محليات

الشيخ القاسم في خطبة الجمعة : تبنى العبادة على خشية الله ورجائه ومحبته

DSC_2244_m

صراحة – خالد الحسين : ذكر فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة اليوم أن الله أوجد الخلق لعبادته الجامعة لخشيته ورجائه ومحبته ، وعلى هذه الأصول الثلاثة تبنى العبادة ، والمحبة أعظم هذه الأركان فأصل كل فعل وحركة في العالم من الحب والإرادة ، ومحبة الله من أعظم واجبات الإيمان ، وأكبر أصوله وأجل قواعده بل هي مقصود الخلق والأمر ، وأصل كل عمل من أعمال الإيمان والدين وغاية العبادة هو كمال الحب والذل لله تعالى.

وتابع فضيلته : لا يتم إيمان عبد ولا يستقيم إلا بتحقيق المحبة لله ، ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم تابعة لمحبة الله ، وإذا أخلص العبد محبته لله ذاق حلاوة الإيمان وطعمه قال عليه الصلاة والسلام : (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ وَطَعْمَهُ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ فِي اللَّهِ، وَأَنْ يَبْغُضَ فِي اللَّهِ، وَأَنْ تُوقَدَ نَارٌ عَظِيمَةٌ فَيَقَعَ فِيهَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا)

وأضاف فضيلته : أن تحصيل هذه المحبة يكون بما سنه الله وشرّعه ، وأعظم الأسباب الموجبة لمحبة العبد ربه العلم بأسمائه وصفاته فهو المحبوب لذاته وكمال صفاته ، فجماله تعالى وكماله وأسماؤه وصفاته تقتضي من عباده غاية الحب والذل والطاعة له ،ومطالعة النعم موجب لحب واهبها وشكره عليها ، ومحبته من جملة الشكر الواجب فيها وذلك سبب دوام النعم ومزيدها قال عز وجل (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكُمْ) والإقبال على الطاعة بصدق وإخلاص سبب لفضل الله على عبده فيثيبه لذة محبته وأنس مناجاته ، فلا يعدل بذلك بدلاً ولا يرغب عنه أبداً ، والبعد عن الشبهات والشهوات سبيل الصلاح والاستقامة ، والصحبة الصالحة خير عون على ما يحبه الله و يرضاه .

وأضاف فضيلته : أن الله يزيد حبه للأعمال الصالحة في مواسم الخيرات ، وملازمة الذكر عون على حسن الختام (وأَحَبُّ الأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ َأنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) ومن بذل ماله ونفسه للدين أحبه الله وأكرمه قال سبحانه : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ) والصبر على الطاعة وعن المعصية وعند البلاء قربة ودين والله يحب الصابرين ، ومن فعل النوافل بعد الفرائض أحبه الله قال الله في الحديث القدسي (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ) .

وأضاف فضيلته : والتائب العائد إلى الله يحبه الله ويتوب عليه قال سبحانه : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) والعصمة من فتنة الدنيا أمارة حب وإكرام ، والقبول في الأرض ومحبة الخلق للمسلم دليل محبة الله له قال عليه الصلاة والسلام :( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ ) .وحسن الخاتمة منحة من الله لمن يحب من عباده (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ ). فحب الله للعبد منزلة عالية ينالها المطيع له ولرسوله صلى الله عليه وسلم عقيدة وقولاً وعملاً ، ومن أحبه الله صرف عنه كل شر وبلاء وهداه ووفقه وأجاب دعاءه .

وفي الخطبة الثانية أوضح فضيلته : أن المحب يكون مجانباً لما يكرهه مولاه بعيداً عن الكفر وشعبه ، ومجانباً للفساد وأهله ، ينأى عن الظلم حقيره وكبيره لأن الله لا يحب الظالمين ، حذراً من العدوان والله لا يحب المعتدين ، قلبه سليم من الكبر ظاهر عليه التواضع فإنه تعالى لا يحب المستكبرين ، ليس أشراً ولا بطراً قال تعالى (لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) بعيداً عن الإعجاب بالنفس أو الافتخار على الغير فالله سبحانه لا يحب كل مختال فخور ، حذراً من الخيانة ملازماً للأمانة لأن ربه لا يحب الخائنين ، كلامه طيب لا يعتريه سوء ، والمسلم أبعد ما يكون عن الفحشاء ، وهو سبحانه لا يحب المسرفين ويمقت مخالفة الفعل للقول قال تعالى : (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) وقال صلى الله عليه وسلم (إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ) وقال صلى الله عليه وسلم (وأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ) .

وأختتم فضيلته الخطبة بالصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه أشرف الصلاة وأتم التسليم ودعا فضيلته أن ينصر الإسلام والمسلمين وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين وأن يوحد صفوفهم وينصر المستضعفين منهم يارب العاملين ، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان ويوفق خادم الحرمين الشريفين ونائبيه وولاة أمور المسلمين لما يحبه ويرضاه .

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى