المقالات

سياسة تحسين النسل

سناب صحيفة صراحة الالكترونية

التاريخ يؤرخ الكثير من الاجتهادات العلمية والتي كانت في عصرها ثورة معرفية ومنها ما كان ذو فائدة على الإنسان بشكل مادي ومنها مالم يتجاوز الأثر الفكري ولا شيء منها ملموس، كما أن المعرفة التي انطوت على الأثر الفكري منه ما كان مفيد إنسانياً وأخلاقياً لوجوده ذهنياً ومستشعر روحياً ومطبق سلوكياً وله ثمرة واضحة اجتماعياً ومنه ما كان مجهول السبب تماماً ولكن خلفة الكثير من الأهداف السياسية والشخصية على مستوى السُلطة والطمع وأهداف ثورية وقمعية وأنانية، فلو تحدثنا على أحد النظريات والتي تُدرس اليوم في الدنمارك والسويد واسكتلندا وفترة من الزمن دُرست في تركيا وهي نظرية التطور “نشأة الكون” وأما بالنسبة لتنفيذ نظرية تحسين النسل أو ما تسمى بنظرية داروين الاجتماعية كان له تطبيق فعلي ومازال تطبيقه حاضر إلى اليوم حتى ولو كان غير شائع السمعة، تشارلز داروين عالم تاريخ طَبيعي وأحيائي وجيولوجي بريطاني ترعرع وعاش حياته مع طبقة النبلاء في أوربا ومؤسس نظرية التطور والتي تعتمد على الطفرات العشوائية في الجينات، والجينات هي المسؤولة عن تصنيع البروتينات، وكل ثلاث قواعد نووية تمثل شفرة خاصة لنوع من الأحماض الأمينية المكونة لسلاسل البروتينات التي مسؤولة عن الصفات الوراثية ووظائف الأعضاء، والطفرة الجينية عبارة عن خلل أو اختلاف عن الطبيعي في القواعد النووية المكونة لهذه الشفرة، هذا الخلل يحدث عادة عند نسخ جزئ الـ DNA أثناء عملية انقسام وتجدد الخلايا، وتزداد نسبة هذه الطفرات نتيجة التعرض لعوامل خارجية ضارة مثل الإشعاعات أو بعض أنواع العقاقير الدوائية، وتبعاً للطفرات العشوائية أوجد داروين نظرية الانتخاب الطبيعي يدعي أنها عملية غير عشوائية، فيها يزداد أو يقل شيوع الخلايا الحيوية في التجمع الأحيائي من جراء التكاثر التمايزي والمعنى من هذا كله أن الإنسان وجميع المخلوقات هم نتيجة اندماج هذه الجينات مع مرور ملايين السنوات ولم يتواجدوا نتيجة وجود الله الخالق. وكان جميع ما ورد في نظرية داروين لنّشأة الخلق عبارة عن فرضيات متوقعة لملايين وملايين السنين الماضية ولم تجد لها مكانها في ساحة العِلم الذي يعتمد على وجود مادي حقيقي مرئي ومسموع ومحسوس حيث أصطدم داروين بحفريات حقبة الكمبريان التي تميزت بظهور مفاجئ لعدد كبير من المخلوقات والتي تنتمي لطوائف عديده دون وجود أي لأسلاف لها تساعد على انتخابها أو تطورها، ولكن كان داروين محاور بارع في التفصيل ومزج العلم الحقيقي بنظرياته الافتراضية إلى أن أصبحت تُدرس في بعض الدول. وتبعاً لنظريته أن الإنسان نتيجة انتخاب الطبيعة من مخلوقات أخرى وليس نتيجة رب خالقه، وبعد نظريات نشأة الكون، أسس “علم تحسين النسل” كلاً من تشارلز داروين وهربرت سبنسر فيلسوفاً وعالم اجتماع إنجليزي، وثورستن فبلن عالم اقتصادي واجتماعي أمريكي، وتوماس مالتوس باحث سكاني واقتصادي سياسي إنجليزي، وفرنسيس غالتون الخبير الإحصائي للإنجليز في العصر الفيكتوري، والذي يهدف إلى عزل الإله عن الطبيعة ليكون الخير والشر والاختيار والسُلطة بيد البشر، ويتنبأ داروين أن أرقى الطبقات هم الطبقة النبيلة من القوقاز (البيض الأوربيين) وغيرهم من الأعراق هم حثالة اجتماعية، وعلم تحسين النسل يعتمد على قاعدة البقاء للأقوى سواء في أوروبا أو غيرها بمعنى المرضى وكبار السن وفاقدي السمع أو البصر أو أحد الحواس ومن قدراته العقلية قليله أو شكله غير مقبول أو فقير أو مدمن مخدرات من الأفضل أن يموتوا أو على أقل تقدير يتم تعقيمهم وقطع نسلهم إجباري وليس اختياري، ومع مبادئ داروين الثلاثية: الأول: عزل الخالق والخير والشر بيد البشر، الثاني: البقاء للأقوى، الثالث: أن الإنسان مجرد تجمع من الذرات موته كموت أي كائن أخر، هذه المبادئ التي بنا داروين عليها نظرياته وكانت كفيلة بأن يعطي السياسيين وعلماء الاجتماع والطب بالمجمل وغيرهم من يصوتون ببتر العنصرية أن يشيعوا بها جهاراً فصار للاستعمار وتحسين النسل والحروب والعنصرية والإجهاض وقتل الرحمة سبب وجيهه وهو تحسين النسل وبرغم ألمها إلا أنها في نظرهم تحمل اهداف اقتصادية ورٌقي اجتماعي سامي بل أن ممارسة الشذوذ وتعاطي المخدرات في نظرهم العلمي هو أن الإنسان نتج من انتخاب الطبيعة فمن حقة أن يتعايش ويعود بشعوره لأصله الحيواني!!!، أعتذر من القارئ ولكن أطلعت على رسائلهم ونظرياتهم وما تم تنفيذه من التاريخ إلى اليوم بمليء قناعاتهم وكان شيء يشيب له الرأس. يقول في أحد أبحاثه فرانسيس غالتون أبن عم تشارلز داروين “لقد استولت علي فكرة هل يمكن تحسين النسل البشري؟ والتخلص في غير المرغوب فيهم”. وعُرفت الجمعية البريطانية لتحسين النسل بعقيدة عدم الاهتمام لمبدأ الحب أو التعاون أو الاتحاد والحد من تقديم الرعاية الصحية والاجتماعية للضعفاء والغير أكفاء لأن ذلك سيزيد من فرصتهم في الحياة عن طريق زيادة نسلهم ذلك يتعارض مع مبدأ التخلص من المورثات الضعيفة من أجل الحصول على أعراق قوية من الأفراد، كذلك الناشط السياسي برتراند راسل الذي أقترح أن الدولة يجب أن تصدر قانون تصريح الإنجاب فإذا كانت جينات الطرفين تعطي فرد وفق المعايير فهذا يتم الموافقة عليه وغير ذلك من الجينات المنحطة يتم عمل تعقيم لهم، وفي عام 1907م أُنشأت جمعية تعليم تحسين النسل ببريطانيا التي دعت منع تزويج الضعفاء ومن بهم أي نوع من الإعاقة وعمل تعقيم لهم،  وفي رساله لرئيس الوزراء البريطاني عام 1910م ونستون تشرشل يقول “أن تكاثر ضعاف العقول أمر مزعج للجنس البشري”. وأفاد فرانسيس غالتون أن الذكاء مرتبط بالجينات الوراثية ومن هنا ألف غالتون كتابين عن “العبقرية الوراثية” وبنيت عليها اختبارات حول تحديد معدل الذكاء للبشر ومن المُستحق للحياة!!. ومفترق الطرق هو أن الإنسان لابد أن يعزز في نفسه الثقافة والوعي العالي في فهم الأمور ومتى يقال عنها حقيقة أو لا، ومتى نفهم أن هذا الشخص متعلم أو ماهر في استغلال مهارات التواصل لدية واستغلال الثقة والمكانة الاجتماعية، ولابد أن نؤمن ليس كل نتيجة بحكم الضرورة صحيحة لابد أن يكون للشخص رأي ونظرة وليس فقط تابع لقول الشيخ أو قول دكتور أو فلان من الناس لكونه ثقة أو ذو المنصب، فكل ذلك لا يهم، هل ما قاله صحيح أبحث وتحقق؟. فلا أقبل بأن يقال أن أوربا دول متحضرة ولو قرأوا كلامي هذا فلن أتردد بذكر تاريخهم السياسي والاجتماعي والعلمي والديني منه وسأخبرهم بحيل التسويق لأنفسهم بالقوة الناعمة وانهم المتقدمين والمُبهرين وأصحاب الحق والحرية ليصنعوا من الأخرين توابع كل هذه السياسات مكشوفه تماماً، وأخيراً اطلب من قارئ مقالي بالبحث خلف كل ما ذكرت من مصادر علمية موثوقة ومن تقارير سياسية تاريخيه ومن حاضر طُبق ‘فكر وحلل وأستنتج‘، لأن خلف هذا البحث سيكتشف القارئ الكثير  من الأسرار التي تجعله يتسلح بالمعرفة الثقافية ويفهم ما يدور حولة من احتيالات للمصالح الخاصة لا مبرر لها الإ ثوب المصلحة العامة المزيف.

 

الكاتبة / عهود الغامدي

الإثنين 17 يونيو 2024 م

للاطلاع على مقالات الكاتبة ( أضغط هنا ) 

زر الذهاب إلى الأعلى