محليات

“السديس” بخطبة الجمعة يحذر من الطَّعْن في الأعْرَاضِ و تَتَبُّع العُيوب والعَوْرات

سناب صحيفة صراحة الالكترونية

index

صراحة-واس:  حذر إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس  في خطبة الجمعة اليوم  علي قضية هامة  ألا وهي الطَّعْن في الأعْرَاضِ والذَّوات، واتِّهام البُرَآءِ والنِّيات، موضحاً أنها بِيئة ذَمِيمَة، للسُّفَهَاء هضِيمَةٌ لَقِيمَة يَسْعَى مَهَازيلُها وأغْرَارُها في نَشْرِ الإِفكِ والبُهْتان، والأقاويل المُفْسِدَة بين المسلمين بِالتَّدَابُر والهُجْرَان أضالِيل إنْ لُحْمتها إلاَّ القيل والتَّخمِين، وسَدَاها الافتراء المبين، أمَّا رُواتُها فَقَرَاصِنَة الأعْرَاض، وسَمَاسِرَة الأدْوَاء والأمْرَاض، التي تهْصِر مِسَاك المجْتمعات، وتَصْهر مِلاك القِيَم الرَّضِيَّات، وأنه لأجل تلك المسالك النَّافُوقاء المُعْوَجَّة، والرُّعونَاتِ السَّحْمَاءِ الفَجَّة، التي تنْهَش الأعْرَاض بِالجُلامَةِ والمِقْرَاض، جَاء الزّجر الأكيد، والوعيد القاطع الأكيد، في الكتاب والسُّنة بسوء المصير والمَآب، لِكُلِّ مَشَّاءٍ بِالبُهتِ مُفْتَرٍ كذَّاب، قال تعالى : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً } ،


وقال فضيلته :الله أكبر ما أجَلَّ عِرْضَ المسلم وما أعظمَه، وما أسْمَاه وما أكرمه، لِذلك صَانه الشرع الحنيف دون الشّتم والوقيعة والتَّعَدِّي، والطعن والقذف والتّحَدِّي، فحفظ الأعراض أحد أعظم مقاصد الشريعة، كما عدَّ ذلك أهل العلم كالشاطبي وغيره

وأوضح أن تَتَبُّع العُيوب والعَوْرات، وتقصُّد النَّقائص البشَرِيَّة والعَثَرَات، سلوك رَثٌّ هدَّام، وخُلُقُ أهل اللُّؤم والآثام، مُحَادٌّ لِشرع الله وهدْي رسوله القائل //طوبى لمن شغله عَيْبُه عن عُيوب النَّاس// أخرجه البزار في مسنده والبيهقي في شعبه، قال بعض السلف: “أدركنا السلف الصالح وهم لا يرون العبادة في الصلاة والصيام، ولكن في الكف عن أعراض الناس، وكان مالك بن دينار يقول “كفى بالمرء إثمًا ألا يكون صالحًا ويقع في عرض الصالحين” والأعظم من القدْح البَائر الصَّرِيح، والطَّعْن والتَّجْريح، الحُكم على النِّيَّات، واتِّهام المقاصِد والمآلات، والخَوْض بكل صَفَاقةٍ في غَيْب السَّرَائر، وقَذْفِها بِالعُيوب والجَرَائر، التي لا يعلم حَقيقتَها إلاَّ الله، كُلّ ذلك يُنشر ويُذاع، ويَقْذَع الأسماع، بِنَفْسٍ مُتَّشِحَةٍ بالضَّغِينةِ والغُرور، موزورة بالقول المَرْذول خَافِقةٍ بالجهل والشرور بطينَةً بالفَوَاقِر والثُّبُور، فوا أسفاه وا أسفاه.


