محليات

عبدالله ابن منيع: أحمق من فرط في عبادات رمضان بمفهوم الوسطية

36500

صراحة – متابعات : حذر عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي الشيخ عبدالله بن سليمان بن منيع عموم المسلمين، من اسقاط مفهوم الوسطية في التعامل مع أيام وليالي رمضان، معتبرا أي لهو أو لعب في تلك الأيام الفضيلة يحيل صاحبها إلى وصف غير الناصح لنفسه والأحمق، مشددا أنه يجب على المسلمين اغتنام شهر رمضان الكريم بكافة دقائقه وأجزائها. واعتبر ابن منيع اغتنام اللحظات في رمضان، يجب أن يكون وفق آداب الصوم ودعا المسلمين إلى استشعار أهمية الأخوة الإسلامية في مساجدهم وأماكن تجمعاتهم، كما وصف الإمام بالقدوة الذي يجب عليه استشعار رسالته من حيث قيادته وإمامته المصلين وفي نفس الوقت يجب أن يكون منه التوجيه والبيان وتوعية المصلين وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم.
وطالب خطباء المساجد باغتنام الفرص وطرح الموضوعات المعاصرة التي يكون الناس في حاجة إلى معرفة الرأي فيها، بما يشمل كافة الأمور التي تقع خلال الأسبوع، مشددا على ضرورة أن تكون خطبة الجمعة هي حصاد الأسبوع والتعليق عليه بما فيه الخير والنفع والتوجيه وسلامة الاتجاه والمسلك، محذرا من تحول المساجد إلى مصادر فتنة ونزاع واختلافات، بل يجب أن نجعل من مساجدنا ما فيه الخير والصلاح والتوجيه والتوعية.
● ماذا يفترض أن يكون عليه المسلم في شهر رمضان تجاه العبادات التي خصه فيها الله عز وجل عن غيره؟
من الله سبحانه وتعالى علينا بأن خلقنا لعبادته وميزنا سبحانه وتعالى عن كثير من خلقه، فقال «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا»، وقال في حكمة وجودنا على هذه الأرض «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، فالله سبحانه وتعالى خلقنا وخلق أصلنا وهو أبونا آدم عليه السلام بيده الكريمة وبث فيه من روحه الشريفة وأمر الملائكة بالسجود له، رفعا لمقامه، عليه السلام.
وهذا يعتبر تمييزا للبشرية عن غيرها من مخلوقات الله ولا شك أن هذا التمييز وراءه حكمة يقتضيها هذا التمييز وهي تعظيم الله وإجلاله وإفراده سبحانه وتعالى بالعبادة والتعظيم، والعبادة هي غاية الخضوع والتذلل لله سبحانه وتعالى وتتلخص في إفراده بالعبادة وفي حصر معنى كلمة الشهادة أن لا إله إلا الله ولا معبود في السماء أو الأرض بحق إلا الله، فهو خلقنا لعبادته وشرع لنا ما شرعه من شرائع على ألسنة رسله عليهم السلام، إبلاغا منهم لرسالته سبحانه وتعالى بوجوب العبادة.
ومن أنواع العبادة صيام شهر رمضان المبارك، والله سبحانه وتعالى قد هيأ لنا مجموعة من المواسم الخيرية التي نستطيع بها أن نتقرب إليه وأن نوجب وسائل لمرضاته ومحبته سبحانه وتعالى ومقتضيات هذه المحبة والرضى وهو الثواب من الله عز وجل، سواء كان الثواب مرضاة الله أو التنعم برؤيته سبحانه وتعالى أو ما يتعلق بفضله وإدخاله عباده الجنة، ولا شك أن الله أعطانا من المواسم الخيرية الشيء الكثير، ومنها شهر رمضان المبارك.
● وكيف تنظرون لفضل رمضان وما الواجب على المسلمين في هذا الشهر؟
هذا الشهر العظيم أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار. وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة في ما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة في ما سواه» هذا الشهر العظيم كانت فيه موقعة بدر العظيمة التي كانت فاصلة بين الحق والباطل، وكانت رمزا وكانت وقعا لعزة الإسلام والمسلمين وكرامتهم وقيام دولتهم وإدارتهم التي تمكن المسلمون بقيادة رسولنا صلى الله عليه وسلم من إثبات وجود الإسلام وعزته وتتابع انتشاره وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى.
وفي هذا الشهر العظيم ليلة عظيمة هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. ولا شك أنه ينبغي لنا أن نغتنم فضل الله سبحانه وتعالى ومواسم الخير التي أنعم بها علينا الله سبحانه وتعالى، ومنها شهر رمضان المبارك ومنها كذلك حج بيت الله الحرام ويوم عرفة، سواء كان للحاج ضمن ضيوف الرحمن الذين يتضرعون لله سبحانه وتعالى ويلتمسون فضله ورضوانه ومغفرته أو سواء كان ذلك لغير الحاج ممن يصومون هذا اليوم الذي فيه تكفير للسنة الماضية والسنة المقبلة.
فلا شك أن الله سبحانه وتعالى من علينا كثيرا، وينبغي علينا أن نستقبل هذا الشهر العظيم بروح فيها الأمل وفيها الرجاء والتضرع إليه سبحانه وتعالى أن يهبنا العمل الصالح، في ما يتعلق بصيامه، وفي ما يتعلق بقيامه، وفي ما يتعلق بتلاوة كتابه وفي ما يتعلق بالتصدق وروح السماحة لإخواننا المحتاجين.

فوائد رمضان
● وإلى أي مدى يجب على المسلمين اغتنام هذه الأيام بما يعود عليهم بالنفع؟
نحن نتحدث إلى إخواننا لضرورة اغتنام المواسم الخيرة، ولو نظر كل واحد منا إلى وجوده أو وصوله إلى هذا الشهر أو اعتبار هذا الشهر الكريم من حياته فلا شك أن هذا فضل عظيم من الله سبحانه وتعالى الذي هداه حتى استطاع أن يصل إلى هذا الشهر المبارك وأن يعمل ما فيه خيره وما فيه أسباب سعادته.
ولا شك أننا حينما ننظر إلى مجموعة من إخواننا الذين كنا معهم وكانوا معنا في رمضان الماضي وفي ما بعده، نجد أنهم قد انتهت أحوالهم وأعمارهم وانتقلوا إلى حياة أبدية، ولا شك أننا على دربهم سائرون، إن لم يكن اليوم فغدا أو بعده.
لكن ونحن نفخر بأنه لا يزال في أعمارنا ما فيها، ينبغي ألا نفرط في ما تبقى منها، ويجب أن نقضيه في ما فيه الخير، وما فيه النفع والمثوبة والأجر والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بما نرجو أن يكون وسيلة لمرضاته ورحمته وفضله فهو سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته، وأوجد لنا هذه الحياة التي هي مزرعة الآخرة، فيجب أن نغتنم حياتنا ونقضيها في ما فيه خيرنا، ولا شك أن العمل في شهر رمضان هو عمل مضاعف.
فشهر رمضان فيه الخير والله تعالى يقول «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر» فعلينا أن نغتنم لحظات هذا الشهر المبارك، نغتنمه بالأخذ بآداب الصوم والعناية بتلاوة كتاب الله والعناية بالصلوات والأخذ بجميع أنواع القربات الباقيات الصالحات التي تقربنا إلى الله سبحانه وتعالى فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول «رغم أنف امرئ أدرك رمضان فخرج فلم يغفر له».
فلا شك أن من أدرك شهر رمضان، هذا الموسم العظيم، هذا الشهر الذي الحسنة فيه مضاعفة، ولا شك أن هذه الأيام العظيمة يجب على العاقل أن يأتي فيها من العمل الصالح ما يكون سببا لأن يغفر الله سبحانه وتعالى له، وأن يجمع له بين الرحمة والمغفرة والعتق من النار، فبين هذا الشهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فهو سبحانه وتعالى يعتق كل يوم عددا كبيرا من عباده ويعتق في آخر ليلة من ليالي الشهر قدر ما أعتقه في سائر ليالي رمضان.
فعلينا أن نتقرب إلى الله وأن نتضرع إليه وأن نلتمس ما فيه رضوانه لنكون من عتقائه، وألا ننشغل بما فيه اللهو، وما فيه ضياع الوقت، فالوقت من ذهب إن لم تقطعه قطعك. نسأل الله أن يتقبل منا أعمالنا وصيامنا وقيامنا وجميع ما نتقرب به إليه إنه سميع قريب مجيب.

الاعتدال والوسطية
● البعض يتحدث عن استفادته من فضل الشهر بما يعتبره توظيف الاعتدال، فيميل لقطع نصف الشهر تقريبا في غير ما يفيد من لهو ولعب، كيف تردون على ذلك، وهل الوسطية تدخل في هذا الباب؟
ليست الوسطية في أن نبذل وقتنا في لهو ولعب وضياع وما لا خير منه في آخرتي، هذه ليست وسطية، بل تفريط وضياع، ولا شك أن هذا من الأمور التي لا يقوم بها إلا من كان غير ناصح لنفسه، فالله سبحانه وتعالى يقول «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره»، إذا علمنا أن أحدا من الناس يدفع مساعدات وحوافز ونحو ذلك، يكون عند أبواب هذا الشخص الذي يفعل الخير أفواج من الناس، كلهم ينتظر أن يصل إليه ليأخذ حقه، لا شك أن كل ذلك من الأمور الدنيوية، فأمر الآخرة أهم وأولى من ذلك.

التقصير في العبادات
● وكيف ترى مصير من يقصر في أداء العبادات في هذا الشهر الفضيل وكيف يتم توجيهه إلى تحسين أوضاعه؟
لا شك أن من يقصر في عمل الخير غير ناصح لنفسه، وهو يعتبر من الحمقى، ويجب علينا أن نغتنم هذه الحياة لأننا لا ندري متى تنتهي، الإنسان وهو في حال من كمال قوته وصحته وسمعه وبصره يكون في نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى، ويجب عليه أداء شكر هذه النعم، وشكرها يكون في صرفها عما يبعده عن مرضاة الله سبحانه وتعالى.
الاشتغال عما ينفع الناس في الدنيا والآخرة هو نوع من الضياع والخسارة والأمور التي تصل بصاحبها إلى خسارة فادحة ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب أن ننصح أنفسنا وأن نعمل من العمل الصالح ما هو مدخر عند ربنا فالله سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرة، وعلينا أن نعمل ما يكون ذخرا لنا ووسيلة للحصول على ما عند الله من رحمة وغفران.

رسالة للمرأة
● المرأة كما يقال شقيقة الرجل والبعض يصفها بأنها نصف المجتمع، ما هي الكلمة التي توجهونها لها في رمضان بشكل خاص؟
في ما يتعلق بالمرأة فهي شقيقة الرجل وهي مكلفة مثله تماما، وعندما نفرق بين الرجل والمرأة في أعمال العبادة التكليفية التي فرضها الله سبحانه وتعالى فهذا تفريق في غير محله، لأن الله سبحانه وتعالى خاطبنا في هذه المواضع كعباد لله من ذكور وإناث، «فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى»، وقال «المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات»، فليس هناك تفريق بينهما وإنما الله سبحانه وتعالى خلق الرجل وهيأ له من الخصائص ما امتاز به عن المرأة، وخلق المرأة وهيأ لها من الخصائص ما امتازت به عن الرجل، وفي نفس الوقت هناك قواسم مشتركة بين الرجال والنساء، وهو مشترك بين الجميع في ما يتعلق بالعبادات والواجبات والالتزامات.
لذلك فإن القول بأن الرجال يكلفون المرأة فهي والحمد لله إذا كانت عند من يقدر لها حقها وتقدر له حقه فلا شك أنها مكملة للرجل وهو مكمل لها، لذلك لا ينبغي القول بأنها ينبغي ألا تكلف، كيف لا تكلف وهي ربة البيت وطالما أنها كذلك فهي المسؤولة عنه في ما يتعلق بإدارته وترتيبه وتنظيمه وتهيئة جميع ما يتعلق به، لذلك فإنها أشبه ما تكون بوزيرة الشؤون الداخلية في البيت والرجل هو وزير الشؤون الخارجية في ما يتعلق بأسرته، فيسعى لتأمين ما يتطلبه البيت، بينما تسعى هي لترتيبه، والجميع متعاونون على إسعاد أهل البيت، لذلك ليس هناك تفريق بينهما، بل كل واحد منهما مهامه وواجباته وحقوقه، نسأل الله أن يعين الجميع، ولا شك أن الحقوق الواجبة لله سبحانه وتعالى قائمة على الذكر والأنثى.

