها وبيعها لآخرين أو بناء مساكن لهم فيها دون خشية من عواقب أفعالهم الخاطئة، في حين أوضح مجحود الزهراني أن هناك من يلجأ إلى التعديات من أجل النصب والاحتيال على المواطنين، عبر تقسيم الأرض والحصول على ورقة من شهود من زملائه الآخرين من أجل بيعها على الغافلين بسعر زهيد ومن ثم يلوذ بالفرار، مؤكدا أن هناك تعاونا بين المتعدين لاستغلال الأراضي وبيعها أو محاولة تملكها خصوصا تلك الأراضي الموجودة في القرى.
إلى ذلك، قال عضو مجلس الشورى رئيس فرع جمعية حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة الدكتور سليمان الزايدي، إن منح المواطنين السكن سينهي هذه المشكلات والتجاوزات الناتجة عن ضيق ذات اليد والحيلة، ويضيف «ننتظر من وزارة الاسكان الشيء الكثير لكن حتى الان ما زالت مشاريعها متأخرة»، مشيرا إلى أن إزالة التعديات لا بد أن تكون وفق نظام أو حكم قضائي، نافيا أن يكون قد تقدم لهم أحد من المواطنين بشكوى في هذا الخصوص، مؤكدا في نفس الوقت أن الاعتداء على الأراضي الحكومية لا يجوز، ولا ينبغي كذلك أن يضطر المواطنون إلى التحايل.
التثمين العقاري
بدوره أكد رئيس لجنة التثمين العقاري والمزادات في الغرفة التجارية الصناعية في جدة عبدالله الأحمري انحسار حالات التعديات خلال عامي 2012 و2013 وذلك بعد الإعلان عن إعطاء المواطن أرضا وقرضا حيث اشترط ألا يكون للمواطن مسكن أو عداد كهرباء وهذا الأمر حد كثيرا من هذه المشكلة.
وقال «وجد الكثيرون وخاصة في المناطق العشوائية الواقعة شرق الخط السريع وجنوب جدة وهم من الشريحة التي لا تمتلك منازل في ظل محدودية الدخل والارتفاع الباهظ في أسعار الاراضي، من يبيعهم أراضي دون صكوك وبأسعار في متناول الجميع حيث تراوح ما بين 50 إلى 100 ألف ريال، وهذه المخططات بها شوارع ويأملون أن يحوزوا صكوكا على هذه المساكن».
لصوص الأراضي
وفي ما يتعلق بلصوص الأراضي، قال الأحمري «هؤلاء اللصوص الذين يحددون أراضي كبيرة شاسعة ثم يبيعونها على البسطاء باستغلال وثيقة توقع بين الطرفين ولا تحمي مالكها من أي تبعات لأنها قد تتعرض للإزالة بين يوم وليلة، ولكنهم يأخذون الوثائق من البائع على اعتبار أنه سيحميهم من كل شيء ما عدا الأجهزة الحكومية وصاحب الصك الشرعي».
وأضاف «تمت ازالة بعض التعديات التي اعترضت مشاريع للدولة في المنطقة، مع مراعاة من لا يملك مسكن وحولت الارض لمشاريع المنفعة العامة ومنحت المواطنين مساحة 625 متر2 منحة من الدولة إلى جانب تعويضات عن الأرض والأنقاض ليستطيع المواطنون تدبير مسكن آخر بالمبالغ التي بحوزتهم، وهم شريحة جديرة بالاهتمام واعتقد أنهم لم يغيبوا عن اهتمام المسؤولين».
وزاد «لاحظنا خلال هذه الفترة الوجيزة وبالتحديد في الأسبوعين التاليين لصدور قرار مجلس الوزراء بدعم استحقاق الإسكان الذي وافق عليه المجلس والمؤتمر الصحفي الذي اعلنه وزير الإسكان والتنظيم لمشاريع الإسكان والدعم السكني وآلية الاستحقاق التي رسمت خارطة طريق للعقارات في المملكة واعادت هيكلتها، اصحاب العقار ومن يبالغون في أسعاره يعيدون حساباتهم لأن مشاريع الإسكان أصبحت حقيقة ملموسة على الأرض لا قرارات حبيسة الادراج».
حالة ترقب
وأضاف «بين الوزير ان المواطنين سيستلمون الدفعة الاولى التي تنطبق عليها الشروط خلال شهر شعبان من العام الماضي، واعتقد أنه شيء يبشر بالخير حيث بدأت الأسعار في الانخفاض لأنها كانت في العامين الماضيين في حالة ترقب، والفيصل الوحيد في ذلك هو العرض والطلب، فلما لم يحصل هناك طلب من المواطنين بحكم أن الشريحة المحتاجة للسكن أكثر من 60% من المواطنين، ولكن بعد هذه الآليات سواء ما يتعلق بالأرض والقرض أو القرض الاضافي أو الرهن التأجيري أو العقاري فإن كل ما سبق وغيره فتح آفاقا كبيرة، ولم يعد لدينا بعد اليوم أي مبرر لارتفاعات الاسعار الجنونية رغم أنه لا يوجد في السابق أزمة سكن وإنما أزمة أسعار فمساحة المملكة شاسعة وهذه الحقيقة حيث كانت الإشكالية تكمن في أزمة الأسعار وكذلك التنظيم التشريعي».
وأردف «لدينا فئة من المواطنين ترعاهم الشؤون الاجتماعية يتقاضون مرتبات من الضمان بمبلغ لا يفي في إيجاد غذاء ودواء وكساء لهم، وهذه مسؤولية الدولة ويجب ان تضع وزارة الإسكان آلية لاستحصال رسوم على الأراضي الكبيرة المتروكة في النطاق العمراني وكانت عائقا دون تطويرها وبنائها ودخولها ضمن نطاق الاستفادة منها، وكان الأفضل بناء مساكن للفقراء عليها لحل المشكلة من جذورها، لافتا إلى أنه لم يعد لدينا تعديات بشكل كبير في ظل التقنيات الحديثة ووسائل المراقبة المتطورة بواسطة الكاميرات الحرارية أو المتابعة الآلية من قبل البلديات».
جزاءات وعقوبات
وأكد عضو مجلس الشورى المهندس محمد النقادي، وجود نظام يوقع الجزاءات والعقوبات بالمعتدين على الأراضي الحكومية يسهم بشكل كبير وفاعل في التخفيف من المشكلة، خصوصا إذا ما تم تطبيقه بشكل صحيح، لافتا إلى أن هذا الأمر لا يعني وجود فراغ تنظيمي في السابق وإنما تطويره بشكل أفضل من السابق.
تعطيل المشروعات
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أن التعديات على الأراضي الحكومية من أكبر عوائق التنمية وخاصة البنية السكانية وللأسف الشديد أن هذه التعديات باتت منتشرة في جميع المناطق، وهذا يشكل تهديدا خطيرا للتنمية بأنواعها بل إن بعض المشروعات الحكومية المهمة تعطلت بأسباب مرتبطة بالتعديات، وأكثر من ذلك ان تتحول هذه التعديات مع مرور الوقت الى أمر واقع فتضطر الحكومة ان تعوض من وضع يده على هذه التعديات بطريقة غير مشروعة وهنا تكون الكارثة لذا أعتقد ان عملية التعديات يجب ان يوضع لها حل بالقانون وأن يوقف ما يطلق «الإحياء» او نحو ذلك الا بأمر ولي الامر ويمنع ما دون ذلك وإن شيدت القلاع الضخمة على هذه الاراضي التي تم التعدي عليها من قبل الآخرين.
المعالجة بالإحلال
وبين أن المتعدين على الأراضي ليسوا من ذوي الدخل المحدود او من يبحثون على الأراضي الا في حالة، وهي المناطق العشوائية وهذه مختلفة تماما عن التعديات الاخرى فالمناطق العشوائية تتحمل الامانات مسؤولية ظهورها ووجود تجمعات سكنية عليها بطريقة غير نظامية ومعالجة هذه المشكلة لا تتم إلا من خلال الاحلال واعني بذلك ان تقوم الحكومة ببناء مجمعات سكانية تقوم بإحلال هؤلاء القائمين على المناطق العشوائية في هذه المنطقة، وهذه الطريقة المثلى للمعالجة.
وأضاف «تخسر وزارة الإسكان حاليا، مناطق شاسعة كان من الممكن أن تحولها إلى أراض سكنية بسبب التعديات الكبرى عليها وتحصل احيانا تداعيات قضائية تستغرق عقودا قبل ان تحل وهذه من معطلات التنمية، لذلك لا بد أن يكون هناك قرار حازم وصارم وسريع من ولي الامر لنقض هذه التعديات بأمر ولي الامر دون الرجوع للجهات القضائية على اساس أن ما بني على باطل فهو باطل وطالما أن الأمر مرتبط بالتعديات فهذه التعديات يفترض أن تكون مخالفة للقانون، ويجب أن يصدر فيها قرار لا أن يترافع المتعدي والمتعدى عليه (الحكومة) أمام القضاء.

(عكاظ)

زر الذهاب إلى الأعلى