وأكد الدكتور السديس أن مِمَّا زاد الطِّين بِلَّة، والزَّمانَة عِلَّة، مِمَّن جعل نَهْش الأعراض تأصيلاً مُسْتطابا، ومن هَدْم تلاحُم الأمَّةِ نَقْدًا واحْتِسَابا، ومِن ظُلم القدُوات نَهجًا جَرَى حقًّا وصَوَابا، رَبَّاه ربَّاه، أيكون الباطل حَقًّا لُبَابَا، كلاَّ لعمرو الحَقِّ وألف كلاَّ، إنْ ذلك إلاَّ الجهل تدَفّق عِيًّا وحَصَرًا مُذابَا.
وأضاف أنه عَظُم الخَطْبُ وجَلَّتِ الرَّزِيّة، واسْتُخِفّتِ البَلِيَّة بِفَرْيِ أعْرَاض رُموز الأمة وعُلَمَائها، مِمَّن أعْرَاضهم أشْرَق مِن ذُكاء، ومَنَاقِبُهم بِعَدَدِ أنْجُم السَّمَاء، يُثْلَبُ من النّزَقة شَأنهم، وتُكلم سُمْعَتُهم في وسائل الإعلام الحديثِ عَبْر ما يُعرف بالتّغريدَات والهَاشْتاقات، فإذا نظرت ثَمَّ رَأيْتَ ثَرْثَرَةَ ولآمة، وهُرَاءً وفَدَامَة، وكثيرًا قد سَلَّ للبهيتةِ أقْلامَهْ، وصَوَّب لِلْجُرْم سِهامَهْ، وجَرَّد يا وَيْحه مِن لِسَانِه حُسَامَهْ، طَعْنًا في الأخْيَار والبُرَآء، والمُصْلِحِين والنُّزَهاء الذين يعيشون قضايا الأمّة وجِرَاحِها،

وأوضح الدكتور السديس أن الخائض في أعراض المسلمين، وعلى وجهٍ أشد وأخصّ، الجِلَّة المَرْموقين، في إدْبارٍ عن الله وإعْرَاض، مُيسَّرٌ للعسْرَى، لا يَعْرِف لذوي الفَضْل حمْدًا ولا شكرَا، ولا مَقَامًا ولا قَدْرَا، وقَد غَدَا فِئام مِنَ النَّاس وخُصوصًا مع زَمْجَرَة الإعلام الحديث، أصْبَحوا لا يسْكُن لهم قَرَار، أو هَدْأة واصطبار، إلاَّ بِتَمْزِيق الأعراض بصواعق الألفاظ، وهَمَزَات الألحاظ، واستِهَامِهَا كالأغرَاض، وبئسَتِ الغَايَاتُ والأغْرَاض، يكتبون الزُّور وبه تجري أقلامهم، ويكتمون الحق وبه تأمرهم أحلامهم، في تفتيتٍ لوحدةِ الأمةِ الإسلامية، والأُخُوَّةِ الإيمانيةِ بتصنيفاتٍ فكرية، وتقسيماتٍ حزبية، ومسالك مذهبية، ونعراتٍ طائفية، تخدمُ أجنداتٍ خفية، تستهدف وحدةَ وأمنَ واستقرارَ المجتمعاتِ الإسلامية، والله المستعان.


وقال فضيلته أيها المُتهَوِّكون في سِيَرِ العِبَاد ونِيَّاتِهم، تجافوا عن تلك المسَاخط وارغبوا إلى الدّيان بِالنَّجَاة والسَّلامة، قبل حُلول الفُجَاءة والنَّدَامَة، //وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ


وأكد الدكتور السديس أن عُقوبَة التَّعَدِّي على الأعراض سَفْكًا وحَشَّا، وعَقْرًا ونَهْشا، أَمْرٌ تَرْعَدُ له الفرائض، وتَرْتَاع له القلائص، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال //لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَومٍ لهم أظفار من نُحاس يَخمشون وجُوههم وصُدورَهم، فقُلْتُ: من هؤلاء يا جبريل، قال هؤلاء الذين يأكُلُون لحُوم النَّاس ويقعون في أعْرَاضِهم// أخرجه أبو داود في سننه ، فاللّهم سَلِّم سَلِّم.
وشدد الدكتور السديس أن الحَقّ الحقيق، على كُلِّ مسلم ومسلمة، أنْ إذا سَمِعَ مُسْتطيلاً في عِرْض أخيه، يَنَال منه أو يَفريه، أرْشدَه ونَهَاه، وأخَذَه إلى مَهَايع الإنصاف وهَدَاه، وحَذَّرَه مِنَ التّخَرُّصَاتِ والأباطيل، والقالِ والقيل التي تَجُرُّ إلى الويلات والتَّحَاسُد، ولا تُعْقِب إلاَّ المهالك والمفاسِد، قال صلى الله عليه وسلم //مَنْ ذَبَّ عن عِرض أخيه، كان له حجابًا من النار// أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى