المقالات

مستوى الخطأ

الدرجة والمكانة التي أستوى عليها الشيء هو المعنى اللغوي والموضوعي للمستوى ولكن ما الذي يمكن أن يكونه هذا الشيء؟! بطبيعة الحياة البشرية كل ما فيها له مستويات وحددت هذه المستويات وفق ما يعيه العقل البشري بما يتوافق مع تحليله العقلي المُعْتمِد على المنطقية والفطرة السوية ثم وفق ما تم دراسته من فائدة وخطورة أو بداية أو نهاية وجيد وسيء وأكمل على غِرارها.. ومن هذه المستويات هو مستوى الخطأ حيث أن الخطأ يحوي جانبين، الأول هو الخطأ بعينه والثاني هو مستوى الخطأ وفي غالب الأحداث نجد أن مستوى الخطأ هو الذي يُظهِر الفعل بأنه لا مُبرر له ويستحق العقوبة، فضلاً عن الأيديولوجية الإثنية والثقافية الاجتماعية وتحديدها الجمعي لمستوى الخطأ وعلى نطاق أصغر كالمحيط الأسري وأثره على معدل الوعي بمستوى الخطأ. وبشكل العموم هناك إدراك واضح لدروس الحياة والتطور البايولوجي بمعنى أن الفئات العمرية هي عبارة عن مستويات وكل مستوى منها له مرحلة قابله وليست بالضرورة لارتكاب مستوى من الأخطاء التي متوقعة مع معدل النضج والإدراك، على سبيل المثال الطفل عندما يعلق أو يعطي تفاعل مُخجل وجارح من رؤية شخص مريض بمرض غير من شكله أو من طبيعة حركته أو لونه مختلف أو شعره بلون مختلف ليس كمن يرتكب نفس الخطأ وهو بالغ ومدرك أن البشر يختلفون في أشكالهم وظروفهم ويدرك أن للحياة نوائب تصيبها من مرض ومن فقر وغيرها، فالطفل نعلمه ونوجهه والبالغ نعاتبه ونرى خطأه كارثي وأخلاقي.  فمستوى الخطأ لهذا البالغ هو المُلام عليه فمن كان في عمره تجاوز هذه المرحلة منذُ زمن بعيد. وهنا مثال آخَر، فمن يقود السيارة لأول مرة ويتوقف بشكل مفاجئ في منتصف الطرق ويسبب الهلع ليس كمن يتوقف بشكل مفاجئ وهو يقود السيارة من 20 عام فبلا شك الأول خطأ من جهل والثاني خطأ من قصور واضح وصريح، كما أن العقوبات القانونية تقع على مستوى الخطأ وليس الخطأ بعينه مثل من أرتكب جريمة قتل وهو خُلق بقصور في عقله أو اختلال توازن في وظائف العقل “مجنون” ليس كمن يرتكب جريمة قتل وهو كامل الأهلية لأن مستوى الخطأ متوقع من المجنون وذو القصور العقلي فحتى لو حكم عليه بالعقوبة فلن يدرك ذلك ولن يرى بالموت والحياة فرق وهذا مغاير لكامل الأهلية فهو يدرك الخطأ ويعي مُر العقوبة، إذا كلاهما ارتكبوا ذات الخطأ ولكن مستوى الخطأ لكل منهم كأن مختلف. فالتحسبات العقلانية التي فرضها جون موث سنة 1961م وكانت فرضية مرتبطة بسلوك الأفراد، قال فيها “يلجأ الفاعلون إلى استعمال جميع المعلومات المتوفرة لديهم سابقاً وحالياً” وهذه فرضية وضعها يصف ما يصدر من المحللين السياسيين والاقتصاديين، وكما أرى اليوم أن مستوى الخطأ له ارتباط وثيق بالتحسبات العقلانية فالإنسان المدرك العاقل يجب بحكم الضرورة أن تكون المعلومات المتوفرة لدية كافية ليكون حَسن السيرة والسلوك أو لن يُعذر بجهله. قد لا يكون الخطأ بعينه هو المزعج ولكن الأسواء من ذلك هو مستوى هذا الخطأ الذي يعطي معلومات وثيقة عن المستوى الفكري والذوقي والتربوي وثقافته الشخصية وثقافته العامة الاجتماعية لدى الشخص وهذا لا يحتمل تبرير فكان مستوى الخطأ إثبات كافي، وهذا لا يعني أن العظماء لا يخطؤون بمستوى خطأ فادح ولكن ليس لها سابقه وليس لها تالية تكرار وهناك جانب يجهله يجب أن يتعلمه فلابد أن توضع بالحسبان الأسباب وهي ليست من باب العذر بل من باب منع تالية التكرار ولكن لا تمنع المَلامة. لذا وعينا بمستوى الخطأ هو ما يجعلنا نمارس الرٌقي الذي خُلق للبشر وهو “الترفع”، كُن ذا رفعه وتنزه عن الأخطاء فهذا ما يميز الإنسان وحده.

 

بقلم / عهود الغامدي

18  يونيو 2023 م 

للأطلاع على مقالات الكاتبة ( أضغط هنا ) 

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى