غزوة السويق

السير النبوية ومغازي خير الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام . هذه الغزوة يطلق عليها السويق غزوة استباقية ضربة العدو قبل ان يتعاون الأخرين بضربة دولة الإسلام نواةً نشأتها بالمدينة المنورة .
ننقل مقتطفات من مغازيه الاستباقية عليه افضل الصلاة والسلام .
*غزوة السويق * او موقعة السويق او معركة السويق . باعث هذه الغزوة ، والتسمية بالسويق . فالغزوة والموقعة والمعركة لها دلالات ومعنى ، وان اختلف المفهوم . ولا حدس باعث هذه الغزوة عدة أمور ، دفعت برسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام على مضض ، وهو كاره لها ، ولكن اعداء الاسلام من مشركي مكةالمكرمة ، ووثني قريش احد الأسباب ان لم تكن الأسباب كلها او جل عواملها .. والغزوة تعرف بغزوة قطفان او غطفان احد قبائل العرب ماقبل البعثة النبوية وبعدها .. بقاياها حلياً قبائل مطير ..المتواجده مساكنها مابين مهدالذهب والمدينة المنوره والحمنه والشلاحية بين مكةالمكرمة والمدينة المنورة ، وحراتها على طريق الهجرة .. كذلك لها منازل في نجد ومضارب بادية وموارد ماء ..
اما السويق اكلة معروفة عند أهل الحجاز نوع من الطعام غذاء أشتهرت به حرة الحجاز ، وأطراف أهالي شمال مكةالمكرمة ، واكناف أهالي قرى المدينة المنورة .. الأكلة مكونة من دقيق حب الدخن .. ممزوج بالسمن البري .. يسمى سويق ومازال متعارف بهذا الأسم حالياً بين أهالي حرة رهاط والمحاني وكشب والكامل ومدركة والقفيف .. واستعمالاته في السفر الطويل واذا دندنت طبول الحرب .. فالذي يأكله ينساق في حلقه بسهولة يعني سهل البلع ولذيذ الطعم لاسيما إذا أخذ بحبات او فذات من التمر .. ولا شك أكلة السفر والحرب .. ومنه جاء مسمى غزوة السويق ..
مما أسخط قريش ، وشدت غضبها بعد “موقعة بدر” تعيش في صدمة نفسية ، كأنها غير مصدقة ما حدث ، وتجر ذيول الهزيمة ، وقريش قريش ، وما أدراك ما قريش . حاضنت الحرم المكي . ذات الرفادة والسقاية والريادة ، بمجلسها البرلماني دارالندوة .
ردود فعل “قريش” الإنفعالية بعد بدر أن سيد قريش وزعيمها “أبو سفيان بن حرب” أقسم أن لا يمس امرأة إلا بعد أن يغزو المدينة .
فجمع 200 مقاتلاً من قريش ، وانطلق بهم إلى المدينة ليبر قسمه .
فلما وصل إلى أطراف المدينة في خيوط جناح سواد الليل . حرق بعض النخيل ، وقتل أثنين من الصحابة .
فوصل الخبر إلى الرسول ﷺ فخرج في طلبهم في 200 من الصحابة .
لكن جيش قريش فر منهم .
وفي الطريق أمر أبو سفيان جيشه أن يلقوا الطعام الذي يحملونه ( السويق ) حتى يتخففوا من أحمالهم في فرارهم ويستطيعوا الهرب سريعاً . ومن هذا الطعام السويق اطلق على الغزوة لاحقاً غزوة السويق ..
جمع المسلمون هذا الطعام وأخذوه كغذاء في المدينة المنورة.
وسألوا الصحابة رسول الله ﷺ .
يا رسول الله أنطمع أن تكون هذه لنا غزوة ؟
قال صلى الله عليه وسلم أجل .
كانت غزوة السويق دليلا على حالة التخبط ، والهزيمة النفسية التي كانت عليها قريش بعد بدر .
وفروا بهذه الطريقة المهينة . أذلهم الله وأحقرهم في أعين خصومهم المسلمين .. كان ابو سفيان يفكر برفع معنويات قريش بهذا التصرف وان يرجع هيبة قريش المفقودة في الجزيرة العربية . لكن نتائجها عكسية على قريش .
عندما هربوا بهذه الطريقة كانت النتيجة عكسية ، وظهر فيها خوف وجبن قريش من مواجهة المسلمين .
وفي بداية السنة الثالثة من الهجرة أخذت قريش تكيد للمسلمين .
لم تنسى بدر ، وقد علمت قريش أن تجارتها للشام أصبحت في خطر .
فقامت قريش بعمل “تحالف” مع بعض القبائل العربية حول المدينة المنورة من أجل أن تحمي هذه القبائل تجارتها من المسلمين .
لأن قريش الآن العدو الأول للمسلمين .
أخرجت المسلمين من ديارهم ، واخذت أموالهم . ومنعت نساءهم من الحاق بذويهم بالمدينة ، وصدتهم عن البيت الحرام .
النبي ﷺ هو “رسول الله” وهو أيضاً “القائد” فهل يترك القائد بلاده لأي مؤامرة ويترك القبائل من حول المدينة تتحالف مع قريش على بلده ولا يحرك ساكناً ؟؟
هل يتركهم يتحالفوا عليه ، ويجتمعوا ثم يضربون المدينة ضربة رجل واحد ، وتكون ضربة قاسمة ؟
لا . إنه رسول الله القائد ﷺ .
