دورية الجيران
يتميز المجتمع الخليجي بشكل عام والسعودي بشكل خاص بالترابط والتكاتف والتزاور بين أفراده وعائلاته سواء جمعتهم القرابة أو الصداقة أو المجاورة، وهذه الميزة موجودة وباقية حتى وقتنا الحاضر في بعض الأحياء في المناطق الكبرى، إلا أنها آخذة في التراجع بنسبة عالية ومقلقة في السنوات الأخيرة.
لقد أصبحت قصص الترابط والتزاور بين الجيران في هذا الزمن مثيرة للاستغراب وأشبه بقصص تراثية من الماضي ، وبلا شك فإن لذلك أسباب متعددة وقد يكون بعضها منطقيا نوعا ما ، إلا أنها ليست مبررا حقيقيا لتركها وعدم الاهتمام بها ، ومن ذلك كثرة مشاغل الحياة في الزمن الحالي مقارنة بالزمن السابق ، وكذلك توجس البعض من مخالطة الجيران الذين يأتون من أماكن أخرى أو من بيئات مختلفة ، ومنها أيضا الرغبة في عدم الاحتكاك بالمجاورين والاكتفاء بإلقاء السلام أثناء مصادفتهم ، إلى غير ذلك من الأسباب التي أفقدت المجتمع المحلي صبغة تميزه عن بقية المجتمعات في العالم ، وكما يقال : ( لو خليت خربت ) فإن دورية الجيران ماتزال حاضرة في بعض الأحياء التي يحرص ساكنوها على إحياء هذه العادة الجميلة رغبة في التعارف وتقوية الأواصر دون أي كلفة أو بهرجة أو تقييد ، رغم بعض الصعوبات والانشغالات التي يواجهونها في طريق استمراريتهم .
ومن المؤكد أن هذه العادة قد تفوق فيها النساء على الرجال وأصبحت (قهوة المغربية) عرفا سائدا بينهن منذ أزمان بعيدة وحتى اليوم، بل إن هذه العادة قد وطدت العلاقة بينهن فصرن يتزاورن حتى في أوقات الليل من ليالي رمضان أو الإجازات الطويلة، ليعكسن بذلك صورة من صور التلاحم والترابط بين أفراد الحي الواحد والتي افتقدناها في عصرنا الحاضر.
الخاتمة:
متى كانت آخر دورية للجيران في حيكم؟
بقلم / خالد النويس
الجمعة 13 سبتمبر 2024.
للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )