بدء أعمال الاجتماع المشترك الرابع لوزراء الخارجية العرب ونظرائهم الأوروبيين

صراحة – نواف العايد : بدأت اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، أعمال الاجتماع الرابع لوزراء الخارجية العرب مع نظرائهم في الدول الأوروبية، برئاسة مشتركة لوزير خارجية تونس الرئيس الحالي لمجلس الجامعة العربية خميس جينهاوي، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موجريني، ومشاركة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط.
ورأس وفد المملكة العربية السعودية إلى أعمال الاجتماع معالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية، مندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية، عميد السلك الدبلوماسي العربي أحمد بن عبد العزيز قطان.
ويناقش الاجتماع سبل تعزيز التعاون بين الدول العربية مع الجانب الأوروبي الى جانب بحث عدد من القضايا منها المتعلقة بمكافحة الإرهاب والهجرة والمساعدات الإنسانية والقضايا المتعلقة بقضايا نزع السلاح خاصة أسلحة الدمار الشامل، إلى جانب الجريمة المنظمة العابرة للحدود والاستجابة للأزمات والإنذار المبكر.
كما يناقش الوزراء مقترحًا بعقد قمة عربية أوروبية مشتركة دورية وذلك على غرار القمم التي يعقدها الجانب الأوروبي مع التكتلات الإقليمية الأخرى، حيث يتضمن مشروع الإعلان المشترك الذي سيصدر عن وزراء خارجية الدول العربية ونظرائهم في الاتحاد الأوروبي مقترحا عربيًا، بعقد قمة عربية أوروبية دورية لمناقشة التحديات التي تواجه المنطقتين.
وأكد وزير خارجية تونس رئيس الجانب العربي خميس جينهاوي في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع، أهمية تعزيز الحوار العربي الأوروبي وضرورة مضاعفة الجهود وتكثيف التعاون في ظل الأوضاع الدقيقة الإقليمية والدولية.
وثمن مجددًا الخطوة التي تم انجازها بانتظام الاجتماعات بين الجانبين على المستويات كافة، مشيرًا إلى أن اقتراح عقد قمة عربية أوروبية يعطي زخمًا أكبر للعلاقات والشراكة بين الجانبين.
ولفت إلى ضرورة مضاعفة الجهود وتعزيز وانجاح المبادرات الخاصة بالقضية الفلسطينية والتوصل لتسوية عادلة وشاملة على أساس قرارات الشرعية الدولية بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة ، فضلًا عن إيجاد حل للأزمتين السورية واليمنية.
كما طالب بضرورة مواصلة الجهود والتعاون للتصدي لخطر الإرهاب الذي يذهب ضحيته العديد من الأبرياء واعتماد إستراتيجية مشتركة لمحاربته.
من جانبها أكدت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موجريني إن الأحداث الإرهابية الأخيرة في مختلف دول العالم تضفي مزيد من الأهمية على اجتماع اليوم لبحث كيفية مواجهة الإرهاب والعنف الذي يضر بالمدنيين.
وقالت في كلمة لها خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع أن ما يحدث في سوريا وليبيا واليمن له تأثير مباشر على دول أوروبا مما يؤكد ضرورة أن يكون الاتحاد الأوروبي شريكًا أساسيًا في حفظ الأمن في العالم العربي، داعية إلى ضرورة السعي للارتقاء بالعلاقات بين الجانبين لمستوى أعلى وزيادة التعاون المنشود في مختلف القضايا وخاصة الهجرة غير الشرعية.
وعلى صعيد الأزمة السورية دعت موجريني إلى ضرورة وضع حد للحرب في سوريا من خلال مرحلة انتقالية بمشاركة مختلف القوى، ووقف الحرب بالوكالة الدائرة هناك، مشددة على أنه لا يمكن حل الأزمة حلًا عسكرياً ولا يمكن أن تظل سوريا بؤرة يعاني منها الجميع.
كما دعت إلى ضرورة وقف الحرب في اليمن كونه أمرًا حيويًا وجوهريًا، وكذلك إنهاء كل الأزمات القائمة والتعاون للحفاظ على وحدة البلدان ومواجهة الإرهاب وإيقاف نهب الثروات في سوريا وغيرها.
وحول القضية الفلسطينية طالبت المسؤولة الاوروبية بضرورة التكاتف من أجل الوصول لحل للنزاع فهو ليس مستعصي على الحل خاصة مبادرة السلام العربية التي تتضمن عناصر أساسية لتسوية الصراع مع ضرورة الإبقاء على حل الدولتين، معربة عن استعدادها لدعم جهود السلام.
بدوره أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط في كلمته عن تطلعه لترسيخ التعاون العربي الأوروبي بعقد قمة عربية أوروبية بشكل دوري للارتقاء بالعلاقات المشتركة لأعلى المستويات وكذلك عقد اجتماعات دورية بين الجانبين على مستوى كبار المسؤولين لتحديد الأولويات ووضع الآليات اللازمة لتعزيز مجالات التعاون بين الجانبين وتفعيل العمل المشترك.
وأكد أهمية اجتماع اليوم خاصة وأن الأزمات التي تواجه المنطقة لن تتوقف انعكاساتها وتداعياتها عند حدود الشرق الأوسط، بل ستتجاوزها إلى محيطها وجوارها القريب والبعيد، ولن يصير ممكناً مواجهة التحديات الجسام والخروج من الأزمات الطاحنة سوى بإرساء شراكة وتعاون حقيقيين بين العالم العربي والاتحاد الأوروبي.
ونبه إلى أن المأساة السورية تُثير في نفوس الشعوب العربية جميعها شعوراً بالأسى الشديد، وأنها باتت مسرحاً لتجاذبات دولية وطموحات إقليمية جاءت كلها على حساب الشعب السوري الذي يعيش واحدة من أفدح الأزمات الإنسانية التي لم يشهد العالم لها مثالاً منذ سنوات طويلة.
وأدان أبو الغيط الممارسات التي يقوم بها النظام السوري وحلفاؤه من عمليات عسكرية وحشية في مدينة حلب، مجددًا التأكيد على ضرورة تحمل مجلس الأمن لمسؤولياته كاملة في حفظ الأمن والسلم.
ودعا الجانب الأوروبي إلى توظيف ثقله السياسي وإمكاناته الدبلوماسية من أجل إنهاء العُنف في سوريا، والتحرك في سبيل إقرار الحل الوحيد الممكن لهذه الأزمة، وهو الحل السياسي الذي يستند إلى مقررات جنيف1.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية أكد أنها تظل قضية العرب الأولى، كما يبقى استمرارها سبباً مُباشراً من أسباب انعدام الاستقرار في المنطقة، مشددًا على أن الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المُحتلة هو عمل غير شرعي وعار من أي غطاء قانوني، مهما حاول الطرف الإسرائيلي الالتفاف على هذه الحقيقة بمحاولة شرعنته.
وأعرب عن تقديره للمواقف الأوروبية من النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، بما في ذلك حملات وسم المنتجات التي تُصنع في المستوطنات، داعيًا إلى تحرك دولي فاعل ومتضافر من أجل وقف الاستيطان كخطوة أولى ضرورية لإنفاذ حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بما يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه في إقامة دولته المُستقلة على خطوط الرابع من يونيو، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما طالب أبو الغيط دول الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بالتصدي بكل حزم لمسعي إسرائيل للحصول على مقعد غير دائم بمجلس الأمن، مؤكدًا أن ذلك المسعى يتناقض مع أبسط قواعد المنطق ومبادئ العدالة، فالاحتلال يجب إنهاؤه لا مكافأته بأن يصبح عضواً في جهاز الأمم المتحدة المنوط بحفظ السلم والأمن الدوليين.
وأشار إلى الوضع المتأزم في ليبيا على المستوى الأمني والسياسي، داعيًا لتضافر الجهود بين الجانبين العربي والأوروبي من أجل استعادة الاستقرار، وفيما يخص اليمن أكد أبو الغيط دعم الجامعة العربية للشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
كما أكد الأمين العام دعم الجامعة العربية الكامل للحكومة العراقية في الحرب الشرسة التي تخوضها ضد تنظيم “داعش” الإرهابي ورحب بما تم إنجازه حتى الآن لتحرير الموصل.
من جهته قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في كلمته إن نظرةً سريعة على التحديات التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية، كفيلة بأن تبرز وبوضوح الحاجة لمزيد من التشاور والحوار العربي الأوروبي حول القضايا الإقليمية والدولية، التي يأتي في مقدمتها تعاظم خطر الإرهاب والتطرف وما يرتبط بهما من انتقال الإرهابيين والمقاتلين الأجانب عبر الحدود لزعزعة أمن الدول العربية وأوروبا على حد سواء؛ وتأزم الوضع على الساحتين السورية والليبية، فضلاً عن الركود الذي تشهده عملية السلام في الشرق الأوسط بما يسمح باستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره وإنشاء دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني.
وأكد أن هذه التحديات والقضايا الملحة تتطلب تضافر الجهود من أجل استعادة التوازن والاستقرار في المنطقة، واحتواء تداعيات الأوضاع الحالية على أمن واستقرار العالم العربي وأوروبا، بل والعالم بأسره.