محليات

سعود الفيصل: أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المملكة والخليج والأمن العربي

2015-03-31_032333

 

صراحة – واس : أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن المملكة لم تدخر جهداً مع أشقائها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأطراف الدولية الفاعلة، في العمل المخلص الجاد بغية الوصول للحل السلمي لدحر المؤامرة على اليمن الشقيق، وحل مشاكله والعودة إلى مرحلة البناء والنماء بدلاً من سفك الدماء، مؤكداً سموه استمرار عاصفة الحزم للدفاع عن الشرعية في اليمن حتى تحقق أهدافها ويعود اليمن آمناً مستقراً وموحداً.
جاء ذلك في كلمة لسمو وزير الخارجية لدى حضوره جلسة مجلس الشورى العادية السادسة والعشرين التي عقدها المجلس اليوم الثلاثاء برئاسة معالي رئيس المجلس الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ, وذلك بناءً على طلب من المجلس.
وقال سمو الأمير سعود الفيصل: إن ميليشيا الحوثي وأعوان الرئيس السابق – وبدعم إيران – أبت إلا وأن تعبث في اليمن، وتعيد خلط الأوراق وتسلب الإرادة اليمنية، وتنقلب على الشرعية الدستورية, وترفض كل الحلول السلمية تحت قوة السلاح المنهوب، في سياسة جرفت اليمن إلى فتن عظيمة وتنذر بمخاطر لا تحمد عقباها.

وأضاف سمو وزير الخارجية ” إننا لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها، وأمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المملكة والخليج والأمن القومي العربي. فكيف إذا جاءت الاستغاثة من بلد جار وشعب مكلوم، وقيادة شرعية ، تستنجد وقف العبث بمقدرات اليمن، وتروم الحفاظ على شرعيته ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية واستقلاله وسيادته. ومن هذا المنطق حظي التحالف للدفاع عن الشرعية في اليمن، بمباركة واسعة وتأييد شامل من لدن أمتنا العربية والإسلامية والعالم .”
ووصف سموه الوضع في سوريا بالمأساة التي تجاوزت كل المطامع السياسية ومراميها ، وقال ” لقد فاقت المأساة السورية كل حدود، وأصبحت وصمة عار في جبين كل متخاذل عن نصرة هذا الشعب المنكوب. فالقتلى يكاد يصل عددهم إلى نصف مليون شاملاً القتلى غير المعلن عنهم ، ومهجرين ولاجئين يفوق عددهم 11 مليون شخص.
وقال سموه : إننا أمام مأساة مريعة تجاوزت كل المطامع السياسية ومراميها، فهناك كارثة إنسانية لم يشهد لها مثيل في تاريخنا المعاصر، وضحيتها – وللأسف الشديد – بلد عربي عزيز، تدمر بنيته ويذبح شعبه بلا هوادة ولا لين بيد آثمة من المفترض أن تحميه وتحفظ مصالحة. “.
وأضاف سمو وزير الخارجية: إن المملكة العربية السعودية التي تستشعر حجم آلام ومعاناة الشعب السوري ، تقف قيادةً وشعباً خلف كل جهد ممكن في سبيل إحياء الضمير العربي والدولي لوضع حد لهذه الكارثة الإنسانية، وذلك عبر الدفع بالحل القائم على مبادئ إعلان (جنيف 1), الذي يقضي بتشكيل هيئة انتقالية للحكم بصلاحيات سياسية وأمنية وعسكرية واسعة، لا يكون للأسد ومن تلطخت أيديهم بدماء السوريين أي دور فيها، مع السعي نحو تحقيق التوازن العسكري على الأرض لإرغام سفاح دمشق للاستجابة للحل السلمي في ظل إصراره على الحسم العسكري الذي دمر البلاد وشرد العباد. وحتى يعود السلام لهذا الجزء الغالي من أمتنا العربية ويشيد أبناءها عز دمشق، وعز الشرق أوله دمشق.

