محليات

الحذيفي في خطبة الجمعة: الشرع المقدس أمر بالاجتماع والاتفاق ونهى عن الاختلاف والافتراق

 

صراحة – محمد المحسن : ذكر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي في خطبة الجمعة اليوم أن الشرع المقدس أمر بالاجتماع والاتفاق ونهى عن الاختلاف والافتراق، حفظاً للدين الإسلامي الذي لا تقوم الحياة إلا به، ولا تنال الجنة إلا بالعمل به، وحفظاً للمجتمع من التصدع والتخلخل والفوضى والتنازل والبغي والفساد ووقاية من التصادم والتنابذ والبغضاء والتطاحن، وحماية للمصالح والمنافع والحقوق الخاصة والعامة وتحقيقاً للأمن والعدل والاستقرار، من أجل ذلك كله أمر الله سبحانه بالائتلاف ونهى عن الاختلاف فقال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)، وقال تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، وقال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ).

وأضاف فضيلته : أن الترابط والتوافق والتكافل والتراحم ومناصرة الحق ونبذ الخلاف ونبذ التفرق حصن يأوى إليه المجتمع وموئل يسع الناس ، ومأمن للجميع وقوة للدين وحفظ المنافع الدنيا ، وحرز من الفتن المضلة ، وسلامة وعافية من كيد الأعداء وضررهم وكما أمر الله تعالى بالحفاظ على ترابط المجتمع وقوته وتراحمه نهى عن التقاطع والتدابر والشقاق والاختلاف والفوضى وفتح باب الشر قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )، وقال تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)، ومن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم النافعة التي تضمنت أوامر التعاضد والتلاحم والاجتماع ، ونهت عن الفرقة والاختلاف والابتداع فجمعت الدين والدنيا قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا, فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ , تَمَسَّكُوا بِهَا, وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ).

وذكر فضيلته: أنه من رحمة الله بالمسلمين أن حذرهم من الفتن عامة فقال عز وجل: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، وكما نهى الشرع المقدس عن الفتن عامة وحذر منها لضررها حذر من فتن خاصة تضر صاحبها وتضر العامة فقد حذر الشرع من أن يشد الفرد عن الجماعة، ومما حذر منه الإسلام الافتتان بالدنيا وإهمال أعمال الآخرة ونسيانها، والفلاح والفوز هم العمل للآخرة والعمل لإصلاح الدنيا وعمرانها بكل نافع ومفيد يعز الدين ويفي بحاجات المسلمين ويعف المرء المسلم عن ذل المسألة ويبسط يده بالنفقة في أبواب الخير، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ).

وبيّن فضيلته أن أول خلاف في الأمة خروج المنافقين على الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه دافعه حب الدنيا كما هو ثابت ومدون في التاريخ طمعاً في مناصب الدنيا فما نالوا إلا خزياً وحرماناً وبغضاً وهلكوا واحداً واحداً على سوء حال والعياذ بالله، وفي هذا الزمان البعيد العهد بالنبوة صارت الدنيا فتنة للكثير فالخصام فيها والتواصل والمؤاخاة لمنافعها والتوافق على مصالحها والتباغض والتقاطع والتهاجر عليها ومقادير الناس بها فصارت سبباً في اختلاف الأهواء وقل الحب في الله تعالى.

أيها المسلمون: إن من أسباب صيانة المجتمع وحفظه أيضاً وتلاحمه وقوته وثباته أمام أعاصير الفتن ودحره لكيد الأعداء ودفع فساد كل ذي شر دوام النصح والمناصحة لولاة الأمر على طريقة السلف الصالح ليتحقق دائما معنى قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) وقال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا ،: يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وأن َتَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ، وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ).

وفي الخطبة الثانية أوصى فضيلته: أنه مما حذر منه الإسلام زلات اللسان ومهلكاته فإن القول والكتابة قد تغرق الصف وتشتت الشمل وتخالف بين الوجوه وتشعب الأهواء وتضل عن الحق وتوسع الخلاف, ولما حذر النبوي صلى الله عليه وسلم من الفتن بين أكثر من مرة أن القول بالباطل فيها هلاك فقال: (اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ) .

عباد الله: استديموا نعمة الأمن والاستقرار والرخاء والتقرب إلى المولى بالعبادات ومجانبة المحرمات.

واختتم فضيلته الخطبة بالدعاء: اللهم احفظ هذه البلاد آمنة مستقرة وأحفظها من الفتن اللهم احفظها من كيد الكائدين ومن شر المفسدين ومن شر الأعداء والحاسدين اللهم احفظها وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين بتوفيقك وأيده بتأييدك اللهم وفقه وولي عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد ولما فيه خير للإسلام والمسلمين يا رب العالمين ، اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا يا رب العالمين.

 

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى