الأسد ‘ينفذ’ نصيحة اسرائيل بالانسحاب إلى الجيب الساحلي

صراحة-وكالات:أكد رئيس تحرير صحيفة “الوطن” السورية القريبة من السلطة وضاح عبدربه ان انسحاب جيش النظام من اريحا “يندرج في منطق إعادة تعريف خطوط الدفاع الكبرى عن المدن السورية الهامة”، وذلك بعد يوم من تأكيد صحيفة عربية صادرة في لندن بأن هذه الانسحابات السورية تتم بناء على نصيحة إسرائيلية للرئيس بشار الأسد حتى يستطيع الحفاظ على ما تبقى من قواته سليمة وقادرة على الدفاع عن العلويين بعد الخسائر الفادحة التي تعرضت أخيرا.
وقال عبدربه إن “اولوية الجيش في ما يتعلق بإدلب هي حماية الطرق المؤدية الى المدن الساحلية والى محافظة حماة حيث توجد غالبية سكانية بالإضافة الى حمص ودمشق”.
ويدعم هذا التصريح ما نشرته صحيفة “العرب” العالمية الجمعة نقلا عن مصدر فرنسي مطلع قال إن الإسرائيليين نصحوا الرئيس السوري بشار الأسد عن طريق وسطاء فرنسيين بأن يبدأ بالانسحاب من دمشق إلى منطقة الجيب الساحلي طالما كان الجيش السوري والطيران قادرين على تأمين مثل هذا الانسحاب وتوفير خروج آمن.
وأشار المصدر إلى أن النصيحة الإسرائيلية جاءت بعد تزايد مؤشرات التراجع العسكري والعمليّاتي السوري وتحقيق عدد من التنظيمات السورية المعارضة الإسلامية المسلحة نجاحات تكتيكية كثيرة في مناطق الشرق، وتقدم استراتيجي ملحوظ في القاطع الشمالي من ساحة العمليات.
وأضاف المصدر الفرنسي أن “هذا يعني أن أيّ انتكاسة في منطقة قريبة من دمشق يمكن أن تنعكس كارثيا على وجود العلويين في المنطقة وهذا مبعث النصائح الإسرائيلية المقدمة للنظام”.
ويقول مراقبون إن اسرائيل باتت تخشى أيضا من انهيار مفاجئ للقوات السورية النظامية وهزيمة مدوية للرئيس السوري بعد سنوات من الصمود الذي جنبها (اسرائيل) خطر الجماعات الإرهابية المتشددة التي وضعت إسقاط النظام السوري هدفا رئيسيا ووحيدا لها على الأقل في هذه المرحلة.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد اعترف في تصريحات سابقة بأن قواته تعاني من إخفاقات ميدانية مؤقتة، وأنها ستسعى لاستعادة المبادرة في القتال. لكن تنظيم الدولة الإسلامية وجّه ضربة جديدة باحتلاله تدمر ومناطق استخراج الفوسفات بعد أن كان النظام قد خسر مواقع في الشمال لصالح تحالف تقوده النصرة.
ويضيف المراقبون أن اسرائيل ترى في مصلحتها استمرار الاسد مع جيش ضعيف ضعيف لا لم يعد يشكل لها تهديدا استراتيجيا، لكن ليس الى الحد الذي يصبح معه عاجزا عن الصمود بوجه المجموعات الإرهابية المتنامية في سوريا وخاصة تنظيم الدولة الاسلامية الذي اصبح خطرا حقيقيا ماثلا في المنطقة.
وقال المصدر الذي لم يرغب بذكر اسمه لـ”العرب” إن الإسرائيليين يرون “أن المعارضة بصدد شن هجوم كبير على أحد محوري العمليات، إما مباشرة على جنوب اللاذقية لعزلها أو على حماة للوصول إلى منطقة مصياف/الساحل وقطع الطريق على أيّ قوات يمكن أن تحاصر في قاطع دمشق”.
ويرى الإسرائيليون أن الصورة يمكن أن تكون قاتمة للعلويين الذين يعيشون في دمشق إذا وجدوا أنفسهم غير قادرين على الانسحاب إلى جيب الأقليات في اللاذقية.
ويتواجد عدد كبير من الأقلية العلوية في دمشق وريفها في حين تنتشر قرى علوية حول حمص وصولا إلى مدينة طرطوس الحيوية.
وأكد المصدر الفرنسي أن خسائر حزب الله في سوريا وصلت إلى ألف قتيل وحوالي 7 آلاف جريح مما يعني أن ثلث القوة العسكرية لحزب الله البالغة في أقصى تقديراتها 30 ألف مقاتل تعرضت لإصابات مما يحد من قدرته على تغطية قطاع أوسع من القلمون.
ويقول المراقبون إن الجيش السوري يواجه مشاكل كبيرة في عدد من الجبهات وأن مسلسل التراجع مرشح للاستمرار بعد انتكاسات جسر الشغور وتدمر والمعابر الحدودية مع الأردن، وذلك رغم التصريحات التي يطلقها حزب الله عن نجاحاته في القلمون.
وتؤكد تقارير صحفية أن النظام السوري يوشك على فقدان سيطرته على كامل محافظة ادلب في شمال غرب البلاد، بعد سيطرة مقاتلي جبهة النصرة والفصائل الاسلامية على مدينة اريحا، اخر المدن الكبرى في هذه المنطقة الحدودية مع تركيا.
ويقول محللون إن النظام اذا استكمل انسحابه من اخر المواقع المتبقية له للتركيز على حماية مناطقه الاكثر استراتيجية، ستصبح ادلب المحافظة الثانية التي تخرج كاملة عن سيطرته بعد محافظة الرقة، معقل تنظيم الدولة الاسلامية في شمال البلاد.
وتمكن مقاتلو جبهة النصرة والفصائل الاسلامية المنضوية في اطار جيش الفتح من السيطرة الخميس على مدينة اريحا بشكل كامل، اخر معاقل النظام في محافظة ادلب، وذلك بعد هجوم خاطف انتهى بانسحاب كثيف لقوات النظام وحلفائه عبر الجهة الغربية للمدينة.
ولم يستغرق الهجوم على اريحا الا بضع ساعات على الرغم من تعزيزات النظام الكبيرة، وفق ما اكد المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطون معارضون.
وقال مصدر امني سوري الجمعة “اخلت وحداتنا مواقعها من اريحا (…) بعدما باتت مناطق مناورة الجيش محدودة”، مضيفا “نتيجة لتقديرات عسكرية اتخذت قواتنا القرار بالانتقال الى مواقع جديدة في محيط المدينة والتحضير للمرحلة المقبلة”.
وتأتي خسارة قوات النظام لاريحا، بعد سيطرة فصائل جيش الفتح خلال الاسابيع الاخيرة على مناطق عدة في محافظة ادلب، ابرزها مدينة ادلب، مركز المحافظة، وجسر الشغور ومعسكري القرميد والمسطومة.
وتلقى النظام السوري سلسلة خسائر ميدانية في الاسابيع الاخيرة بالاضافة الى ادلب، ابرزها في محافظة درعا (جنوب) وفي حمص (وسط)، حيث خسر مدينة تدمر الاثرية في 21 ايار/مايو.
ويقول محللون ان النظام السوري قد يجد نفسه مضطرا للاكتفاء بتعزيز سيطرته على المناطق الممتدة من دمشق الى الساحل السوري غربا حيث يتمتع بنفوذ قوي، وذلك بعد اربعة اعوام من حرب اضعفت قواته ومؤسساته.
وقال مصدر امني سوري اخر “المناطق الحيوية الاساسية بالنسبة الى النظام هي دمشق وحمص وحماة والساحل.. اما ادلب فلم تعد من ضمنها وهو ما يفسر انسحاب الجيش السريع من اريحا”.