محليات

سبعينيّ يعيش ثلاثة أعوام داخل وانيت من طابقين وسط حشد من الذباب يملأ المكان

صراحة – متابعات :

بين حشد من الذباب يملأ المكان، ومأوى يفتقد للحد الأدنى للسكنى، ووسط محاولات متعددة للابتعاد عن فلاشات الكاميرات، وهروب من الواقع، يعيش المواطن السبعيني سند محمد الحربي، داخل سيارة من نوع «وانيت» في أحد الأحياء الجديدة في المدينة المنورة لمدة تجاوزت (3) أعوام. و التي انطلقت إلى «موقع» سند أو بالأحرى منزله المكون من دورين بناها في حوض سيارته المتهالكة بحي «شوران»، ليرفض «سند» أثناء استعداده لأداء صلاة الظهر في مسجد الحي المجاور له، الاستماع لأسئلة « الشرق «، مطالباً بالابتعاد عنه، وتركه في حاله الذي يئس منه لفترة طويلة دون سؤال من قريب أو بعيد.
بحث عن الهدوء

وعند سؤال سند الحربي عن هويته رفض، قائلاً:» اسمي معروف لدى الدوريات الأمنية، ولا داعي لأسئلتكم المتكررة التي ستنتهي دون إجابات أو حلول لمعاناتي «، مطالباً في حديثه والذباب ينتشر حوله بالتكفل أو التوسط لمنحه قطعة أرض أو منزلا يعيش فيه فيما تبقى من عمره الذي تجاوز (70) عاما .
و قال الحربي» كنت أعيش في قرية قريبة من الضميرية – (80) كيلو مترا شرق المدينة المنورة – قبل (8) سنوات، وانتقلت بعدها لعدة أماكن ومواقع مختلفة داخل المدينة المنورة، ولكنني لم أجد الراحة في تلك المواقع لخوف الناس مني، وأذية أطفالهم لي، وكذلك هروبا من رجال الأمن الذين حاصروني كثيرا، وطالبوا بعودتي إلى قريتي أو الانتقال لأحد الجمعيات الخيرية لمساعدتي «، مضيفاً والدموع تنهال من عينيه بأن الحال استقر به قبل أكثر من (3) أعوام في حي شوران، الذي اختاره لكونه حيا جديدا وراقيا وهادئاً ، ولا يحتوي على كثير من الأطفال أو المنازل.
خصوصية «الوانيت»
وأثناء محاولات الصحيفة تصوير منزله « الوانيت « رفض سند الحربي ذلك بقوله : « هذا من خصوصياتي ولا يحق لكم ذلك، وهذه السيارة منزلي ومأواي الوحيد منذ (8) سنوات، أنام وأعيش وأسمر فيها ، وتحميني من حرارة الشمس، وبرودة الليل «، لافتاً في حديثه بأنه اختار موقعا قريبا من المسجد المؤقت الذي أنشأه أبناء الحي، لاستخدامه لدورات المياه، بدلا عن الخلاء الذي أرهقه طيلة السنوات الماضية، وكذلك عجزه لتقدمه في السن .
منحة أرض
وبعد المحاولات المتكررة والإلحاح لإقناع الحربي بتصوير مأواه، وافق بشكل خجول، وبدأ في ترتيب فراشه وجلسته الليلية، وقام بفتح الأقفال والسلاسل التي كان يوصد بها باب السيارة وحوضها ذا الطابقين، موضحا بأن موافقته أتت فقط لمساعدته في الحصول على منحة أرض من الدولة، أو سكن من أحد فاعلي الخير، ليبدأ بها حياته من جديد على الرغم من تقدمه في السن، رافضا الإفصاح إن كان لديه زوجة أو أبناء من عدمه .
انتظار الصلوات
وشارك سند المصلين من أهالي الحي صلاة الظهر، وظل في المسجد وحيدا بعد نهاية الصلاة، يتكئ على الأرض وتحت هواء المكيفات، أملا منه في تخزين قليل من البرودة والابتعاد عن لهيب الشمس، وعند خروجه من المسجد قال : « أنتظر أوقات الصلوات بفارغ الصبر للاسترخاء داخل المسجد، والاستجمام من الشمس نهارا، وكذلك البرد القارس ليلا «، منوّها بأن حاله هذا أصبح روتيناً ، مشيرا إلى أن الأهالي عرضوا عليه مرارا وتكرارا الذهاب معهم إلى منازلهم لقضاء يوم، أو تناول الأطعمة، وغيرها، إلا أن حياءه وطبيعته تمنعه من ذلك، ولا يحب أن يكون ثقيلا على أحد .
