المقالات

كيف حالــــــــ……؟

الغياب ضد الحضور والشهود، وهو أن لا يوجد الشيء في المكان الذي يُعد وجوده فيه طبيعياً وهو الذي أصبح في مرتبة مجهول المكان ثم تبدأ طبيعة البشر بتحليل الأمور حوله وسوء الظن فيه ورسم حالته وتكهن التوقعات ولومه والعتب عليه واتهامه، لطالما مستمر بالغياب الخفي ستستمر الظنون حوله إلى أن تصبح قصص ثم روايات ثم يتداولونها ثم يصدقونها فيه بدون اعتراض من أحدهم او تفكير، لطالما هذا الإنسان استمر غائب فالظنون فيه والحكايات ستضل حقيقة في عقل من تداولها، بينما هذا الإنسان لم يظهر لنا  ليحكي لنا الحقيقة ستضل التهكمات تعتريه وسيضل في نظر الأخرين من البشر ذاك المُلام القبيح الأناني عديم الإنسانية على غيابه. لماذا كل هذا؟ لأنه غائب. وفي حقيقة الأمر كانت نقطة البداية ظنون حوله واستمر الأمر ولم يتوقف إلى أن اعتادت الأذان على سماع ذلك عنه وأصبح الدماغ يصدق كُل ما قيل لا إرادياً. هل رأوا وسمعوا بأنفسهم كل ما روي عنه؟ الحقيقة لا. لم يرون ولم يسمعون منه بأنفسهم (اكرر ابتدأت بظنون وتوقعات). وبطبيعة الحال النفس البشرية ضعيفة أمام كل شيء مفاجئ، فلو وجدوا لمحض صدفة هذا الغائب يجلس بالمنزل في منتصف الليل او دخل عليهم هذا الغائب الذي يجهلون حاله او وجدوه يمشي أمامهم بالممرات صامت بشكل مفاجئ، سيرتعبون منه ويجرون خطواتهم هروباً. ليس لأن هذا الإنسان كونه إنسان أصبح مرعب، بل لأنه خُفي عن الأنظار فظهر بطريقة غير مسبوقة العلم وبطريقة غريبة. أكرر ليس المرعب كونه إنسان بل المرعب هو طريقة ظهوره، المرعب هو الفعل بعينه وليس الفاعلوهذا هو حال الغائب وهذا هو حال الجن عند الإنس. الجن هم مكان الغائب ونحن البشر لأننا لا نراهم ولا نسمعهم أسقطنا عليهم جميع التهم بأنهم سيئين واشرار وقبيحين المنظر وانزلت عليهم اللعنة، ولو عدنا إلى حقيقة الأمر هل هذه المخلوقات عاشرناها؟ هل رأيناها؟ هل سمعنا منها؟ هل يوجد بهذا العالم من عاشرهم اصلاً؟ إجابة جميع ما سبق هي (لا). إذاً من أين لكم كل هذه الروايات عنهم؟ من أين لكم كل هذا يا معشر البشر؟ تصدقون خزعبلات المورثات والقصص والخرافات وعالم الأساطير!  لقد تم اتهامهم بجميع ما سبق لأنهم غائبين وخفيين لا نعلم عنهم شيء فبدأت القصص والظنون والخرافات تدور حولهم ومازالت مستمرة إلى يومنا هذا، وسبب الاستمرار والتصديق هو أنه لم يظهر أحد من الجن ليخبرنا الحقيقة أو لنعاشره ونرى الحقيقة. فلا اظن أن في هذا الكوكب اسوأ من بعض البشر فهم من قتل وأحرق ودمر الأرض وأفسدوا البيئة وفَعلوا مالم يقدرون على فعله الجن بالأرض. فهم لم يُخْلقون أعداء لنا ولا سليطين علينا فلقد خٌلقو ولهم حياة يهيمون فيها انشغال كسائر طبيعة كامل المخلوقات على أي حال. حتى في الكتب المقدسة لم تكتب صفات الجن الخُلقية والخَلقية إلا الشيء البسيط جداً، لم تُذكر له أنه صانع الخير وحده وصانع الشر وحده بل وصف الشر من بينهم بأنه شيطان. فقد كان ابليس من الجن ولقب بالشيطان لأنه سيء كذلك البشر فالسيء والظالم منهم هو شيطان وقيل عن الظالم من الإنس الذي لا ينطق بالحق (شيطان اخرس). لذلك الجن مخلوقات لا تستدعي الخوف وليست باب لرمي التهم إليها وننسى أن المسبب هو البشر!! إنكارنا للمسبب الحقيقي او البحث عن المسبب الحقيقي يعني أننا لن نجد حلول إطلاقاً لمشاكلنا، فوجودهم بيننا أمر طبيعي فهم مخلوقات موجودون معنا على نفس الكوكب باختلاف البُعد الكوني بيننا وبينهم هو الذي يجعلهم يروننا ولا نراهم ولو ظهروا في بُعدنا الكوني لأي سبب حركي، فلكي، فيزيائي او بيئي، فهو مخلوق مثلك لا يملك لك الخير ولا الشر ولكن قد يستغل بعضهم كونك ورثت الخزعبلات فيبدؤون التخفي والظهور ليرعبوك؟ هذا ما أمكنهم؟ فهم يملكون العقل المفكر ويستطيعون الاحتيال عليك، حتى الإنسان قد يستغل خوفك منه او مصلحتك معه بأسوأ مِما يفعلوا الجن. لعل البعض الأن يأتيني بأقوال لأشخاص من قبل الآف السنين يصف الجن وأفعالهم، سأقول لك: اترك الاساطير وأخبرني انت ماذا رأيت منهم بعينيك وماذا سمعت منهم بأذنيك؟ هل احتسو معك كوب قهوة ليخبروك عن حياتهم او ممارساتهم او أخلاقياتهم؟ الإجابة هي لا. ولكن الإجابة الأكيدة أيضاً أن بعض البشر كسول الذهن ومحدود الفِكر إذا عجز عن تفسير حادثة أو مشكلة أو مرض أو أمر خفي يعودون إلى اتهام هذا الجني، بما أنه خفي فهو مُسبب المشاكل ذات الأسباب الخفية، البعض إذا عجز عن أمر جعل تفسيره من عالم خفي كي يقطعه من دابره ولا يجهد نفسه بالبحث فيه. ستقول أن هناك بشر داخلهم جن وعندما يتم القراءة علهم يخبرونا بأمورهم، سأقول لك: الجن لا يدخلون جسد الإنس ولا يحترقون بالقرآن لأن هذا القرآن انزل عليهم واستمعوا له وهم كفار ولم يحترقوا ثم امنو به قال تعالى (وإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ(29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30))سورة الأحقاف، فكيف للرب العظيم أن ينزل كتاب يحرقك به ويأمرك باتباعه! ولم يذكر القرآن إطلاقاً أن هناك من يتأذى بالقرآن بل هو أُنزل لكلا الثقلين الجن والأنس لأنهم يملكون العقل لأنه الطمأنينة لأنه الراحة لأنه الأمان القرآن يهدي لا يحرق، الخلاصة “أن الجن هم عالم خفي موجود بيننا خفُي لسبب أنهم في بُعد كوني مختلف و إن ظهر لسبب يعود إلى ظواهر فلكية او فيزيائية، لا ترمون أسباب المصائب على الجن لتكتفون بهذا العذر لتقطعوا البحث عن حلول بالطريقة المنطقية الصحيحة، بل المسبب أنت أيها الانسان او بما يوجد بمحيطك فأبحث عن حلولك ولا ترمي كل مجهول إلى عالم مجهول هذا هو سبب الرجعية التطورية والفكرية بعينها”.

كيف حال غائبكم؟!

 

الكاتبة / عهود الغامدي 

زر الذهاب إلى الأعلى