المقالات

مشوح المشوح عميد التراث

كثيرون هم أصحاب المتاحف التراثية الذين يستهويهم حفظ التراث الشعبي ويتسابقون في جمع كل ماله صلة به سواء كان تراثا ماديا أو معنويا ، ويحرصون على اقتناءه حتى ولو وصلت قيمته إلى عشرات أو مئات الآلاف للقطع النادرة منه ، ولعل من أبرز هؤلاء الأستاذ مشوح المشوح الذي حرص منذ سنين طويلة على ترجمة شغفه وعشقه للتراث إلى واقع معايش متجسد في متحف السنين الماضية ، فتحول من عميد متقاعد من العسكرية إلى عميد عاشق للفنون التراثية ، وحول ذلك الشغف من حالة شخصية إلى حالة متعدية للغير عبر استقباله لكل من يرغب في الاطلاع والاستمتاع بعبق الماضي ويحتفي بهم بابتسامة محب ولهفة مشتاق ، بل ويزيد على ذلك بإعطاء شرح واف ومفصل لكل جزء وكل قطعة للسائلين وكأنه شاعر يتغزل بمحبوبته .

 

لست هنا أبالغ في وصف الأستاذ مشوح فمن حظي بزيارة متحفه والتحدث معه يعلم ويعي حقيقة ما أقول ، ولا غرابة في ذلك فأهل التراث يصعب إخفاء عشقهم المتين للتراث والذي تلحظه بكل وضوح عندما يبدأ بالحديث عن قطعة بذل وقتا وجهدا ودفع مالا طائلا في سبيل الظفر بها وضمها إلى مقتنياته ، وهذا ما لاحظته من الأستاذ مشوح في زيارة سابقة لمتحفه الغني قبل سنوات ، وبالتأكيد فإن ذات الشعور يخالج أصحاب المتاحف الأخرى التي سعدت بزيارتها في وسط وجنوب وشرق المملكة .

 

تلك المشاعر الدافئة والحب المتقد للتراث تخفي وراءها خوفا وقلقا مشروعين لدى أصحاب تلك المتاحف التراثية لأسباب متعددة يأتي من أهمها عدم وجود الدعم الكافي لإبراز تلك المحتويات القيمة في المعارض والمناسبات الرسمية والجماهيرية ، وأيضا ندرة أو انعدام المؤسسات المختصة بإعادة ترميم وتأهيل القطع التراثية ، حيث يعتمد صاحب المتحف غالبا على خبرته ومعرفته في هذا الأمر ، وإضافة إلى ماسبق فإن عدم وجود مساحات واسعة وكافية لإبراز تلك النوادر يعتبر أمرا معضلا يضطر معه محب التراث إلى اقتطاع جزء كبير من بيته أو مزرعته أو استئجار مكان يخصصه لجمع تلك القطع فيه ، وهذا يحمله عبئا ماليا إضافيا قد لا يستطيع البعض تحمله لوقت طويل ، فيلجأ مكرها إلى عرض بعض مقتنياته للبيع حتى يستطيع حفظ هذا التراث أو أن ترهقه الظروف فتجبره إلى بيع كامل المقتنيات والتخلي عن هواية تعلق بها لسنوات وكرس جهده ووقته وماله فيها .

 

بالتأكيد أن هناك أسبابا أخرى لدى أصحاب المتاحف يعانون منها ولا يستطيعون لها حلا إلا بتدخل جاد ودعم حقيقي من الجهات ذات العلاقة بالتراث ، فهي قادرة على التواصل مع أصحاب المتاحف ومعرفة المعوقات التي تواجههم وإيجاد حل يطمئن النفوس ويثلج الصدور ويبعث الأمل في نفوس أصحاب تلك المتاحف بأن تراثنا بأيد أمينة ويحظى باهتمام قوي ودعم كبير وحرص على الحفاظ على تراث الأمة ونقل صورة الماضي إلى جيل الحاضر .

 

الخاتمة :

شكرا عميد مشوح على حفاظك على التراث ، فلولاك وزملاؤك لما عرفنا الماضي

 

بقلم / خالد النويس

 

زر الذهاب إلى الأعلى