أسسنا منظومة عمل تهدف لتحقيق وفر في الاستهلاك المحلي بنحو 1.5 مليون برميل نفط مكافئ يومياً

صراحة – واس : استهل صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، نائب وزير البترول والثروة المعدنية، ورئيس اللجنة التنفيذية للمركز السعودي لكفاءة الطاقة، ورئيس شرف جمعية الاقتصاد السعودية، الجلسة الأولى لجلسات اللقاء السنوي الثامن عشر (اقتصاديات الطاقة) لجمعية الاقتصاد السعودية بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض، بالتأكيد على أهمية إدارة استهلاك الطاقة في المملكة للحد من تنامي الاستهلاك.
وقال سموه خلال حلقة نقاش، بعنوان “كفاءة استخدام الطاقة”: إن المملكة العربية السعودية حظيت بنمو سكاني، وازدهار اقتصادي، وتطور صناعي، انعكس بدوره على حياة المواطن من ناحية، وعلى تطورها صناعياً واقتصادياً من ناحية أخرى؛ ما أسهم في نمو استهلاك الطاقة، وفي هدر مفرط للثروة الطبيعية غير المتجددة. وأن الاستهلاك اليومي للطاقة في المملكة ارتفع من أقل من مليون برميل نفط مكافئ في عام 1980م، إلى نحو 4.2 مليون برميل نفط مكافئ حالياً. ويتوقع أن يرتفع هذا الاستهلاك إلى أكثر من 8 ملايين برميل نفط مكافئ يومياً في عام 2030م، ما لم نعمل بشكل جاد على الحد من الهدر الكبير في استهلاك الطاقة.
وبين سموه أنه قد صاحب ارتفاع استهلاك الطاقة في المملكة، نمواً مطرداً في كثافة استهلاك الطاقة بنحو 50% منذ عام 1985م، وأن معدل استهلاك الطاقة في المملكة يزيد عن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، على عكس ما يحدث في الدول المتقدمة، ما يحتم علينا إدارة الاستهلاك كونها ضرورة استراتيجية للمملكة.
وأوضح سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن إدارة استهلاك الطاقة في المملكة تواجه تحديات جسيمة، في ظل عدم وجود مُمكنات للحد من الاستهلاك المتنامي للطاقة، ومن أبرز تلك التحديات، انخفاض أسعار الطاقة في المملكة، وتواضع وعي المستهلك بكفاءة الطاقة، وتدني أو غياب المواصفات القياسية لكفاءة الطاقة مع ضعف إلزامية تطبيقها،وضعف التكامل بين الأجهزة الحكومية.
فيما في الدول المتقدمة عوامل مساعدة للحد من الاستهلاك المتنامي للطاقة. ومن أبرز تلك العوامل؛ ارتفاع أسعار الطاقة، ووعي المستهلك، ووجود عقوبات صارمة ملزمة لتطبيق المواصفات القياسية على المنتجات، ووجود جهة مختصة واحدة تعنى بجميع شؤون الطاقة.
وأوضح سموه أنه يُتوقع تحقيق وفر بمقدار مليون ونصف المليون برميل نفط مكافئ يوميا بحلول عام 2030 بإذن الله تعالى عند اكتمال تنفيذ جميع أنشطة البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة.
وقال سمو نائب وزير البترول والثروة المعدنية إن البرنامج يحرص على إتّباع تطوير الأنشطة وتنفيذها إطار محدد ذو ثلاث مراحل، حسب الآتي:
1.دراسة الاستهلاك الفعلي للطاقة في جميع القطاعات الرئيسة، وتحديد تحدياتها، وفقاً إلى الممارسات العالمية. ومن ثم ترتيب الأولويات، وفقاً لوفر الطاقة المتوقع تحقيقه.
2.تصميم حلول فنية متوائمة مع البيئة المحلية وبمشاركة الجهات المعنية، ووفقاً للتوافق بينها.
3.تنفيذ الأنشطة عبر فرق تنفيذية مؤقته مكونة من الجهات المعنية.
كما تشمل منهجية العمل على متابعة سير العمل وتحديث آليته لتلافي الأخطاء إن وجدة.
وأكد سموه حرص البرنامج على مشاركة جميع أصحاب العلاقة بتطوير الأنشطة، عبر وجود تمثيل من الجهات الحكومية المعنية في الفرق الفنية المكلفة بتطوير وتنفيذ الأنشطة. ويشارك حالياً في تطوير الأنشطة أكثر من 150 عضواً عاملاً، يتوزعون على 10 فرق فنية ومساندة، يمثلون أكثر من 30 جهة حكومية وغير حكومية، ويرتفع العدد إلى آلاف المشاركين عند تنفيذ تلك الأنشطة.
كما يشارك القطاع الخاص،الجهات الحكومية المعنية في تطوير الأنشطة، للاستفادة من خبرته في مواجهة تحديات التطوير والتنفيذ. كما أن هناك تعاون مع جهات دولية للمشورة، ونقل المعرفة. ومع بيوت خبرة محلية ودولية في معالجة التحديات، وإجادة الأنشطة. واستطلاع ورصد رأي المستهلك حول الأنشطة.
وأوضح سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن منظومة العمل لم تقتصر على تطوير الأنشطة، بل تعدتها إلى إيجاد الممكنات اللازمة لتنفيذها، عبر محورين. الأول، توفير احتياجات الجهات الحكومية، وثانياً، تطوير برامج تحفيزية للمستهلك.
ويهدف المحور الأول إلى حصول الجهات الحكومية على الاحتياجات اللازمة، عبر تحديد أدوارها في الأنشطة، وتقدير احتياجاتها، وعرضها على وزارة المالية بشكل موحّد، ووفقاُ لمنظومة متكاملة. كما يهدف المحور الثاني إلى ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، عبر تطوير برامج تحفيزية للمستهلك.
كما استعرض سموه سبل تطوير سوق تنافسية لكفاءة الطاقة، وما تتطلبه السوق من إيجاد فرص استثمارية، وما ستنتج عنه هذه السوق من استحداث وظائف وطنية ملائمة. حيث ستسهم أنشطة كفاءة الطاقة المختلفة في إنشاء سوق سعودية لكفاءة الطاقة، حسب الآتي:
1.تعزيز الدولة للثقة في السوق عبر البدء في تأسيس الشركة الوطنية لخدمات الطاقة.
2.تنشيط العرض والطلب على الخدمات بوضع متطلبات واشتراطات كفاءة الطاقة.
3.توحيد إجراءات وأدوات تقديم الخدمات وفقاً للممارسات العالمية المتقدمة.
4.تعزيز التنافسية في تقديم خدمات ومنتجات عالية الجودة وفقاً لتراخيص واعتمادات العمل.
وانتقل سموه في نهاية الورقة إلى المحور الثالث والأخير من منظومة العمل والمعني بالتنمية البشرية. ويشمل المحور كيفية الاستثمار في التنمية البشرية عبر شقين. الأول، توعية المستهلك بكفاءة الطاقة، من خلال حملات توعية متخصصة وعامة، والتعاون مع قادة الرأي والفكر في المملكة. والثاني، تأهيل الموارد البشرية الوطنية، من خلال التدريب التقني والمهني، والتعليم العالي، والشهادات المهنية.
واستشهد سموه خلال ورقة العمل بمجموعة من الأنشطة التي اكتملت عملية تطويرها وتنفيذها. ومن تلك الأنشطة على سبيل المثال لا الحصر، تطبيق المواصفات القياسية لأجهزة التكييف والأجهزة الكهربائية، وتطوير المعيار السعودي لاقتصاد الوقود، ووضع معايير كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي، وتطبيق اشتراطات العزل الحراري في المباني، والبدء في تأسيس الشركة الوطنية لخدمات الطاقة.
واختتم سموه ورقته بتوقع أن تشهد المملكة خلال الفترة القادمة تطبيق سلسلة من الأنشطة غير المسبوقة في مجال كفاءة الطاقة، متمنياً أن يوفّق البرنامج في تطوير وتنفيذ تلك الأنشطة، على الرغم من احتمالية عدم خلوها من التحديات والعقبات، ما يستأنس مشاركة جميع أفراد المجتمع في إنجاحها.
وعقب المحاضرة أجاب سمو نائب وزير البترول والثروة المعدنية على أسئلة ومداخلات الحضور التي تركزت حول تجربة البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة وآلياته التنفيذية .
ثم قدم رئيس مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية الدكتور خالد بن نهار الرويس درعاً تذكارياً لسموه بهذه المناسبة .