توسعة الحرمين
● كيف تصفون التوسعة الحالية في الساحة الشمالية وفي صحن المطاف بالمسجد الحرام، وما يشهده المسجد النبوي الشريف من توسعة أخرى؟
لا شك أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وأمده بالصحة والعافية والتوفيق والسداد لما يحبه ويرضاه، قد قدم لبلادنا وأهل بلادنا الخدمات العظيمة التي تميزت وأعطت انطباعا صادقا بأنه جزاه الله خيرا قام بما يجب عليه وهو في الواقع يرى بالرغم من ضخامة المشاريع العظيمة التي قدمها لبلاده أنه لم يقدم حتى الآن ما يرضى به ضميره الذي يعتبر نفسه أبا لهذه البلاد ومسؤولا عنها وخادما لها كذلك فجزاه الله خيرا.
نحن في الواقع نرى هذه الآثار وما يتعلق بالحرمين الشريفين وما يتعلق بالنظر إلى التعليم، تولى أيده الله البلاد وليس فيها إلا 8 جامعات والآن فيها أكثر من 30 جامعة كلها جامعات حكومية وتضاعفت كذلك الجامعات الأهلية وهذا في الواقع ينبعث من تشجيع هذه الجامعات، وكذلك هذه البعثات العظيمة التي وصلت أعدادها إلى مئات الآلاف سيعودون إن شاء الله تعالى بما يخدمون به بلادهم وفي نفس الوقت ننظر إلى مجموعة كبيرة من الأعمال التي قام بها جزاه الله خيرا وأن يثيبه وأن يجعل الجنة مثواه وأن يطيل عمره ويمده بالصحة والعافية.
ولا شك أن الله تعالى وفقه وأمده من إخوانه وأعوانه من يساعدونه ويشدون من أزره لهذا الأمر ونذكر منهم ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله فلا شك أنه يشعر بمشاعر خادم الحرمين الشريفين وكذلك سمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز فهم يشعرون برغباته ويعملون ليل نهار في سبيل تحقيقها فجزاهم الله خيرا ولا شك أن البلاد والحمد لله محظوظة بهذه القيادة الكريمة نسأل الله تعالى أن يحفظ أفرادها لما فيه خير الإسلام والمسلمين.
● ما النصيحة التي توجهونها لسكان العاصمة المقدسة، ومدينتهم تشهد مشروعات حيوية وضخمة وعملاقة، وهل من الواجب افساح المجال قليلا للمعتمرين القادمين من الخارج في ظل ضيق المكان حاليا؟
الحمد لله الذي وفق المسؤولين في هذه البلاد بالرغم من وجود هذه المشاريع الضخمة والمشاريع التي تستلزم أن يكون هناك بعض المشكلات والمضايقات، ولكن الله سبحانه وتعالى وفق المسؤولين على تهيئة السبل ليضيقوا دائرة المشكلات ويوسعوا على إخواننا القادمين من خارج المملكة أو المواطنين أنفسهم، فهيأوا لهم من وسائل الراحة ما مكنهم من تجاوز ما تقتضيه هذه النهضة العمرانية العظيمة، فالحمد لله أن النهضة العمرانية اتجهت الاتجاه السليم وفي نفس الوقت قضي على الكثير من الأمور التي تكون سببا في بعض المشاكل والعراقيل لكن والحمد لله تم تضييقها للحد الأدنى، واتجهت المشاريع للاتجاه الصحيح، ونأمل إن شاء الله أن تنتهي هذه المشاريع إلى ما فيه نفع الجميع وانتفاع الأمة بهذه التوسعات والمرافق العظيمة التي من شأنها أن تعطي القادم لهذه الديار، لا سيما مكة المكرمة والمدينة المنورة المزيد من الراحة والاطمئنان والمزيد من القدرة على التقرب إلى الله سبحانه وتعالى إلى ما فيه الخير للجميع.

