المقالات

كن دبلوماسي

نعتقد دائما أن الدبلوماسية وظيفة خاصة بالسلك الدبلوماسي ويغيب عن الأذهان أن الدبلوماسية هي أكثر من مجرد مهنة، فهي فن يتجاوز الحدود السياسية والمؤسساتية، ويتجسد في تقدير الآخر وفهمهم.

فالدبلوماسية فن الحوار والتواصل الذي يرتكز على الذكاء والأدب والرقي، ذاك ما يجب أن نفهمه بعيداً عن الصور النمطية التي قد ترتبط بالدبلوماسية في أذهان البعض. فالدبلوماسي ليس فقط سفيراً أو دبلوماسياً في الخارج، بل هو كل شخص يتمتع بالقدرة على التواصل الفعال وحل المشكلات بدهاء.

بالإضافة إلى إنها ليست مجرد مهارة فنية يتقنها بعض الأفراد، بل هي أسلوب حياة يتبناه الشخص في تعاملاته مع الآخرين، سواء في العمل أو في الحياة الشخصية. فالشخص الدبلوماسي هو الذي يمتلك مجموعة من الصفات الأخلاقية والسلوكية التي تجعله قادراً على التعامل مع مختلف الأشخاص والمواقف بكل رقي وحكمة. بالإضافة إلى أنه يتمتع بالصبر والتفهم، ويمتلك القدرة على الاستماع بتركيز وفهم عميق للآراء والمواقف المختلفة، ولما له من حسّ تحليلي دقيق يمكنه من فهم دوافع الآخرين وتوجيه الحوار بشكل يشجع على التفاهم وحل النزاعات. كما يتمتع باللباقة والأدب في التعبير، مما يساعده على بناء جسور من التواصل والثقة مع الآخرين.

ومن أبرز الصفات التي يجب أن يتحلى بها الشخص الدبلوماسي هي المصداقية، فالثقة والمصداقية هما الأساس في بناء أي علاقة ناجحة. كما يجب أن يكون رقيق الطباع وهادئ الأعصاب، حتى في أصعب الظروف يظل هادئاً ومتزناً، مما يساعده على اتخاذ القرارات بحكمة وتأني.

فالصبر والتواضع أيضاً من الصفات الضرورية للدبلوماسي، فمن خلال الصبر يمكنه التعامل مع الضغوطات والتحديات بكل هدوء وثبات، في حين أن التواضع يجعله يتقبل آراء الآخرين ويحترمها، مما يسهل عليه بناء علاقات جيدة مع الجميع.

إن الدبلوماسية لا تقتصر على التعامل مع الأفراد كل على حدة، بل تشمل أيضاً التعامل مع المجتمع بشكل عام، فالدبلوماسية في الحياة اليومية تتجلى في استخدام الكلمات بعناية وذوق، وتجنب الجدل الغير مثمر، والاستماع بتركيز لآراء الآخرين، وتقديم المساعدة والدعم في الحالات التي تحتاج إليها.

لذا، يجب أن نفهم أن الدبلوماسية ليست مجرد مهارة فنية يمتلكها بعض الأشخاص، بل هي أسلوب حياة يمكن للجميع أن يتبناه لبناء علاقات صحية وناجحة مع الآخرين، وتحقيق التواصل الفعال وحل المشكلات بسرعة وسهولة.

وليست بالضرورة وظيفة في الحكومة أو المنظمات الدولية التي تمنحك السلطة وبعض الامتيازات، بل هي فلسفة تتعلق بتطبيق مبادئ التواصل الفعّال وحل النزاعات في جميع جوانب حياتنا، سواء في العمل أو في الحياة الشخصية. إذ يمكننا جميعاً أن نستخدم مبادئ الدبلوماسية في التعامل مع الزملاء في العمل، والأصدقاء، وأفراد العائلة، وحتى المجتمع بأسره.

فتعامل بدبلوماسية مع الناس وعاملهم بأحب الأشياء التي تريد أن يعاملوك بها حتى تكون لهم أعز الأحباب وأقرب الأصحاب.

وحاول دائما أن تكون المستمع الجيد الذي يستمع للآخرين باهتمام وتركيز، فالاستماع للآخرين هو بداية التواصل الفعال والناجح مع من حولك.

وامنح الآخرين أيضاً مساحة للتعبير عن أنفسهم وتوضيح مواقفهم، دون أن نتسرع في الحكم أو الاستنتاج. فالكثير من الأمور قد تكون معقدة ومختلفة عما نراه بوضوح، وقد تكون هناك جوانب للقصة لا نعرفها.

فكن دبلوماسي وعامل الناس كما تود أن يعاملوك وحبهم فيحبوك، وتذكر دائماً أن الدبلوماسية أسلوب حياة لا يقتصر فقط على وظيفة أو مكانة محددة.

 

الكاتب / طارق محمود نواب

الجمعة  10  مايو 2024 م

للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )

 

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى