درب البخور .. شريان تجارة العطور من جنوب الجزيرة العربيّة إلى شمالها


وعُرف “درب البخور” في رحلات الأبحاث والتنقيب عن آثار جزيرة العرب, وأشغل هذا الطريق الكثير من الباحثين باعتباره شرياناً اقتصادياً, وعلامة حضارية تدل على القرون الميلادية الأولى في أرض شبه الجزيرة.
وأفاد العديد من الباحثين والعلماء أن سبب تسمية هذا الدرب بـ”درب البخور” أن بضائع التجارة التي كانت تنتقل عبر هذا الطريق من جنوب الجزيرة العربية إلى مكة وبلاد الشام أو إلى نجد فالأحساء والبحرين كانت تتميز بكميات البخور الكثيرة والفاخرة, ذات الجودة المشهورة إبان تلك العصور .
وعدت منطقة نجران حلقة مهمة من حلقات تجارة البخور، حيث تبين للباحثين عبر المواد التاريخية والزيارات الميدانية أن قوافل البخور سلكت أكثر من طريق بين موانئ اليمن ومكة المكرمة بعد أن اعتمدت في بداية الأمر طريقاً على الأطراف الغربية للصحراء أي ما بين نجد والحجاز منطلقة عبر نجران في محافظة يدمة، واستمرت في سفرها عبر هذا الطريق حتى عام (400 ميلادية).
ومع بداية القرن الخامس الميلادي اتخذت القوافل طريقاً آخر عبر الجبال مختلفة عن الطريق الأولى، حيث تنطلق من اليمن فنجران وحتى “تبالة” الواقعة في الجنوب الشرقي من مكة, وعُرف هذا الطريق فيما بعد بـ” درب أسعد الكامل” أي أن هذا التحويل في اتجاه الطريق كان في عهد أحد ملوك حمير الذي عاش في أوائل القرن الخامس الميلادي، ومع أن هذا الطريق أكثر وعورة من طريق البخور الأول عبر الأودية الشرقية، إلا أنه كان أكثر من نواحي المياه والنبات والخضرة.

وعلى “درب البخور” تنتشر الكثير من النقوش والكتابات والرسوم التي كتبها العابرون من الرُحّل والتجار والمسافرين سواءً في “يدمة” أو في مريغان أو في مناطق الدرب المتقدمة باتجاه الحجاز, حيث توجد رسوم متكررة لفارس وحصانة, ورسوم متكررة ليد تلوّح, وغيرها من الرسومات العجيبة والدالة على حرفة وإبداع في النقوش, وكذلك العديد من الكتابات الثمودية أو المدونة بالمسند.