دور المسجد
● هناك سؤال دائم عن دور المسجد والإمام والخطيب تجاه مرتادي المسجد للاستفادة من كافة مرافقه، ماذا تقولون لهم؟
المسجد له رسالة فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الإدارة العامة لإدارة البلاد في ما يتعلق بالتوجيه وفي ما يتعلق بالإفتاء والقضاء والتدابير الإدارية والجوانب الإنسانية ومقتضيات المجتمع والعلاقات الداخلية والخارجية.
كانت القرارات الصائبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم باستشارته ومعونة الصحابة وقبل ذلك بتأييد الله سبحانه وتعالى له، كان هو المدرسة الكبرى، فالله سبحانه وتعالى قال «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» فيجب أن نجعل من مساجدنا ما فيه الخير والصلاح والتوجيه والتوعية وألا نجعل منها مصادر فتنة ونزاع واختلافات، بل يجب أن نجسد قول الله سبحانه وتعالى «إنما المؤمنون إخوة» وقول رسولنا صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وقوله عليه الصلاة والسلام «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» فيجب على المسلمين جميعا في مساجدهم وفي ميادين تجمعاتهم أن يستشعروا الإخوة الإسلامية ووجوب التعاون والتآلف والتكاتف وأن يعلموا بأنهم عباد الله وأن الله سبحانه وتعالى سيثيب المحسن منهم على إحسانه وسيحاسب المسيء على إساءته.
فيجب علينا جميعا أن نتناصح، وأن نأخذ بمبدأ قوله صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، هذا في ما يتعلق بين المسلمين أنفسهم، فيجب أن يكونوا في مساجدهم قدوة ومصدر تعاون وقوة لهم وأن يتناصحوا ويتكاتفوا، وأن يناصحوا بعضهم بعضا.
● وما دور الأئمة في هذا المجال؟
ما يتعلق بالإمام فلا شك أنه وصف بإمام وهو القدوة وهو القائد فيجب أن يستشعر الأئمة رسالتهم من حيث قيادتهم وإمامتهم للمصلين وفي نفس الوقت يجب أن يكون منهم التوجيه والبيان وتوعية المصلين وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم، يجب على خطباء المساجد أن يغتنموا فرص ووجود المواضيع المعاصرة التي يكون الناس في حاجة إلى معرفة الرأي فيها، بما يشمل كافة الأمور التي تقع خلال الأسبوع، فيجب أن تكون خطبة الجمعة هي حصاد الأسبوع والتعليق عليه بما فيه الخير والنفع والتوجيه وسلامة الاتجاه والمسلك.
● هناك ملاحظات وأخطاء يقع فيها البعض حول الزكاة، حيث يحرص كثيرون على إخراج زكاتهم في رمضان تحديدا، ماذا تقولون في ذلك؟
الزكاة هي أحد أركان الإسلام الذي بني على 5 أركان شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا.
فهي حق الله تعالى في أموال عباده أو في الأموال التي استخلفهم عليها، فالمال مال الله وما في أيديهم ما هم إلا مستخلفون فيه، فيجب على كل من بيده مقدار من المال فيه حق لله سبحانه وتعالى أن يقوم بأدائه، فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول إن في المال حقا زائدا عن الزكاة، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فينبغي لنا أن نعنى بإخراج الزكاة وألا ندفعها إلا لمستحقها، وإنها أمانة الله سبحانه وتعالى في أيدينا، فعلينا أن نعنى بأدائها، فمن أخرجها الإخراج الشرعي وتحرى وصولها للمستحق دون أن تكون وراء ذلك عاطفة أو مجاملة تقتضي تجاوز النظر في الاستحقاق فمن كان كذلك فقد أبرأ ذمته من إخراج زكاته، ومن تجاوز فهي أمانة ولا يمكن أن تبرأ ذمة دافعها إلا بالتحري، فمن دفعها لغير مستحقيها على سبيل عاطفة أو مجاملة أو نحو ذلك فذمته غير بارئة، فعلينا أن نعنى بإخراج الزكاة وأن نتحرى إخراجها لأهلها، وإذا طلبها ولي الأمر فالذمة تبرأ براءة تامة في إعطائه الزكاة وهو مسؤول عن رعاية هذه الزكاة وصرفها في وجوهها المحددة شرعا.
● ما نصيحتكم الأخيرة للمسلمين؟
أنصحهم بالاستماع إلى ما فيه الخير، فالله تعالى يقول «لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس»، ومثل هذه المنابر الإعلامية هي صوت من المنابر الدعوية ونسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه المنابر في موازين قادة بلادنا، ونجد آثار هذه المجهودات المبذولة في سبيل أن تكون منابر إصلاح ومنافع وتوجيه، ونهيب بإخواننا أن يعنوا بالاستماع لهذه التوجيهات لعل الله يجعل لهم فيها ما يفيدهم، وهذه المنابر فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتوجيه لما يحبه الله ويرضاه وفيها بيان أوامر الله وبيان نواهيه، وبيان ما أعده الله سبحانه وتعالى للمؤمنين من النعيم المقيم، وأشكركم على هذا اللقاء وأرجو من الله أن يعيد لنا هذه الفرصة المباركة أعواما مديدة. ( عكاظ )

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى