علماء ودعاة : التبرع بالأعضاء عمل صالح وصدقة جارية للمتبرع

صراحة – متابعات :
أكد علماء ودعاة أهمية التبرع بالدم وفضل ذلك في الشريعة الإسلامية وحثها عليه، إذ أن ذلك مرتبط بالمساهمة في إحياء النفوس، لافتين إلى أن في ذلك فضلا كبيرا يتمثل في كونه صدقة جارية للمتبرع من غير أن ينقص من أجور المتبرع له شيئا.وأوضح عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور علي عباس حكمي أن الشخص إذا ما أوصى بالتبرع بأحد أعضائه قبل أن يغيب دماغيا للاستفادة منها لمريض آخر، فإن هذا العمل يعتبر جائزا، أما إذا لم يوصِِ بذلك فإن أولياء أمره وورثته لهم الحق في التصرف بأعضائه ولا بأس بالتبرع بها بعد ثبوت وفاته.وشدد حكمي على أنه إذا لم تثبت وفاة الشخص بشكل تام ولم يعرف أمره بعد ولكنه لا يزال على قيد الحياة ويعيش على الأجهزة الطبية، فإن العلماء والفقهاء تكلموا في مثل هذا الحالة ورجحوا عدم جواز رفع الأجهزة عنه حتى يثبت ويتحقق من موته، حينها يشرع التبرع والتصرف بأعضائه، مؤكدا أهمية أن يكون التبرع بعد وفاة الشخص من دون مقابل مادي؛ لأن المقصود من وراء مثل هذا العمل هو الثواب من رب العالمين، أما إذا ما قدم المستفيد من الأعضاء هدية أو هبة إلى أهل الشخص المتوفى كنوع من الاعتبار والتقدير من دون وجود مساومة في ذلك أو نوع من البيع والشراء، فهذا لا بأس به ــ بحسب حكمي، لكن إذا ما ترتب عليه مساومة ودخل ضمن إطار التجارة فإن ذلك لا يجوز ولا ينبغي فعله.من جانبه، قال عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور غازي بن غزاي المطيري: من المسلمات البدهية أن الله ــ سبحانه وتعالى ــ قد صان المسلم وكرمه حيا وميتا، وليس المقام هنا لبيان مظاهر التكريم بقدر ما هو النظر في فقه واعتدال إلى المواءمة بين التكريم بعد الموت وبين مشاركة الميت بشيء من أعضائه بعد موته في حياة إخوانه المسلمين.وأضاف: بالنظر إلى قواعد الشريعة العامة وروحها أجد أنه لا تعارض بين الأمرين، فحياة المسلم بعد موته بأجزائها، وبخاصة العظام، والقبر والمقبرة محل تقدير وحفظ وصيانة ولن يستطيع أحد أن يغير ذلك، ولكن أصبح من النوازل المحلة النظر بفقه وتجرد إلى مدى جواز تبرع الميت أو ذويه ببعض من أعضائه بعد التأكد القطعي من وفاته.وزاد «أحسب أن أخذ عضو من جسده وتركيبه في جسد مسلم تكريم له وليس اعتداء عليه، فالعضو المأخوذ لا يلقى في الطرقات أو في المزابل أو يوضع محل تجربة أو غيره بقدر ما يركب في جسد مسلم طاهر، فهو يجدد الحياة ويستأنف العمل الصالح من جديد، ولا أبالغ أنه يعد صدقة جارية للميت فضلا عن إحيائه لنفس مسلمة مؤمنة، ومن هذا المنطلق فينبغي أن يكون للعلماء المتخصصين، سواء من الشريعة أو الطب أو الفكر أو الدعوة والتربية، مشاركة فعالة في التوعية بهذه المناحي الهامة والمنافع الدقيقة والمفاهيم العالية؛ حتى يخلق رأي عام جماعي في هذا الاتجاه الهام والحساس في حياة كل فرد منا، وأحسب أن الإعلام بعيدا عن التضخيم والتهويل والإثارة له دور أساسي في المشاركة في التوعية المجتمعية، فالإسلام بفقهه العظيم يستوعب المستجدات والنوازل ويمكن للفقيه الحاذق أن يتكيف أو يكيف الأحكام بعللها وأدلتها وبدائلها دون إفراط أو تفريط».أما عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ، فأوضح أن التبرع بالأعضاء من الأعمال الصالحة التي ينبغي على المسلم أن يعي دوره فيها، لافتا إلى أنه صدرت الفتاوى من هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء بجواز التبرع بالأعضاء لإحياء إنسان محتاج لها بأخذها من شخص متوفى دماغيا، وبين الأطباء بالتقارير الطبية أن هذا الشخص لا يمكن أن تستقيم حياته، فيمكن أن تؤخذ وتزرع في إنسان آخر يستفيد منها سواء كان الكبد والكلية والقرنية وغير ذلك مما يستفيد منه الناس، فهو من العمل الصالح.وقال آل الشيخ: من الفقهاء من منع التبرع على أساس أن الإنسان لا يملك جسده، والله جعل الأعضاء في جسد الإنسان ليحافظ عليها، فلذلك لا يحق له التبرع بها لأن التبرع يكون بما يملكه الإنسان، وقالوا: لا يجوز بناء على ذلك، لكن الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم والذي تسنده الأدلة أن الأعضاء مع كون أن الله أودع الأعضاء في جسد الإنسان وأمره بحمايتها، إلا أنه إذا لم يستفد منها يجوز له التبرع بها سواء بالتبرع بشكل جزئي أو كامل، وأن من تبرع بأعضائه مأجور وقد تصدق بشيء من جسده لشخص محتاج يستمر العضو في جسد الإنسان الذي سيصلي ويصوم ويأتي بالمتبرع الأجر لا ينقص من أجر الذي نقل وزرع منه شيء، هذا من فضل الله وفضل الله واسع.وزاد «ينبغي على المسلمين أن يعوا هذه المسألة ويتفهموها، كما أن على الجهات المسؤولة أن تكثر من توعية المجتمع وبيان أن التبرع من الأعمال الصالحة التي أفتى العلماء بجوازها». ( عكاظ )