وعن العراق قال سمو وزير الخارجية ” لقد قاست بغداد الأمرين على أيدي زمرة من أبنائها مدفوعين من قِبَلِ أطراف خارجية تلهث من أجل إشاعة الفتنة والفرقة والتناحر، ولا تكف عن ارتكاب الجرائم وبث الكراهية, وغرس الحقد في عاصمة الرشيد وملتقى الحضارات، والتي كانت تشكل في وقت من الأوقات حديقة غناء يفوح عبيرها بعبق التنوع وثراء التعددية، ليس فقط في موطننا العربي، بل وفي العالم بأسره وعلى مدى قرون طوال.
وأعرب سموه عن تفاؤله بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وما أعلنته عن عزمها وتصميمها على إعادة بناء العراق على أسس وطنية وبمساهمة من جميع العراقيين بكافة مكوناتهم دون إقصاء لمذهب أو طائفة أو عرق ، إضافة إلى تعهدها بالقضاء على الإرهاب أيا كانت مسمياته. وإزالة كل مظاهر الميليشيات المسلحة.
وأضاف سموه: لقد حظي هذا التوجه الإيجابي بتأييدنا التام، حيث أنعكس على السعي نحو تطوير العلاقة والشروع في إعادة فتح سفارة المملكة في بغداد، إضافة إلى المشاركة الفعالة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الارهابي في العراق والشام.
وفيما يخص ملف العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية قال الأمير سعود الفيصل ” كنا نتوقع عن قيام الثورة الإيرانية التي سرنا أن تطلق على نفسها الإسلامية, وتوقعنا أن تكون نصيراً لقضايانا العربية والإسلامية, وعوناً لنا في خدمة الأمة الإسلامية, وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة, إلا أننا فوجئنا بسياسة تصدير الثورة, وزعزعة الأمن والسلم والتدخل السافر في شؤون دول المنطقة, وإثارة الفتن والشقاق بين أبناء العقيدة الواحدة, هذا التوجه أثار لدينا العديد من التساؤلات حول ماهية المصلحة التي ستجنيها إيران من تقسيم العالم العربي والإسلامي، ومحاولات الدفع بهما إلى الهاوية التي لا صعود منها.
وأضاف سموه: إننا اليوم لن ندين إيران أو نبرأها من الاتهامات الملقاة على عاتقها، ولكننا سنختبر نواياها، بأن نمد لها أيدينا كبلد جارة مسلمة ، لفتح صفحة جديدة ، وإذا كان لنا أن نعتبر إيران بلد حضارة – ونحن نعتبرها وشعبها كذلك – ، فإن واجبها يحتم عليها أن تكون بانية حضارة ترتقي بالأمن والسلم في المنطقة لا تزعزعه. كما أنها كبلد مسلم، فإن كتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم يفرض عليها خدمة قضايانا الإسلامية لا تشتيتها وتفريقها، وعلى إيران أن تدرك أن دعوة التضامن الإسلامي وجدت لتبقى، وستبقى بمشيئة الله تعالى. والأجدى لإيران أن تشارك في هذا التوجه بدلا مما تسميه بتصدير الثورة. ”
وعن الملف النووي الإيراني طالب سموه دول (5+1) بأن تسعى أولا لتحقيق التوافق بين إيران والدول العربية، بدلاً من الالتفاف على مصالح دول المنطقة لإغراء إيران بمكاسب لا يمكن أن تجنيها إلا إذا تعاونت مع دول المنطقة.

وقال سموه: إن الملف النووي الإيراني يظل أحد الهواجس الأمنية الشديدة الخطورة على أمن المنطقة وسلامتها، والتاريخ يشهد أنه لم يدخل سلاح في المنطقة إلا وجرى استخدامه. من هذا المنطلق دعمنا دائما الحل السلمي القائم على ضمان حق إيران ودول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها. وبما ينسجم مع قرار الجامعة العربية الرامي إلى جعل منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي .
وبين سموه أن المملكة تدعو لتوسيع مهام التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في العراق والشام، مع الاستمرار في دعوتها نحو توسيع هذا التحالف ليصبح بمثابة الشرطة الدولية لمحاربة كافة التنظيمات الإرهابية دون استثناء وفي أي مكان وجدت. أخذاً في الاعتبار أن المواجهة الفكرية للإرهاب لا تقل أهمية عن مواجهته أمنياً ، وكذلك قطع كل سبل التمويل عنه ، باعتباره أحد أكبر المخاطر التي باتت تواجه العالم، وتهدد الأمن والسلم الدوليين ، حيث يتمدد في العالم بكافة أشكاله وصوره وتعدد مصادره، واختلاف الجهات التي تقف وراءه.
وقال ” لست هنا بمعرض الحديث عن الجهود الداخلية لحكومة المملكة – وهي واضحة لكم – في ظل ما حققته من نتائج إيجابية في محاربة الإرهاب أمنيا وفكريا وتمويليا، ونجحت ولله الحمد في القضاء استباقياً على التنظيمات الإرهابية على أرضها. إلا أن إدراك المملكة لعالمية ظاهرة الإرهاب كثف من جهودها على الساحتين الإقليمية والعالمية لتكريس التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وفق استراتيجية واضحة، بأهداف محددة، وإمكانات مؤثرة ، والتصدي له بروح جماعية تقي العالم من شروره وتقتلعه من جذوره. ولترجمة هذه الرؤية شرعت المملكة في تحركها منذ وقت مبكر ، وتحديداً في العام 1425هـ عندما استضافت الرياض أول مؤتمر عالمي لمكافحة الإرهاب وعلى مستوى المتخصصين الأمنيين، استتبع ذلك إنشاء المملكة للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة وتبرعت له بمبلغ 100 مليون دولار، كما لم تتوان المملكة عن المشاركة في جميع المبادرات الدولية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف المؤدي إليه .”

وأوضح معالي مساعد رئيس مجلس الشورى الدكتور يحيى بن عبد الله الصمعان – في تصريح عقب الجلسة – أن معالي رئيس المجلس رحب في مستهل الجلسة بصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وصحبه الكرام.
وقدم معاليه شكره لسموه على تلبية دعوة المجلس,لإطلاع المجلس على التوجهات السياسية, ومواقف المملكة تجاه مختلف القضايا والمستجدات بالمنطقة, وخطط الوزارة المستقبلية, والإجابة على ما لدى أعضاء المجلس من تساؤلات تدخل ضمن اختصاص وزارة الخارجية.
وقال معالي رئيس مجلس الشورى” إن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – وسمو ولي عهده وسمو ولي ولي العهد تحظى ولله الحمد بتقدير دولي, لما تتسم به من الاعتدال والاحترام المتبادل, فقد خطت المملكة من خلال حضورها السياسي والدبلوماسي اللافت خطى كبيرة على مختلف الصعد، وأصبح للمملكة دورها المؤثر والفاعل على خارطة التعاون العربي والإسلامي والدولي, ومن خلال عضويتها في مجموعة العشرين, وفي العديد من المنظمات الدولية. فضلاً عن دورها البارز في محاربة الإرهاب, وفي الحوار العالمي وترسيخ مبدأ التعايش السلمي.
وأشاد معاليه بالجهود التي يبذلها منسوبو الوزارة وممثليات المملكة في الخارج بتوجيهات ومتابعة من الأمير سعود الفيصل لرعاية مواطني المملكة في الخارج, وحماية مصالحهم, وتسهيل كافة أمورهم.
ونوه الدكتور آل الشيخ بالتعاون القائم بين مجلس الشورى ووزارة الخارجية, وما يجده المجلس من دعم واهتمام شخصي من سمو وزير الخارجية, وعدّ طلب سموه بتعزيز التعاون بين لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس ووزارة الخارجية, واحداً من الشواهد على ذلك.

بعد ذلك أجاب سمو وزير الخارجية على استفسارات أعضاء المجلس وتساؤلاتهم, حيث قال سموه في رده على تساؤل لأحد الأعضاء: إن المملكة العربية السعودية ليست بصدد الزج بقواتها البرية داخل الأراضي اليمنية , فاليمنيون قادرون على القيام بمسؤولياتهم ومواجهة التنظيم الحوثي، خصوصاً في ظل انضمام العديد من العسكريين والمدنيين مؤخراً إلى القوات الموالية للشرعية, مؤكداً سموه في ذات السياق أن اليمنيين هم الذين سيحمون اليمن.
وأضاف سمو الأمير سعود الفيصل: إن دول مجلس التعاون الخليجي لديها علاقات استثنائية مع اليمن الشقيق وتدرك مسؤولياتها تجاه النهوض باليمن ودعم التنمية فيه، وما يهمنا في اليمن هو ازدهاره ونماءه واستقراره.
وأشاد سموه بالمستوى المتقدم الذي وصلت إليه المملكة في مواجهة الإرهاب، لافتاً النظر إلى أن المملكة في مجال تحتل مرتبة متقدمة تبادل المعلومات بين الدول، وأصبحت مصدر موثوق في هذا المجال.
وأوضح سمو وزير الخارجية أن الوزارة أطلقت العديد من البرامج لتطوير العمل في سفارات المملكة في الخارج وتأهيل منسوبي الوزارة، لضمان تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والمستفيدين، لافتاً إلى أن الخدمات لم تصل إلى مستوى الكمال لكنها تحسنت كثيراً عما كانت عليه.
وعن المساعدات السعودية للخارج بيَّن سموه أن المساعدات التي تقدمها المملكة للدول المحتاجة انتهجت نهجاً جديداً يقوم على المشاركة، موضحاً أن وزارة الخارجية اعتمدت مؤخراً آلية جديدة تضمن وصولها إلى مواطني الدول المستفيدة, وتمكن الوزارة من معرفة كل ريال يخرج من المملكة والإشراف المباشر على تلك المشاريع.

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى