“البيئة” تستعرض رحلة تطور قطاع المياه من مواجهة الندرة إلى بناء منظومة مستدامة

صراحة ـ واس
استعرضت وزارة البيئة والمياه والزراعة رحلة تطور إدارة قطاع المياه في المملكة من الندرة إلى الاستدامة، وذلك منذ بدايات القرن العشرين وصولًا إلى ما تحقق من إنجازات رسَّخت مكانة المملكة في مقدمة دول العالم في التحلية، وإدارة المياه، وتوسّع شبكات الإمداد والمعالجة، ليُبرز كيف تحوَّلت التجربة السعودية من مواجهة الندرة إلى بناء منظومة مستدامة تدعم التنمية ورؤية المملكة 2030.
جاء ذلك خلال مشاركة الوزارة في ملتقى الدرعية الدولي 2025م تحت شعار “الواحات ركيزة للحضارات- استمرارية التراث والهوية” خلال يومي 10 و11 ديسمبر الجاري، حيث سلّط وكيل وزارة البيئة المياه والزراعة للمياه الدكتور عبدالعزيز الشيباني, الضوء على البُعدَيْن الثقافي والتنموي للمياه، ودورها المحوري في تشكيل أنماط الحياة في البيئة الصحراوية، والأساليب التقليدية للاستخراج والسقيا، والتحوُّلات المؤسسية الكبرى التي بدأت بتأسيس المديرية العامة للزراعة، مرورًا بإطلاق أولى محطات الرصد وبناء السدود، وتحلية المياه المالحة، وتأسيس الشركات الوطنية المتخصصة، حتى إطلاق الإستراتيجية الوطنية للمياه 2030، ونظام المياه، اللذين شكّلا نقلة نوعية في الحوكمة والاستدامة.
وأوضح الشيباني أن أوائل القرن العشرين شهد استقطاب الملك المؤسس -رحمه الله-؛ نخبة من الخبراء الدوليين والبعثات العالمية، لإجراء الدراسات والمسوحات الجيولوجية للتنقيب عن المياه، وتحديد التكوينات الجيولوجية، وتأسيس المديرية العامة للزراعة التي تولّت استصلاح الأراضي، وتحسين الري، وتوزيع مضخات المياه، وتشييد السدود والقنوات، وتعمير العيون، وحَفْر الآبار، كما تم تحويل المديرية العامة للزراعة إلى “وزارة الزراعة والمياه”، وأُنشئَ مكتب للمياه والسدود بالوزارة، وبدأ تشييد أول محطة بشبكة الرصد الهيدرولوجي، وإحداث وكالة الوزارة لشؤون المياه، وإدارة عامة لتحلية المياه المالحة بوزارة الزراعة والمياه في جدة، وأقيمت محطة لتحلية مياه البحر في المنطقة الشرقية، وأخرى في جدة، كما استعانت الوزارة بشركات استشارية عالمية لإجراء دراسات ومسوحات جيولوجية للمياه الجوفية والسطحية، حيث تطورت تقنيات الحفر ليبدأ حفر الآبار العميقة، وانطلقت سلسلة مشاريع المياه في أنحاء المملكة.
وأكد وكيل الوزارة للمياه أن أواخر القرن العشرين، شهد انتشار شبكة الرصد الهيدرولوجي في جميع أنحاء المملكة، وتحديثها تباعًا وزيادة عدد محطاتها وتغطيتها، وإنشاء المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، والبدء في إنشاء “شبكة خطوط نقل المياه المحلاة”، لتغطية الطلب في المناطق الداخلية للمملكة، وإصدار أطلس المياه في المملكة العربية السعودية، وفصل قطاع المياه عن “وزارة الزراعة” كوزارة مستقلة للمياه باسم “وزارة المياه”، وإلحاق الكهرباء بها لتصبح “وزارة المياه والكهرباء”، ثم تأسست “شركة الماء والكهرباء”، والتي أصبحت لاحقًا “الشركة السعودية لشراكات المياه”.
واستعرض التحول خلال السنوات الأخيرة، بتأسيس شركة المياه الوطنية؛ بهدف تعزيز جودة خدمات المياه والصرف الصحي، وزيادة تغطيتها في جميع أنحاء المملكة، وإلغاء وزارة المياه والكهرباء، وتعديل اسم “وزارة الزراعة” ليكون وزارة البيئة والمياه والزراعة، ونقل مهام ومسؤوليات أنشطة البيئة والمياه إليها، وتأسيس المؤسسة العامة للري، بجانب اعتماد الإستراتيجية الوطنية للمياه 2030، لتمثل إطارًا مرجعيًّا لقطاع المياه.
وتناول الشيباني حاضر القطاع ومستقبله، بالإعلان عن تأسيس المنظمة العالمية للمياه ومقرها الرياض، والتي تم توقيع ميثاقها لاحقًا من قبل الدول المؤسسة في مايو 2025م بهدف توحيد الجهود الدولية وتعزيز التعاون لإيجاد حلول مستدامة لتحديات المياه، والتأكيد أن الوصول إلى مياه آمنة حق إنساني، والسعي لضمان توفير المياه النظيفة للجميع للحفاظ على الحياة والكرامة للأجيال القادمة، كما تم تحويل “المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة” إلى هيئة باسم “الهيئة السعودية للمياه”؛ وذلك لتنظيم سلسلة خدمات المياه في مختلف أنحاء المملكة، والإعلان عن المركز الدولي لأبحاث المياه، وقادت كل هذه الجهود إلى تحقيق الريادة العالمية في الإدارة المتكاملة لموارد المياه وفق منظمة الأمم المتحدة.
واختتم وكيل المياه العرض بإنجازات عام 2025م ومستهدفات 2030م، التي رسَّخت مكانة المملكة في مقدمة دول العالم في التحلية، وإدارة المياه، حيث ارتفعت إمدادات المياه لعام 2025م لتصل إلى أكثر من (16) مليون م³ يوميًا، ما يرسخ مكانتها كأكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وسجل القطاع رقمين قياسيين جديدين في موسوعة غينيس العالمية لتصل إلى (11) رقمًا قياسيًا، تأكيدًا لريادة المملكة في تقنيات تحلية المياه، بجانب امتلاك أكبر منظومة لنقل وخزن المياه في العالم، بأكثر من (18.5) مليون م³ يوميًا في سعات أنظمة النقل، وأكثر (29) مليون م³ في سعة خزن المياه، بجانب بناء نحو (574) سدًّا بطاقةٍ استيعابيةٍ (2.6) مليار م³، ونحو (160) محطة معالجة، ونحو (8855) بئرًا لمياه الشرب، و(447) بئرًا للمراقبة، و(826) محطة رصد هيدرولوجي، ووصول أطوال خطوط نقل المياه المحلاة إلى (19,000) كم، وشبكات المياه إلى (130,000) كم، واكتمال تغطية السكان بشبكة المياه بنسبة (84%)، وتغطية خدمات الصرف الصحي بنسبة (67%).
وأكد الشيباني أن القطاع يستهدف بحلول عام 2050م، تحديث وثيقة العرض والطلب 2050، وكذلك خطة العرض والطلب على المياه المحلاة حتى 2050م، وتوفير نحو (21) مليون م³ يوميًّا للاستخدام الحضري، من خلال التوسُّع في زيادة إمدادات المياه المُنتَجة من محطات التحلية؛ وذلك لتغطية حاجة سكّان المملكة في أكثر من (14,000) تجمع سكاني.