تونس تتجه لصدام مدمّر مع السلفيين الناشطين بحكم ‘القانون’

صراحة-وكالات:تتجه السلطات التونسية إلى حلّ حزب التحرير الإسلامي المتشدد الذي حصل على ترخيص للنشاط السياسي “القانوني” في عهد حكومة النهضة الإخوانية، مايعني أن البلاد مقبلة على حرب حقيقية ضد تيار سلفي متشدد يقول أنصاره إنهم مستعدون إذا لزم الأمر لإعلان المواجهة مع “دولة الطاغوت” إن هي تجرأت لتمنعهم من المضي قدما في الترويج لدولة الخلافة.
ويعتبر هذا القرار من اهم الإجراءات التي تتجه الحكومة التونسية لاتخاذها ردا على الهجوم الإرهابي الذي استهدف فندق “ريو امبريال مرحبا” بمرسى القنطاوي في مدينة سوسة ووجه ضربة موجعة للسياحة وللاقتصاد التونسيين.
وقال حبيب الصيد إن “كل حزب أو جمعية تكون غير محترمة للمبادئ الاساسية للدستور (التونسي الجديد) سيقع التنبيه عليها وإذا لزم الأمر حلّها”.
وكان الرئيس التونسي الباجي قائدالسبسي دعا الجمعة من الفندق الذي تعرض للهجوم، رئيس الحكومة الى “مراجعة” الترخيص القانوني لحزب لم يسمه، قال انه “يرفع العلم الاسود” في اشارة على الأرجح الى حزب التحرير الاسلامي الذي رفع انصاره خلال تجمع اقاموه مؤخرا بالعاصمة تونس رايات بيضاء وسوداء وكتبوا على لوحات سياراتهم عبارة “دولة الخلافة”.
وترتبط أفكار حزب التحرير في تونس بكافة فروع الحزب في العالم، حيث يدعو إلى “استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة”، ويتبع الفرع التونسي إلى قيادة الحزب المركزية.
وتحظر جميع الدول العربية والاسلامية ما عدا لبنان وتونس نشاطات هذا الحزب الاصولي الذي يرفض جميع أشكال الحكم الموجودة في هذه الدول ويصفها بأنها “تحكم بما يخالف شرع الله” ووجبت مقاومتها حتى اسقاطها وإقامة دولة الخلافة.
وفي تونس يرفض الحزب الإجابة عن سؤال حول موقفه من الحرية والديمقراطية كأساسين مهمين للحكم في البلاد، رغم انه استفاد منهما للحصول على الترخيص القانوني بدعم من حركة النهضة التي ترى في مثل هذه الأحزاب الدينية انها حليف استراتيجي للمستقبل رغم مظاهر “الاختلاف” معها في الوقت الراهن.
وأعطي الحزب تأشيرة العمل السياسي بشكل “قانوني” في تونس في 17 يوليو 2012 إبان حكم النهضة.
وكانت حكومة حمادي الجبالي القيادي السابق بحركة النهضة الإسلامية قد أعطت تأشيرة العمل العلني لهذا الحزب رسميا في تونس، في سياق مخططها لدعم الاتجاه الإسلامي في المنطقة.
وتمكن منذ ذلك الحين من تعبئة مئات الآلاف من الأنصار كما يقول قياديوه وهم مستعدون للدفاع عن حزبهم وأفكاره حتى النهاية.
ويقول مراقبون إن الحزب المتشدد يقف وراء حملة “وينو البترول” التي تهدف للضغط على الدولة التونسية للكشف عما يزعم انه فساد في قطاع الثروات الباطنية في تونس. ويجد الحزب في هذه الحملة دعما قويا من انصار حزب النهضة المشارك في الائتلاف الحكومي ومن عدد من الأحزابالتي كان رموزها يشاركون في حكومة الترويكا بقيادة النهضة.
وقررت الحكومة التونسية “إعادة النظر في المرسوم (القانون) المنظم للجمعيات خاصة فيما يتعلق بالتمويل وإخضاعه للرقابة القانونية للدولة”، حسبما اعلن الحبيب الصيد الذي قال ان “تمويل الارهاب متأت احيانا من جمعيات تساند الارهاب”.
وأعلن الصيد أن حكومته تعتزم غلق في غضون أسبوع 80 مسجدا غير خاضعة لسيطرة الدولة (ويعتقد أن حزب التحرير يسيطر على أغلبها) لتحريضها على العنف، مؤكدا أن هذه المساجد بنيت من دون تراخيص قانونية و”تبث السموم للحث على الارهاب”.
كما اعلن “فتح تحقيق (وإجراء) تقييم كامل للواقعة (هجوم سوسة الإرهابي)” بهدف “تحديد المسؤوليات”.
وقال “في صورة ثبوت وجود إخلالات من اي طرف كان سيقع اتخاذ الاجراءات اللازمة”.
كما قررت الحكومة التونسية “دعوة جيش الاحتياط لتعزيز التواجد العسكري والأمني في المناطق الحساسة (..) والمواقع التي فيها خطر إرهابي” و”تكثيف الحملات والمداهمات لتتبع العناصر المشبوهة والخلايا النائمة (..) في اطار احترام القانون” وفق الصيد.
واعلن الصيد “وضع مخطط استثنائي لمزيد تامين المواقع السياحية والأثرية بتشريك (أهل) المهنة (السياحية) بنشر وحدات مسلحة من الامن السياحي على كامل الخط المائي (السواحل) وكذلك داخل الفنادق بداية من مطلع يوليو/تموز” القادم لافتا الى ان الامن السياحي الحالي “غير مسلح”.
كما اكد انه سيتم “رصد مكافآت مالية لكل من يدلي بمعلومات تمكن من القاء القبض على عناصر إرهابية”.
وافاد الصيد بأن منفذ الهجوم ويدعى سيف الدين الرزقي “طالب في جامعة القيروان مولود سنة 1992، وأصيل مدينة قعفور” من محافظة سليانة (شمال غرب) “وليس له أي سوابق”. وأضاف أن الشاب حصل على جواز سفر سنة 2013 وانه لم يغادر تونس الى الخارج.
وتبنى تنظيم الدولة الاسلامي المتطرف الاعتداء الدموي الجمعة على فندق تونسي ما خلف 38 قتيلا اغلبهم من البريطانيين ونفذه طالب تونسي مسلح برشاش كلاشنيكوف كان يخفيه تحت شمسية وشكل ضربة موجعة للسياحة القطاع الاقتصادي المهم في البلاد.
وكانت تونس التي سجلت تصاعد عنف مجموعات اسلامية مسلحة شهدت قبل ثلاثة اشهر اعتداء داميا على متحف باردو بالعاصمة تبناه ايضا تنظيم الدولة، وخلف مقتل 22 شخصا بينهم 21 سائحا اجنبيا.
وجاء في بيان للتنظيم نشر عبر مواقع اسلامية على تويتر “انطلق جندي الخلافة (..) ابو يحيى القيرواني (..) وتمكن من الوصول الى الهدف في فندق امبريال” وقتل “قرابة الاربعين (..) معظمهم من رعايا دول التحالف الصليبي التي تحارب دولة الخلافة”، في اشارة الى التحالف الدولي الذي يقصف مواقع تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
واعتبر التنظيم ان الهجوم استهدف “اوكارا خبيثة عشش فيها العهر والرذيلة والكفر بالله في مدينة سوسة” وذلك “رغم الاجراءات (الامنية) المشددة التي طوقت هذه الاوكار المستهدفة في شاطئ القنطاوي”.
واتى الاعتداء في تونس في اليوم ذاته لاعتداء تبناه تنظيم الدولة في الكويت (27 قتيلا) وآخر في فرنسا.
وأعلن الصيد في الساعات الاولى من السبت ان الاعتداء أسفر عن مقتل 38 شخصا أغلبهم بريطانيون.
وفي مؤتمر صحافي، قال الصيد ردا عن سؤال حول جنسيات القتلى “أكثرهم انكليز، وبعضهم ألمان وبلجيكيون وفرنسيون”.
وكانت وزارة الصحة اعلنت في آخر حصيلة رسمية للهجوم مقتل 39 واصابة 39 آخرين. وافادت الوزارة وكالة فرانس برس ان احدى جثث القتلى تعود لمنفذ الهجوم.
ولم تنشر حتى الان اللائحة الدقيقة لجنسيات السياح حيث ان معظم الضحايا كانوا بلباس البحر عند وقوع الاعتداء ولا يحملون هويات معهم.
وبين القتلى الاجانب خمسة بريطانيين على الاقل وايرلندية، بحسب سلطات بلديهما.
كما اصيب في الاعتداء 39 شخصا بينهم بالخصوص بريطانيون وبلجيكيون والمان ونروجيون.
وبحسب السلطات فإن منفذ الهجوم الذي كان مسلحا برشاش كلاشينكوف، يدعى سيف الدين الرزقي ويتحدر من منطقة قعفور بولاية سليانة (شمال غرب) ويدرس في جامعة بالقيروان (وسط).
وقال رفيق الشلي كاتب (وزير) الدولة المكلف بالشؤون الامنية في تونس إن منفذ الهجوم شاب “غير معروف” لدى أجهزة الامن “دخل (الفندق) عن طريق الشاطئ في زي مصطاف قادم للسباحة، وكان يحمل مظلة وسطها سلاح، وعندما وصل الى الشاطئ استعمل السلاح (اطلق النار) في الشاطئ والمسبح والنزل (الفندق) وعند مغادرته تم القضاء عليه” من قبل قوات الامن.
وقال احد العاملين في الفندق ان المسلح استهدف حرفاء في الشاطئ ثم دلف داخل الفندق لقتل حرفاء كانوا على جنبات المسبح.
وقال سليم ابراهيم “رايت شخصا يطلق النار على سياح مسنين (على الشاطئ) وقتلهم” مضيفا “سعيت للاختباء لاني رايت الارهابي يدخل الى الفندق من ناحية المسبح ثم القى قنبلة قرب المسبح”.
وقال شاهد ان المسلح استهدف السياح. وشرح لعناصر الشرطة ان “الارهابي قال لنا ‘ابتعدوا لم آت من اجلكم’ ولم يطلق علينا النار وبدأ بإطلاق النار على السياح”.
ووصف الرئيس التونسي الباجي قادالسبسي الذي زار الفندق المستهدف، الهجوم بأنه “ضربة موجعة”. وقال في تصريحات في المكان “أدركنا اليوم ان تونس تواجه حركة عالمية. لا يمكنها ان تواجهها وحدها.. والدليل انه في اليوم نفسه وفي الساعة نفسها استهدفت عمليتان مماثلتان فرنسا (..) والكويت”.
واضاف “هذا يقيم الدليل على وجوب (وضع) استراتيجية شاملة (لمواجهة الجهاديين) وعلى ضرورة ان توحد كل الدول الديموقراطية حاليا جهودها ضد هذه الآفة”.
واعتبرت وزيرة السياحة سلمى الرقيق ان الاعتداء يشكل “كارثة (..) وضربة كبيرة للاقتصاد والسياحة”.
وكانت تونس اعربت عن خشيتها من تنفيذ اعتداءات مع اقتراب الموسم السياحي واعلنت اتخاذ اجراءات امنية. وهددت مواقع اسلامية متطرفة تونس بهجمات جديدة في الصيف.
واعرب الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند والتونسي عن “تضامنهما في مواجهة الارهاب” بعد الاعتداءين في البلدين.
ونددت واشنطن والامم المتحدة والكثير من الدول والازهر بالاعتداءات التي شهدتها تونس والكويت وفرنسا الجمعة.
وبعد اعتداء 18 مارس/آذار، شهد قطاع السياحة التونسي في نيسان/ابريل تراجعا بنسبة 25.7 بالمئة بالقياس السنوي لعدد السياح وبنسبة 26.3 بالمئة في عائدات السياحة.
والسياحة احد أعمدة الاقتصاد التونسي إذ تشغل 400 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر وتساهم بنسبة 7 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي وتدر ما بين 18 و20 بالمئة من مداخيل تونس السنوية من العملات الاجنبية، لكنها تاثرت كثيرا باضطرابات ما بعد الثورة التونسية وبتنامي نشاط المجموعات المسلحة الاسلامية.