فقدان الثقة
وحول المساعدات التي يجدها أو تقدم له، أضاف سند الحربي أن أهالي الحي يسعون في كافة الأوقات إلى تقديم الطعام والشراب والملابس له، فضلا عن تغيير فراشه بين الفترة والأخرى، موضحا أن إمام مسجد الحي قدم له عديدا من الخدمات ولكنه رفض ذلك خشية الإثقال عليه، أو إتعابه كونه رجلا طاعنا في السن، ولديه أسرة وأبناء أولى أن يكلفهم بدلا منه .
وعند إصرار الصحيفة في الحصول على هويته للاطلاع على بياناته، أصر الحربي على رفضه ذلك، حتى يأتي الفرج من عند الله أولا، ويتسنى له الحصول على مأوى، وسيضطر حينها لإخراج هويته التي يحتفظ بها في أدراج منزله – سيارته -، مؤكدا أن عديدا من فاعلي الخير تقدموا له بغية مساعدته، ولكنهم يرحلون بعد تقديم الوعود له، دون عودة، على الرغم من وجوده في نفس موقعه منذ سنوات، مما أفقده الثقة في محبي الخير .
تعرض للإيذاء
وأشار الحربي إلى أنه يتعرض في كثير من الأوقات للإيذاء المعنوي والجسدي من أطفال الحي والغرباء عليه، برمي الحجارة على « سيارته « ليلا، ومراقبته أثناء نومه، وكذلك كثرة المتطفلين الذين يقومون بتصويره بجوالاتهم وكاميراتهم لتوثيقها، مبينا بقوله : « يأتون إلي وكأنني رجل مشهور يلتقطون لي الصور والفيديو، ويهربون بعيدا كوني لا أستطيع الإمساك بهم «.
تعنت وإصرار
و قال إمام مسجد حي شوران المؤقت الشيخ ثياب عبيد للصحيفة إن المسن سند الحربي يقطن بأرض فضاء مجاورة للمسجد منذ أكثر من (3) أعوام، ولكن تعنته وإصراره على العيش بسيارته المتهالكة، جعل الأهالي يستسلمون لمطالبه ورفضه لمساعداتهم، مضيفا أن الحربي يؤدي كافة الصلوات برفقة جموع المصلين، ويقوم في كثير من أوقات الصلوات برفع الآذان، وخاصة الفجر . ولفت عبيد إلى أن آخر ما قدمه الأهالي للحربي هو شراع يغطي به حوض سيارته التي ينام ويعيش فيها، وذلك بعد تآكل الشراع القديم نتيجة الأمطار وحرارة الشمس وشدة الرياح التي أهلكت الشراع القديم، منوها إلى أن حال الحربي لا يعجبه ولا أهالي الحي الذين بادروا كثيرا بتقديم يد العون والمساعدة له، ولكنه يصر على مطالبته بمأوى يوفر له من قبل الجهات المعنية الحكومية.
جهة الاختصاص

وأوضح الناطق الإعلامي لشرطة المدينة المنورة العقيد فهد الغنام للصحيفة أنه ليس من اختصاص الجهات الأمنية نقل أو متابعة الأشخاص من هذه الفئة، مشيرا إلى أن الجهات الأمنية ترصد هؤلاء في حال وصل إليها بلاغ أمني حوله، أو أن يكون مصدرا للخطورة على نفسه أو لأهالي الحي أو المنطقة بشكل كامل .
وأضاف الغنام بأنه في حال يعاني هذا الشخص من مرض نفسي أو غيره، فإن مسؤوليته تقع على هيئة الهلال الأحمر التي بدورها تنقله لمستشفى الأمراض النفسية والعقلية .

سناب صحيفة صراحة الالكترونية

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى