المقالات

هل من مدكر ؟

 

تنعم مملكتنا الغالية بخيرات وأرزاق وفيرة ومتوفرة على مدار أيام السنة تجبى إليها من شتى بقاع الأرض وهذا فضل ومنة من الله سبحانه ، فعندما يدخل أحدنا إلى أي مركز من المراكز الكبرى يجد أمامه أصنافا وأنواعا من الخضروات والفواكه والثمار الموسمية وتتعداها إلى اللحوم والأنواع الأخرى من الأغذية ، وهذا بلا شك يعكس المخزون الغذائي القوي الذي يميز السوق السعودي ولله الحمد .

 

هذه النعم التي حبانا الله بها تستلزم منا الشكر لله (عملا وليس قولا فقط) والطلب منه أن يديمها علينا وألا يحرمنا منها بسبب سفاهة أو جهل أو تصرف أرعن يجر الغضب والسخط على العباد ، ولعل كثيرا منا سمع المقطع الصوتي الذي تحدث فيه بعض من أدرك المجاعة التي حلت على نجد قبل مئة عام تقريبا أو رووها عن آبائهم ونقلوها لأبنائهم (المقطع موجود على الشبكة لمن أراد سماعه) وبسببها مات الكثير جوعا على أبواب البيوت وفي الطرقات ، بل حتى من حاول الخروج إلى أرض أخرى داهمه الموت على الطريق وانتشرت جثثهم ، أما من كتب الله له النجاة منهم فقد هاجر إلى مشارق الأرض ومغاربها بحثا عن لقمة العيش التي تقيم صلبه وتحفظ حياته ، واستطاع أن يروي فيما بعد تلك الأوقات المؤلمة لأبنائه وأحفاده .

 

عندما نرى الولائم الكبيرة والموائد الباذخة وعليها ما لذ وطاب من نعم تكفي لعشرات الأشخاص ولا نرى إلا عددا قليلا يجلس عليها بدعوى إكرام الضيف وأن هذا حقه الواجب على المضيف وأن هذه (سلوم وعادات العرب) وغيرها من العبارات التي جعلت معتنقيها يحملون أثقالا على كواهلهم وربما ديونا مالية في سبيل الظهور بمظهر المرجلة الزائفة والمصطنعة ، في حين أن بإمكانهم القيام بهذا الواجب حسب القدرة المتيسرة وبالتكاليف المعقولة ، و مايزيد الأمر سوءا هو التباهي بتصوير هذا الواجب ونشره على مواقع التواصل طمعا في كسب الثناء والمدح وأنهم (كفو) ، ولم يعلم هؤلاء أنهم بطريقة عكسية يوغرون عليهم صدور الفقراء والمحتاجين الذين قد تمر عليهم أوقات طويلة ولا يجدون طبقا واحدا مما يشاهدونه في هذا التصوير ، ولاننسى أيضا أن أغلب هؤلاء لم يتواصل مع جمعيات حفظ النعمة للاستفادة من بقايا تلك الولائم الكبيرة ليكون مصيرها أقرب حاوية والعياذ بالله .

 

لا شك أن الوعي المجتمعي نحو ظاهرة الإسراف والهياط قد تغير للأفضل بحمد الله إلا أن هناك تصرفات فردية من بعض المشاهير السفهاء والتي تؤثر سلبا على متابعيهم وترسخ لديهم هذا السلوك المحرم في ديننا ، لذا نتمنى أن يتم إيجاد عقاب رادع لتصرفات هؤلاء ومن سلك مسلكهم ، حتى لا نكون ممن غضب الله عليهم وحل عليهم سخطه وحجب عنهم فضله ونعمه .

 

الخاتمة :

نرجو ألا نحدث الأبناء عن نعمة كانت فزالت .

 

 

بقلم / خالد النويس

 

زر الذهاب إلى الأعلى