كما قال علي رضي الله عنه ما غزي قومٌ في عقر دارهم إلاّ ذلّوا .
ويصدق على هذا المثل الشعبي الدارج الديرة تحارب مع أهلها.
فما أن سمع ﷺ عن هذا التحالف لبعض القبائل حول المدينة . قام إلى أكبر قبيلة منهم واسمها “غطفان” قائدها اسمه “دعثور”
خرج ﷺ على رأس 200 مقاتل من أصحابه وتوجه إلى القبيلة التي حالفتها قريش “غطفان” وباغتها في عقر دارها . بضربة استباقية ،
ولكن تسربت الأخبار لهم أن محمد وصحبه قد توجهوا إليهم ..
فلم يجد رجالا .
فذهب “دعثور” زعيمهم إلى القبائل المجاورة
وجمعهم لغزو المدينة .
فسمع الرسول ﷺ بحملته . فخرج اليه مرة أخرى.
هل رأيتم ياسادة النبي القائد ﷺ .
بمجرد ان سمع انه يدعو القبائل للتحالف لم يجيش جيشاُ بعد .
لم ينتظرهم ولم يمهلهم .
فخرج الرسول ﷺ إليه ، وعلى راس عدد من أصحابه 400 وقيل 450 ولكن بعدد أكثر من الأول لا شك في ذلك لأنه حالف قبائل .
فلما سمعت القبائل بقدوم جيش محمد تزلزلت قلوبهم من الخوف والفزع ، وتفرقت القبائل عنه .
فهرب “دعثور ومن معه” للجبال .
وترك أهله وغنمه فلم يجد النبي ﷺ حرباً .
فعسكر النبي ﷺ عند بئر يطلق عليه “مران” ومران مورد ماء في كشب والان لرباعين من عتيبة . أحفاد مسلط ابن ربيعان عليه مركز امارة يتوارث رئاسته أحفاده ، ولذلك يطلق على هذه الغزوة “غزوة غطفان أو غزوة مران او ذو امر”
وبينما المسلمون هناك .. نزل عليهم مطر كثير فابتلت ثياب الصحابة .
وابتلت ثياب النبي ﷺ
فاخذ النبي ﷺ طريقه إلى شجرة متنحية يعصر ثيابه حتى تجف .
فجلس إلى تلك الشجرة وابتعد عنه أصحابه أدباً .
فنزع ثوبه ﷺ وعصره وعلقه على الشجرة ليجف .
ونام تحت هذه الشجرة ليستريح بينما تفرق المسلمون لشؤونهم
كان المشركون يراقبون المسلمين من رؤوس التلال .
فلما أبصروا النبي ﷺ تحت الشجرة لوحده
وليس حوله احد .
قال “دعثور” وهو قائدهم وأشجعهم و هو الذي جمعهم
قال : قتلني الله إن لم أقتل محمداً .
و أخذ يتسلل خلسة وخفية ومشى بكل خفة حتى اقترب من النبي ﷺ وهو غافل عنه ثم اشهر سيفه على رأس النبي ﷺ .
وقال له : يا محمد انا دعثور .
وكعادة المتكبر إذا رأى نفسه منتصراً أراد أن يتفاخر امام النبي ﷺ .
كان ممكن أن يهوي بالسيف فوراً ولكن رفع السيف في نشوة المنتصر .
قال : يا محمد أنا دعثور . قل لي من يمنعك الان مني يا محمد ؟؟
فنظر النبي ﷺ وقال الله .
فارتعد دعثور وسقط السيف من يده .
فاخذ النبي ﷺ السيف ورفعه في وجهه .
وقال ﷺ انت يا دعثور من يمنعك الان مني ؟
قال : لا أحد
فأنزل النبي السيف من يده وعكسه وأعطى قائمه لدعثور .
وقال له ﷺ قد انتصرت عليك وعفوت عنك . خذ سيفك وانطلق .
ويقول دعثور أشهرت السيف عليه قاتلاً لا محال .
ولكن كلمة الله من قلب النبي ﷺ أرعدتني وسقط السيف .
الآن النبي لم يرتعد والسيف بيده ودعثور يقول لا أحد ثم هو يعطيه السيف ويقول له قد عفوت عنك .
نظر دعثور للنبي ﷺ مندهش مذهول ..
وقال : من انت يا محمد ؟
قال ﷺ انا محمد رسول الله .
فقال دعثور : وانا أشهد أنك رسول الله .
فقال له النبي ﷺ فأشهد يا دعثور أن لا اله إلا الله .
قال . واشهد ان لا اله الا الله . لو كان هناك آلهة غيره لحمتني ونفعتني الآن .
اسلم دعثور وقال . ائذن لي يا رسول الله أن ادعو قومي لهذا الدين .
قال ﷺ انطلق فأدعهم .
فانطلق فدعى قومه فقدموا وبايعوا النبي ﷺ على الاسلام .
جاء يريد قتل النبي ﷺ فاصبح داعياً الى الله وذلك لمكارم اخلاق رسول الله ﷺ .
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ .
صلوات ربِي وسلامه عليك يا حبيبي يارسول الله .
الكاتب/ خالدحسن الرويس