المقالات

حقوق ذوو الإعاقة في العمل وجهود حكومة المملكة العربية السعودية في هذا المجال

طبقاً لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة، يُقـدَر عـدد الأشـخاص من ذوي الإعاقـة فـي العالـم بأكثـر مـن مليـار شـخص، ويُشكل الأشخاص القادرين على العمل نسبة كبيرة منهم. وتبذل العديد من الدول المُتقدمة جهودا كبيرة لدمجهم في اسواق العمل، وتهيئة البيئات العملية المُناسبة لهم. ولقد بيَنت تجارب تلك الدول جدوى واهمية تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ومشاركتهم الفاعلة في مشاريع التنمية.

اما في المملكة العربية السعودية، وبالاستناد إلى تقارير الهيئة العامة للإحصاء، فان الأشخاص ذوي يشكلون نسبة 7.1% من إجمالي عدد السكان (من مختلف الاعاقات)، وبمجموع يزيد عن المليونين فرد، ذكوراً وإناثً. وهذا يستدعي توفير انظمة تحمي هذه الفئة وترعاهم صحيًا واجتماعيًا، مع توفير فرص تعليم وعمل مناسبة لهم من خلال برامج إعادة التأهيل.

ان حكومة المملكة العربية السعودية -ادام الله عزها- بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، وولي عهده الأمين سيدي الأمير محمد بن سلمان، لم تقصر نهائياً مع هذه الفئة العزيزة من أبنائها المواطنين. والأنظمة السعودية -المستمدة من احكام الشريعة الإسلامية- تكفل جميع حقوق هذه الفئة، ومنها حقهم في العمل، مساواةً بباقي فئات المجتمع. أيضاً، تكفل لهم الأنظمة الحماية القانونية ضد التمييز في التوظيف والمرتبات والترقيات. وتكفل الأنظمة كذلك لهم حقهم في تهيئة بيئات عمل مُناسبة لهم ليتمكنوا من أداء ادوارهم الوظيفية على أكمل وجه، والاستمرار في وظائفهم والاحتفاظ بها لأطول فترة ممكنة من حياتهم.

وقد نصت المادة 26 من النظام الأساسي للحكم على أن «تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية»، والتي تعزز مفاهيم العدل والمساواة ومنع التمييز على أي أساس، ومنها الإعاقة. ومن أبرز التنظيمات في المملكة العربية السعودية لهذه الفئة: نظام رعاية المعاقين، وتنظيم هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، واللائحة الأساسية لبرامج تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة.

وقد أشارت المادة الثانية من نظام رعاية المعوقين الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/37 وتاريخ 29/03/2000م إلى أن الدولة تكفل للأشخاص ذوي الإعاقة حقهم في جميع المجالات، ومنها حق العمل، وتذليل جميع الصعوبات لهم للاندماج في المجتمع والعيش بكرامة.

كذلك، رؤية المملكة 2030 لم تُغفل هذا الجانب، فهي تُعزز قوانين حماية توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، وتسعى لخلق بيئات عمل مناسبة لهم تعينهم على أداء مهام وظائفهم على أكمل وجه. وهنا سأستعير النص التالي من هذه الرؤية المُباركة: “وسنمّكن أبناءنا من ذوي الإعاقة من الحصول على فرص عمل مناسبة وتعليم يضمن استقلاليتهم واندماجهم بوصفهم عناصر فاعلة في المجتمع، كما سنمدهم بكل التسهيلات والأدوات التي تساعدهم على تحقيق النجاح.”  رؤية 2030 م

وبناءً على ذلك، قامت الدولة، مشكورةً، وبالتعاون مع هيئات استشارية دولية ومحلية، بتبني عدة مبادرات لضمان توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة والتشجيع عليه ودعمه. وهذه المبادرات تشمل برنامج توافق و نظام مواءمة وبرنامج قادرون و برنامج العمل عن بعد.

ويتبع برنامج توافق لصندوق الموارد البشرية، ويهدف هذا البرنامج الى دعم وتمكين القوى العاملة من الأشخاص ذوي الإعاقة للعمل في القطاع الخاص. ونظام مواءمة يتبع لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ويهدف هذا النظام لترخيص بيئات العمل الموائمة لذوي الإعاقة لخلق بيئة عمل آمنة ومساندة لهم عن طريق تبني أفضل المعايير والممارسات في هذا المجال. اما برنامج قادرون فهو يهدف الى دعم اصحاب الاعمال لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، ويقدم البرنامج المحاضرات وورش العمل التعليمية والاستشارات حول بيئات العمل وخدمات التوظيف، كما يقوم البرنامج بعمل حملات إعلامية للتوعية بأهمية توظيف الأشخاص. ويوفر البرنامج المصادر التعليمية كما يقوم بطباعة ونشر الأخبار الهامة في هذا الشأن. اما برنامج العمل عن بعد فهو أحد المبادرات الوطنية الهامة التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بهدف سد الفجوة بين أصحاب العمل والباحثون عن عمل، وتخطي صعوبات المواصلات من وإلى مكان العمل.

وفي الختام ندعو جميع الجهات في القطاع العام والخاص الى الاستفادة من تلك البرامج في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، وتهيئة بيئات العمل لهم وتسهيل اندماجهم في أسواق العمل.

هذا ونسأل الله العلي القديران يحفظ المملكة العربية السعودية ارضاً وحكومةً وشعبا، وان يديم عليها الامن والأمان وكافة النعم.

 

 

بقلم الدكتور/ فهد بن ناصر العنزي

الأثنين 04 مارس 2024 م 

للاطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا ) 

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى