المقالات

ثلاثة قصص كُبرى صنعت من المملكة العربية السعودية قوة مؤثرة إقليمياً ودولياً

شهدت الدولة السعودية الثالثة منذ استرداد عاصمتها (الرياض) على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- العديد من الاحداث الهامة التي شكلت تحولات جوهرية في التاريخ السعودي. ولم تؤثر تلك الاحداث على تاريخ المملكة العربية السعودية فحسب، بل كان لها أيضًا تأثير عميق على المنطقة المحيطة وعلى الساحة العالمية بأكملها.

سأتحدث في السطور القادمة عن ثلاثة قصص مفصلية في تاريخ المملكة العربية السعودية (الدولة السعودية الثالثة) جعلت منها دولة ريادية مؤثرة ومهمة على مستوى العالم.

بدأت وقائع القصة الأولى في 5 يناير عام 1902، عندما استرد الأمير الشاب عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- إمارة الرياض، ثم مواصلة كفاحه لأكثر من ثلاثين عاماً نجح خلالها في إقامة الدولة السعودية الثالثة، والتي كانت تسمى سلطنة نجد، ثم سميت مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، ونُصب ملكاً عليها. وفي يوم الخميس 23 سبتمبر 1932 أُعلن رسمياً عن ميلاد المملكة العربية السعودية ، طبقاً للأمر الملكي رقم 2716 الصادر في 17 جمادى الأولى 1351هـ الموافق 18 سبتمبر 1932م، والمتضمن موافقة الملك عبد العزيز، رحمه الله، على تحويل اسم «مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها» إلى «المملكة العربية السعودية». ومنذ ذلك الحين، بدأت الدولة الفتية رحلتها المباركة نحو مستقبل أكثر اشراقاً.

حققت المملكة العربية السعودية -بفضل الله- منذ توحيدها نقلة حضارية شاملة وإنجازات تنموية هائلة، وازدهارًا اجتماعيا واقتصاديًا رغم الكثير من التحديات، واستطاعت توفير معيشة كريمة لشعبها، على يد الملك المؤسس ومن بعده أنجاله، رحمهم الله جميعاً.

القصة المفصلية الثانية بدأت مجرياتها في اليوم الرابع من مارس عام 1938، حينما تدفق النفط بكميات تجارية ضخمة من بئر الدمام رقم 7 الذي أطلق عليه “بئر الخير”، وشهد ذلك العام إرساء أولى لبنات ازدهار مستقبل المملكة العربية السعودية. أخذت قصة اكتشاف النفط في المملكة منعطف تاريخي هائلاً، اذ أدى اكتشاف النفط الى تحول اقتصاد المملكة من الاعتماد على الثروة الحيوانية والزراعة والتجارة والصناعات البسيطة، إلى دولة تعتمد في تمويل الموازنة العامة السنوية على حوالي 90% من ايراداتها من عوائد بيع النفط.

لقد صنع النفط من المملكة العربية السعودية امبراطورية اقتصادية عالمية حيث تبوأت المرتبة الثالثة بين دول مجموعة أقوى عشرين اقتصاد في العالم. وأصبحت المملكة -بفضل الله- اهم مُصدر للنفط والغاز الطبيعي والبتروكيماويات في العالم، حيث تساهم المملكة بنسبة 10% من إنتاج النفط العالمي البالغ 99 مليون برميل يومياً. وبحسب بيانات وزارة الطاقة السعودية، لغ الإنتاج اليومي من النفط الخام 10,591,000 يوميا في عام 2022، بينما بلغ إنتاج الغاز الطبيعي 122،895 ألف متر مكعب قياسي في نفس العام.

ومن المهم الإشارة إلى أن الحكومة السعودية استثمرت ولازالت تستثمر هذه الموارد في رفاهية وازدهار شعبها.

 

القصة المفصلية الثالثة في التاريخ السعودي المعاصر كانت في يوم 25 إبريل 2016، عندما تم الإعلان التاريخي عن تدشين رؤية المملكة العربية السعودية 2030. وذلك بتوجيه من والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ،حفظه الله، وبإشراف مباشر من سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ،حفظه الله.

ان رؤية المملكة العربية السعودية 2030 هي عبارة عن خارطة طريق نحو مستقبل مشرق، بإذن الله تعالى، وهي تستثمر نقاط القوة التي انعم الله بها على المملكة، وهي عمقها العربي والإسلامي، وقوتها الاقتصادية فهي من ضمن دول مجموعة أقوى عشرين اقتصاد في العالم، وموقعها الاستراتيجي الذي يربط القارات الثلاث: أفريقيا وآسيا وأوروبا. وتعتمد رؤية المملكة 2030 على ثلاث محاور رئيسية وهي: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح.

مجتمع حيوي: تولي رؤية السعودية 2030 أهمية كبيرة لرفاهية الافراد الصحية والنفسية والاجتماعية، من خلال ضمان حصولهم على مستوى معيشي وصحي مرتفع في بيئة مزدهرة. كذلك تسعى هذه الرؤية إلى خلق مجتمع بنيانه متين، مع التركيز على تعزيز التنمية الاجتماعية من خلال تعزيز الروابط الأسرية، وتنمية افراد يتمتعون بالشخصيات القوية من خلال التعليم.

اقتصاد مُزدهر: تهدف رؤية المملكة 2030 إلى خلق اقتصاد مزدهر وضمان استدامته من خلال تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الكلي على النفط، وتعزيز المناخ التنافسي الذي يجذب الاستثمارات الاجنبية. كما تعمل الرؤية على تطوير نظام تعليمي يُكسب أبناء الوطن المهارات اللازمة التي تُلبي احتياجات سوق العمل. إضافة الى خلق قطاعات جديدة توفر فرصاً لرواد الاعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبرى، مما يؤدي الى زيادة تمكين المواطنين للمساهمة في الاقتصاد الوطني.

وطن طموح: تهدف رؤية المملكة 2030 الطموحة إلى وجود حكومة شفافة ومسؤولة، تعزز قيم المواطنة الصالحة، وتشجع جميع اطياف المجتمع من مواطنين وقطاع خاص ومنظمات غير ربحية على المشاركة الفعالة لاستكشاف الفرص، واستثمارها من أجل دفع عجلة التنمية الوطنية وتشكيل المستقبل.

منذ إطلاقها في عام 2016، حققت رؤية المملكة 2030 تقدماً كبيراً نحو تحقيق مستهدفاتها، حيث لا يمر علينا يوم الا ويتم فيه تدشين العديد من المشاريع والمبادرات الكبرى التي تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والتبادل الثقافي والنمو الاقتصادي، بإشراف مباشر من القائد المُلهم سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله.

ومن الجدير بالذكر ان برامج رؤية المملكة 2030 حققت نتائج اقتصادية مُبهرة خلال السنوات القليلة الماضية، بالرغم من تحديات جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) التي تسببت في أكبر أزمة اقتصادية عالمية فيما يزيد على قرن، والحرب الروسية الأوكرانية. ومن النتائج المهمة لرؤية المملكة 2030 تعزيز الاستدامة الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل وتم خلق المزيد من الفرص الاستثمارية الجديدة.

ومن أبرز إنجازات رؤية المملكة 2030 (على سبيل المثال لا الحصر) ما يلي:

  1. 1. بناء نمط حياة صحي وتعزيز جودة الحياة للسكان، وتقديم أفضل فرص التعليم لأبناء الوطن.
  2. 2. اظهر اخر تعداد سكاني ارتفاع نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن الى 60.6% بنهاية عام 2022م.
  3. 3. ساهمت برامج الرؤية في ان تكون الأعمال الحكومية أكثر كفاءة وجودة.
  4. 4. تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص.
  5. 5. أصبح الاقتصاد السعودي أسرع الاقتصادات نمواً في مجموعة العشرين.
  6. 6. حقق الاقتصاد السعودي نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 8.7% في عام 2022م، ويُعد هذا المعدل أعلى معدلات النمو بين دول مجموعة العشرين.
  7. 7. بلغ الناتج المحلي لإجمالي للمملكة بالأسعار الجارية أكثر من تريليون دولار أمريكي في عام 2022م.
  8. 8. تضاعف عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة.
  9. 9. تضاعف الإيرادات الحكومية غير النفطية منذ عام 2016م.
  10. 10. ارتفاع الاستثمارات الأجنبية في المملكة بشكل كبير.
  11. 11. انخفاض معدل البطالة في عام 2022م، حيث وصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 2016م.
  12. 12. تعزيز تمكين المرأة في سوق العمل، وارتفاع نسبة القيادات النسائية في سوق العمل.
  13. 13. فوز المملكة باستضافة كأس أمم آسيا 2027م ، ومعرض إكسبو 2030 م، وكأس العالم 2034م.
  14. 14. ارتفاع عدد المشاركات العالمية للمملكة العربية السعودية.
  15. 15. إطلاق التأشيرة الإلكترونية للسياح الدوليين.
  16. 16. التوسع في مشروعات إنتاج الطاقة المتجددة، وهذا عزز دور المملكة الريادي في معالجة التحديات المناخية العالمية.
  17. 17. الإعلان الطموح عن هدف الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2060.

أخيراً، لقد انعم الله علينا في هذه البلاد بقادة أوفياء مخلصين سخروا جهودهم واوقاتهم لخدمة وطنهم وشعبهم في شتى مجالات الحياة. حتى أصبحت المملكة العربية السعودية اليوم حديث العالم ومقصد للطامحين من جميع شعوب العالم، فهي واحة للأمن والأمان والحياة الكريمة والفرص الواعدة في جميع المجالات.

 

 

بقلم الدكتور/ فهد بن ناصر العنزي

23 ديسمبر 2023 م 

للاطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا ) 

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى