محليات

معايير الفقر تغيرت والمتعففون أكثر..!

00

 

صراحة-متابعات:عدّ الفقر مشكلة عالمية وظاهرة اجتماعية ذات امتدادات اقتصادية وانعكاسات سياسية متعددة الأشكال والأبعاد، وهي ظاهرة لا يخلو منها أي مجتمع مع التفاوت الكبير في حجمها وطبيعتها والفئات المتضررة منها، وتشير التقديرات إلى أنّ خُمسَ سكان العالم يمكن تصنيفهم بأنّهم فقراء محرومون من فرص العيش الكريم الآمن، وعلى الرغم من التفاوت في تحديد مفهوم الفقر ومعاييره، إلاّ أنّ انخفاض الدخل للفرد أو الأسرة يشكل العمود الفقرى لهذا المفهوم وهذه المعايير، مع ما يرافق ذلك من ضعف القدرة على توفير مستلزمات الحياة الضرورية من مسكن، ومأكل، وملبس، إلى جانب المستلزمات الأخرى الصحية، والتعليمية، وغيرها.

ويعتبر الفقر من الأمور النسبية في المجتمعات، فقبل سنوات طويلة كان المستوى العام في الطبقات المجتمعية بين المتوسط والطبقة الثرية، والغني وقتها لم يكن كأغنياء اليوم، فهو على أقل تقدير كان يمتلك فيلا واسعة، وسيارة فارهة، وبعض الخدم، والفقير كان معدماً من كل مظاهر الحياة، فيما اختلف الأمر الآن حيث إنّ تعريف الفقير في وقتنا الحالي ليس بالضرورة أن يكون لا يستطيع الأكل، والشرب، فالفقير بتعريفه العلمي: هو الإنسان الذي يحتاج إلى دعم الآخرين من أجل أن يؤمن الحد الأدنى من المعيشة الكريمة له، من خلال المساعدة، والحد الأدنى أن يمتلك غرفة، أو أن يجد فرصة للعلاج، أو يستطيع ايصال ابنه للمدرسة، فأي إنسان لا يستطيع تحقيق الحد الأدنى من الحياة الإنسانية يعتبر”فقيراً”.

تبدل المعايير

وتبدلت معايير الفقير بين الأمس واليوم والتي يجب أن تؤخذ في الاعتبار في تعريف الفقير في ما هو الحد الأدنى من الحياة الكريمة؟، والتي تتنوع ما بين عدم استطاعته إطعام أطفاله أو علاجهم وعلاج نفسه، أو أنه لا يمتلك مواصلات للذهاب إلى عمله، وقديما كانت بيوت الناس عبارة عن خيمة أو سكن يعيش فيه أكثر من (10) اشخاص متوزعين بين طوابقه، أما الآن تغيرت الحياة، فكل شيء يقل عن الحد الأدنى يعتبر فقيراً.

والمجتمعات بطبيعتها تتغير، فالحد الأدنى من متطلبات الحياة الحالية ارتفع، وأصبح المواطن لا يستطيع تحقيق هذا الحد، وفي الوقت الذي كانت فيها كلمة الفقر تعني عدم توفر لقمة العيش، فقد تبدلت اليوم الصورة مع اختلاف مستوى الحياة التي ارتفعت وارتفع معها مستوى الفقر.. الفقير الذي يعيش بيننا اليوم خارج من برواز الصورة الضيق، والذي كان يظهر لنا الفقير رجلاً متسكعاً بين الطرقات يرتدي ملابس أكبر أو أصغر من مقاسه، مختلطة الألوان، غير مهندم، يظهر على ملامحه الإعياء الشديد وهو يمد يديه طلباً للإحسان، إلى صورة الفقير الذي يمتلك سيارة بغض النظر عن موديلها وحالتها العامة، ويطالع جهازه المحمول، ويرتدي ملابس نظيفة، ولديه خادمة في البيت، وابنه يتواصل مع أقرانه بجهازه اللوحي.

الفقير والمسكين

وذكر “فضل البوعينين”-أخصائي اقتصادي- أنّ هناك فارقاً بين الفقير والمسكين، فالأول هو المعدم والذي لا يجد ما ينفق فيه على نفسه، والمسكين أن تكون لديه بعض المادة، إلاّ أنّها تقل عن حاجته الأساسية، فالله سبحانة وتعالى ذكر في محكم تنزليه: “فأما السفينة فكنت لمساكين يعملون في البحر”، موضحاً أنّ الفقر يأتي على مراحل، فهناك الفقر الشديد والذي لا يجد فيه الإنسان شيئاً، ثم الفقر الذي يكون فيه الفرد لديه بعض الدخل إلاّ أنَه يقل بكثير عن احتياجاته الإساسية، وجميعهم بحاجة لمصادر دعم مالية تساعدهم على العيش الكريم.

وأضاف أنّ وضع المجتمع اختلف عن سابقه فهناك بعض الأساسيات التي لا يمكن العيش بدونها لم تكن متوفرة سابقاً؛ لذلك هي تستهلك جزءاً مهماً من مصادر دخل الأسر، وتجعلهم غير قادرين على مواجهة هذه الأعباء المالية، ومن هنا يمكننا أن نطلق على بعض الموظفين مصطلح فقير؛ لأنّ دخله يقل بنسبة (60%) عن احتياجه الأساسي، وهذا يحدث كثيرا للكثير من الناس، لافتاً إلى أنّ بعض الأمور التي تحولت من الاستهلاكية الى الضرورية وذلك بحكم التغير الحاصل في المجتمع، فلا يمكن أن يكون هناك منزل من دون ثلاجة أو مكيفات؛ لأنّها أصبحت ضرورية، وهي تستهلك الجزء الأكبر من دخل الفرد، وتجعل من ذوي الدخل المتدني من الفقراء.

معدل المعيشة

وأكّد “البوعينين” على أنّ الحد الأدنى للفقر يختلف باختلاف المجتمعات، ولا يمكننا أن نعتمد على معايير الأمم المتحدة التي تضعها للدول الأفريقية لتحديد خط الفقر، فالأمر مختلف، فهناك الأسرة تستطيع أن تعيش بدولارات معدودة في اليوم الواحد، ولكن في المجتمع السعودي خط الفقر أصبح يرتفع بكثير عما تحدده الهيئات الدولية، فالأسرة السعودية التي تتكون من زوجين وأربعة أفراد لا يمكن أن تعيش بمبلغ يقل عن (5000) ريال في الشهر، وعندما ننتقل من المدن الى القرى نجد أنّه ربما ينخفض هذا المعدل الى أقل؛ بسبب طبيعة المعيشة.

وأضاف أنّه مع ارتفاع معدل المعيشة ترتفع بشكل مطرد شريحة الفقراء، فالعلاقة بين ارتفاع معدلات المعيشة الى ارتفاع معدلات الفقر علاقة طردية، فكلما ارتفعت تكلفة المعيشة ارتفعت نسبة الفقراء؛ لأنّ الأجور لا ترتفع بالنسبة المعادلة لارتفاع تكلفة المعيشة، ولذلك نجد أنّ هناك ارتفاعاً كبيراً في التضخم خلال العشر سنوات الماضية ومستوى الزيادة في الأجور لم تتناسب طردياً مع نسبة التضخم الحاصلة، معتبراً أنّ هذا أمر طبيعي في كل دول العالم، فارتفاع تكلفة المعيشة يؤدي بالتبعية الى ارتفاع شريحة الفقراء.

تقلص الطبقة الوسطى

وأوضح “البوعينين” أنّ المجتمع بطبيعته مقسم الى ثلاث شرائح فقيرة ومتوسطة وغنية، ولكن الطبقة المتوسطة تقلصت، مشيراً إلى أنّ السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل هناك نمو حقيقي في مستوى الشريحة المتوسطة على حساب شريحة الفقراء؟، حيث إنّ المجتمعات المتقدمة والتي تعتمد على البيانات تؤكّد على أنّ هناك جزءاً من شريحة الفقراء انتقلوا إلى الشريحة الوسطى، معتبراً أنّ هذا هو الأهم؛ لأنّه في هذه الحالة يمكن أن نجزم أن مشروعات التنمية وما تقدمه الحكومة للمجتمع هو في الوضع الصحيح، ويساعد المجتمع على النمو خاصة فيما يتعلق بنمو دخل الفرد والأسرة.

وأشار إلى أنّه في الوقت الذي لا نستطيع أن نزيد في شريحة الطبقة الوسطى على حساب الطبقة الفقيرة، ولكن يبدو أننا نشاهد اليوم العكس، إذ إنّ هناك جزءاً من الشريحة الوسطى ينخفض دخلها حتى تصل إلى شريحة الفقراء، فالمستفيدون من الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية في ازدياد، وليس في تقلص، وهذا ممكن أن يعطي مؤشراً لما يحدث في الدخل بالنسبة للفرد والأسرة، مؤكّداً على أنّه لا يمكننا أن نقول إنّ هناك سبباً واحداً لتزايد أعداد الفقراء، وأنّه لو تمت معالجته لتغيرت المعادلة الحقيقية؛ بسبب وجود جملة من الأخطاء تحدث من الفرد والأسرة والمجتمع والحكومة والقطاع الخاص، حيث إنّ هؤلاء جميعاً شركاء في أن تتقلص لدينا شريحة الطبقة الوسطى لمصلحة الطبقة الفقيرة.

تنظيم النسل

وشدد “البوعينين” على أنّ هناك تقصيراً حقيقياً من بعض الأفراد فيما يتعلق باكتساب المهارات والدخل والتعلم المعرفي، والذي يساعدهم على الحصول على وظائف مناسبة تزيد من دخلهم العام، ومن جانب آخر هناك قصور من الأسرة فيما يتعلق بالتنظيم الأسري وتحديد النسل “الإنجاب”، حيث تشير المؤشرات إلى أنّ معدلات النمو السكاني في المملكة هي الأعلى؛ مما يعني أنّ هناك عدم تخطيط فيما يتعلق بالأسرة والذي يتسبب في إضافة أعباء مالية، خاصةً وأنّ تكلفة المعيشة ورعاية الأطفال أصبحت مرتفعة جداً؛ مما يؤثر على دخل الأسرة، مضيفاً: “نحن لا نقصد بذلك بأن نطالب الأسرة بعدم الإنجاب، ولكن يجب أن يكون هناك تنظيم للنسل بما يساعد على تحمل الأعباء المالية، خاصةً بانتقال الأطفال من مرحلة إلى أخرى، وبما يساعد رب الأسرة على توفير احتياجاتهم الأساسية”.

نظام التعليم

ولفت “البوعينين” إلى أنّ نظام التعليم العام ليس بالجودة الذي يوفر لنا جيلاً متعلماً محترفاً قادراً على العمل، ويحقق دخلاً أكبر، إلاّ أن ذلك يكون من خلال التعليم الخاص، وهذا مكلف جداً بطبيعة الحال على الأسر الفقيرة، معتبراً أنّ القطاع الخاص مقصر فيما يتعلق بحجم الأجور المقدمة للموظفين السعوديين، خاصةً وأنّ التأمينات الاجتماعية أعلنت مؤخراً أنّ شريحة كبيرة من السعوديين يتقاضون رواتب تقل عن (2000) ريال في الشهر؛ مما يعني أنّ هناك مشكلة حقيقة في الأجور ومشكلة في خلق الفرص الوظيفية في القطاع الخاص.

وأضاف أنّ هذا يؤدي إلى ارتفاع حجم البطالة؛ مما يعني توقف دخل كل من يبحث عن عمل في القطاع الخاص، مبيّناً أنّ الحكومة وهي تنفق بسخاء على مشروعات التنمية عليها أن لا تربط هذا الإنفاق بما تحققه على التنمية البشرية ورفع دخل الفرد والمجتمع، حيث إنّ هذا خطأ استراتيجي؛ لأنّ أي انفاق توسعي يجب ان ينتج عنه تنمية حقيقية في دخل الفرد، وهذا غير متوفر اليوم؛ بسبب أننا نعمل من دون استراتيجية واضحة يمكن أن تحقق لنا أهداف التنمية البشرية، وزيادة الدخل، ورفع دخل الفرد والأسرة.

سلاح التعليم

ونوّه “البوعينين” بأنّ الفقر مشكلة بحد ذاته، ولكن المواجهة الأولى للقضاء عليه هي بالتعليم، فكل إنسان يستطيع أن يحصل على التعليم الجيد واكتساب المعرفة والمهارات يمكنه أن يخرج من هذا النطاق حتى وإن كان منتمياً لعائلة فقيرة، بل إنّه يمكن أن يكون لهذا الفرد دور كبير في انتشال أسرته من الطبقة الفقيرة إلى الوسطى، ومن ثم الغنية، فالتعليم هو السلاح الأول للخروج من الفقر والتنمية البشرية، والتي يفترض أن تكون وفق استراتيجية تقوم بها الحكومة وتربط بين إنفاقها وما تحققه من تنمية في دخل الفرد والأسرة، وتنمية المجتمع بشكل عام والقطاع الخاص له دور كبير، فيما يتعلق بالتدريب وتوفير الوظائف والفرص الوظيفية، وهذا يساعد في معالجة مشكلة الفقر.

معونات أساسية

وطالب “البوعينين” بأن يتحول عمل الجمعيات الخيرية وجمعيات الدعم الإنساني من عملها الحالي وهو المعتمد على الإنفاق إلى الدور التنموي وهو انتشال الأسر التي تعتمد على الضمان الاجتماعي من الفقر إلى الغنى، وهذا يمكن تحقيقه من خلال ثلاث نقاط أساسية تتمثل في الرعاية الحقيقية، بحيث يتم انتقاء كل من يستطيع العمل في هذه الأسرة، وتوفير له العمل الكريم؛ كي ينفق على نفسه، وأسرته، ورعاية الأطفال بتوفير التعليم المناسب لهم، وتقديم المعونات الأساسية، خاصةً معونات السكن التي يمكن أن تغيّر من حياة الأسر الفقيرة، وتنقلهم من الفقر إلى مستوى متقدم من الطبقة الوسطى مؤكّداً على أنّ توفير السكن من الحكومة للأسر الفقيرة قد يحل(50%) من مشكلة الفقر في المملكة.

أجهزة وسيارات

واعتبرت “فوزية عبد الرحمن الطاسان” -مديرة العامة للجمعية الفيصلية الخيرية النسائية- أنّ الفقير الذي يعيش في هذا الزمن مختلف كلياً عن فقير الأمس، فهو قد يمتلك سيارة؛ لأنّه بحاجة ماسة لها لتوصيل أبنائه للمدارس، ولكنها أحياناً تكون بمثابة العبء؛ كونها قديمة، ومن الممكن أيضا أن يقتني أبناؤه أجهزة ذكية، تماشياً مع العصر الذي أصبحت فيه هذه الأجهزة ضرورة، لافتةً إلى أنّ تزايد أعداد الفقراء يكمن في ارتفاع الأسعار، خاصةً أسعار العقار وتدني الخدمات الصحية تحديداً في معالجة الأمراض المستعصية التي تستنزف الأسرة بشكل كبير، مؤكّدةً على أنّ بعض الأسر التي كانت تعيش فوق خط الفقر انضمت إلى قوافل الفقراء. وأضافت أنّ الحلول تكمن في تفعيل المساكن، ورفع مستوى الرعاية الصحية والتي صدرت بقرارات حكومية، مشددةً على أن أكثر ما يستنزف الأسر الفقيرة إيجارات المساكن، ومن أجل الخروج من نفق الفقر يجب أن تؤمن مساكن، مبيّنةً أنّه ومن واقع تجربتهم في التعامل مع الأسر فإنّ أكثر ما يتسبب في تراكم الديوان يكمن في السكن الذي قد يكون قديماً ومتهالكاً، ويستنزف ترميمه المتواضع طاقتهم المالية الضعيفة، مشيرةً إلى أنّ الحلول بحاجة إلى دارسة، ولكن توفير المساكن سيحل مشكلة الفقر بنسبة (70%)، يليها تحسين مستوى الدخل مع المصروف المعتدل.

سنة إلهية

وشدد “أ.د. صالح الرميح” -متخصص في علم الاجتماع بجامعة الملك سعود- على أنّ الفقر سنة إلهية في كل المجتمعات، ومهما حاولنا مكافحته لن يتلاشى أبداً رغم أنّ الدول تحاول التقليل من شدة الفقر على الشعوب، وفق ضوابط معينة، كأن تعمل الدولة على مساعدة الفقراء من أجل العيش بشكل كريم، وهي تظل مجرد جهود على الأفراد، مشيراً إلى أنّ للفقر مسميات كثيرة، أبرزها: الفقر الشديد، والنسبي، وقديماً كان الناس الذين في القرية يوجد تفاوت بسيط بينهم في الفروقات المعيشية، مع الفرق في عدد الأبناء الذي يؤثر على الحياة، خاصةً وأنّ الرواتب وقتها كانت متقاربة، ولكن في الوضع الحالي هناك تفاوت في الدخل وفقاً لاعتبارات كثيرة، كالمهنة والشهادة، وبالتالي أصبحت فجوة الفقر واضحة، وقسم المجتمع إلى فقراء، وطبقة متدنية، ومتوسطة، وأغنياء، وهي فروقات اجتماعية واضحة في كل المجتمعات.

آثار الفقر

وقال “د.الرميح” إنّ من آثار الفقر أن تكون الطبقة المتوسطة هي الأكبر، والفقيرة هي الأقل، موضحاً أنّه بالنسبة لمجتمعنا لا شك أنّ هناك جهوداً كبيرة وصادقة لمساعدة من ولاة الأمر في مساعدة جميع أفراد المجتمع، وفق برامج متعددة لمساعدة الناس للعيش بحياة كريمة ورغدة، حيث يغطي الضمان الاجتماعي شريحة من المجتمع، عن طريق برامج متعددة تسعى لمساعدتهم على توفير لقمة العيش والحياة.

وأضاف أنّه يكثر في المجتمع الفقير المتعفف، وتجده يضغط على نفسه ليعيش، ونجد الأبناء في المدرسة والجامعات يصعب أن يعترفوا بفقرهم، وأنّهم يجب أن يعيشوا وفق ذلك الفقر؛ لأنّ الثقافة المحيطة وحياة الناس فرضت علينا رتماً معيناً، فنجد أنّه لابد أن يكون لديه جوال ويلبس كل جديد،؛ مما يضغط على رب الأسرة أكثر، وفي داخل الأسرة تتولد معاناة في توفير احتياجات أبنائها، حيث إنّهم يطمحون لأن يعيشوا في مستوى أقاربهم الذين يكون حالهم أفضل أحياناً.

واشار إلى أنّ ثقافة الفقر أحياناً تكون متوارثة بين الآباء والأبناء؛ لأنّهم يعيشون سلوكيات التسول يومياً، ولذلك بعض الدول تبتكر برامج للقضاء على هذه الثقافة، فلو تركوا الناس كما يريدون سيحدث خلل داخل المجتمع الذي لا يرضى أن يكون جزء من أبنائه فقراء وعاطلين؛ مما يفرز سلوكيات اجتماعية خطيرة، بسبب عدم تحقق الحياة الكريمة.

 

حتى الموظف قد يحتاج للمساعدة!

 

 

ذكر «محمد اللحياني» -مدير عام الضمان الاجتماعي بمنطقة مكة المكرمة- أنّ الفقير هو الذي لا يستطيع أن يتماشى مع متغيرات عصره الحديثة، وعلى سبيل المثال كأن لا يستطيع تأثيث شقته أو اقتناء أو شراء جهاز «أي باد» أو امتلاك سيارة، عكس صورة الفقير الذي كان لا يجد مأكل ومشرب.

وأضاف أنّ الذي لا يستطيع أن يعيش بشكل وسطي ويكون لديه متطلبات الحياة المتوفرة والتي ينعم بها متوسطي الدخل يعتبر فقيرا، وهذه النظرة التي يعملون عليها في الضمان حالياً، فقد كان سابقاً يشمل من ليس له دخل، الآن يشمل شريحة كبيرة يدخل فيها حتى الموظفين الذين دخلهم محدود، وذلك مقابل عدد الأسرة التي دائما يضعوه في الحسبان، فالموظف الذي لا يتجاوز راتبه (5000) ريال وعدد أفراد أسرته كبير يمنحه الضمان مساعدة من أجل ان يعيش مع طبقته الاجتماعية.

 

برامج الصندوق الخيري الاجتماعي تحد من العوز

 

صدر قرار مجلس الوزراء رقم 41362/خ وتاريخ 25/10/1423ه بإنشاء الصندوق الخيري الاجتماعي، الذي يعد مؤسسة خيرية وطنية تنموية تهدف إلى إنماء المجتمع بطرق غير تقليدية، وقد تضمن التوجيه الكريم العمل على الحد من مشكلة العوز بأساليب غير تقليدية، تستبعد الصرف المادي والعيني وترتكز على النظرة الشاملة للمشكلة وأسبابها وتهيئة المناخ للحد منها، بإيجاد فرص عمل وانخراط المواطنين فيما يقدرون عليه من أعمال منتجة على مستوى الأفراد والأسر، ومن هنا انطلقت رؤية الصندوق في العمل الخيري إلى الأسلوب الجديد الذي يقوم على تأهيل المستفيدين وتنمية قدراتهم وتطويرها للاعتماد على أنفسهم ليصبحوا ناساً منتجين يسهمون في تطوير مستواهم وتنمية مجتمعهم بدلاً من أن يكونوا مجرد مستهلكين للأموال والمساعدات الاجتماعية، وبالتالي فإن المشروع يصب في التنمية البشرية بمفهومها الشامل، ويعمل على تشجيع العمل و الإنتاج وتفعيل دور الفرد في الدائرة الاقتصادية الوطنية.

والمستفيدون بهذا المفهوم عملاء يتعاملون مع الصندوق ينتظرون منه العون و المساعدة، إذ يسعى الصندوق إلى توعيتهم للإسهام بفاعلية في تحسين معيشتهم والمساهمة في عملية النمو المجتمعي وتطوير الذات كواحدة من ركائز عملية التنمية الشاملة المستدامة بالمجتمع، ومن هذه المنطلقات صدر قرار تنظيم الصندوق الخيري الاجتماعي بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 85 وتاريخ 22/3/1431ه، استجابة لمتطلبات الإستراتيجية الوطنية للإنماء الاجتماعي بإيجاد أداة تنفيذية تتولى بشكل مباشر تنفيذ البرامج التنموية التي تسعى إلى دعم ومسانده الفئات المستفيدة التي تحتاج إلى تطوير أدواتها الإنتاجية بهدف تحسين أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، وعلى ذلك جاء نموذج الصندوق لتقديم الدعم لهذه الفئات والمتمثل بتطوير وتطبيق أدوات تعتبر بالنسبة لسوق المنطقة أدوات حديثة وغير تقليدية لتنمية هذه الفئات.

ويقدم الصندوق عدداً من البرامج، منها: برنامج المنح التعليمية، حيث يعمل على رفع المستوى التعليمي للمستفيد ومهاراته وقدراته من خلال برامج التعليم والتدريب الموجهة للتوظيف انطلاقاً من حاجة سوق العمل، إلى جانب برنامج التدريب والتوظيف، الذي يهدف إلى المساعدة في توظيف أبناء المستهدفين بالوظائف المناسبة لهم في المناطق التي يعيشون فيها، بالإضافة إلى برنامج دعم المشروعات الصغيرة، حيث يسعى إلى استثمار طاقات المحتاجين وتوظيفها لمساعدتهم ليصبحوا مساهمين في تطوير أنفسهم وأسرهم، من خلال دعم وتشجيع ورعاية المشروعات الصغيرة الموجهة للفئات المستهدفة، وذلك بتقديم الدعم الفني، والمالي، وتسهيل التمويل “القرض الحسن”، والتدريب، والمساعدة على حل العقبات التي قد تعترض هذه المشروعات.

كما يقدم الصندوق برنامج للأسر المنتجة يوظف قدرات أفراد الأسر المستفيدة بهدف مساعدتها على إعالة نفسها، وإدارة شؤون حياتها، وذلك من خلال العمل في المنزل أو في مقرات المشروعات لإنتاج سلعة أو تقديم خدمة تدر عليها دخلاً ثابتاً، ويتولى الصندوق دعم وتشجيع ورعاية المشروعات المنزلية الموجهة لمثل هذه الفئات، بتقديم الدعم الفني وتسهيل التمويل (دعم المشروع) والتدريب، والمساعدة في تذليل العقبات التي قد تعترض مثل هذه المشروعات، وكذلك طرح الفرص الاستثمارية المناسبة لكل منطقة ولكل مستفيد، بالإضافة إلى برامج التوعية والتوجيه التي تسعى إلى رفع مستوى الوعي لدى الفئات المستهدفة بمشكلات العوز وأسبابها وأبعادها وآثارها على الفرد والمجتمع.

الرياض

 

 

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى