مبارك في آخر حديث للشعب المصري: سيحكم التاريخ بما لنا وما علينا ( فيديو)

صراحة – متابعة : وجه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، التحية إلى محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، خلال جلسة التعقيب ودفاعه عن نفسه فى “محاكمة القرن”، اليوم، قائلا: “تحية إجلال وتقدير لحضراتكم، تعكس ما أحمله من احترام وتقدير لقضاء مصر، تشهد به مواقفكم من القضاء الشامخ منذ أن تحملت مسئوليتي كرئيس للبلاد”.
وأضاف: لقد قاربت مداولات المحكمة على الانتهاء من حسم القضية، أشكركم على إتاحة الفرصة كي أمارس حقي في أن أتحدث إلى هيئة المحكمة مدافعا عن نفسي، مضيفا ما أبداه المحامي فريد الديب.
وتابع: “أتحدث معكم باقتناع أكيد أن عجلة التاريخ لا ترجع إلى الوراء، وأن أحدا لا يستطيع أن يزايد على التاريخ، ويعي أخبار الرجال ويعطي كل ذي حق حقه، مهما كانت محاولات الطمس والتزييف”.
وقال مبارك: إنه تعرض هو وأسرته وقت توليه حكم مصر لحملات ظالمة من الافتراء والإساءة والتشهير، كما تعرض لحملات تشويه للسنوات التي تحملها أثناء حكم مصر، تنتقص من كل ما تحقق من إنجاز وتنسب إليها كل رخيص.
وتابع “إنني أمْثُل أمام محكمتكم الموقرة بعد أن قضيت أكثر من 62 عاما في خدمة هذا الوطن، سنوات طويلة أمضيتها ابنا للقوات المسلحة، ثم نائبا ثم رئيسا للجمهورية، خضت كل حروب مصر بعد ثورة يوليو وشاركت في إعادة بناء القوات الجوية بعد حرب 67، ثم توليت قيادتها في حرب أكتوبر”.
وأكد مبارك أنه لم يكن يوما ساعيا وراء منصب أو سلطة، مشيرا إلى أن الجميع يعلم الظروف العصيبة، التي تحمل فيها مسئولية الرئاسة خلفا للرئيس السادات الذي اغتالته يد الإرهاب.
وقال الرئيس الأسبق إنه أدار علاقاته مع إسرائيل كمن يمشى على سلك مشدود دون أى تهاون فى السيادة الفلسطينية أو حقوق الشعب الفلسطينى.
وأضاف أنه ظل متمسكا بأسس تحقيق السلام لشعبه حتى استعادة آخر شبرٍ من أراضينا المحتلة.
وأشار إلى أنه ظل مناهضا للانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، راعيا للمصالح الفلسطينية، ولم يتردد فى تقديم دعم مصر للمحاصرين فى غزة ولكنه تصدى فى الوقت نفسه لمحاولات تهديد أمن مصر القومى عبر حدودها مع قطاع غزة.
وقال الرئيس إنه خلال عصره تم تحرير الاقتصاد القومى، وإسقاط ما يقرب من 27 مليار دولار كانت تمثل نصف الديون الخارجية على مصر.
وتابع أنه تم تحرير الاقتصاد والانفتاح على العالم وتهيئة المناخ لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأضاف أن هذه السياسات الاقتصادية استهدفت فتح أبواب الرزق لملايين المصريين، وحققت الصادرات أعلى معدلات نمو فى التاريخ وأعلى احتياطى للنقد الأجنبى، دون أن تتخلى الدولة عن دورها فى تحقيق الرعاية والعدل الاجتماعى.
وأوضح أن البلاد خلال فترة حكمه واجهت العديد من التحديات، إلا أنه تحققت لمصر وشعبها إنجازات كبيرة رغم الزيادة السكانية وما تمثله من ضغط على موارد الدولة.
وأشار إلى أن كافة هذه الإنجازات ليست كلامًا، وإنما هى وفق الأرقام والإحصائيات المسجلة بالحكومة، ولكن مجال الحديث عنها بالتفصيل ليس هنا.
وأكد أنه لا يبالى من محاولات البعض التشكيك فى دوره بحرب أكتوبر المجيدة، قائلاً: “كنت مخلصاً لله والوطن كما يشهد الله أننى لا أمانع أن يمحى اسمى من على مشاريع قومية أو مؤسسات وطنية وتعليمية؛ فهى ستظل باقية ضمن شواهد عديدة”.
وقال مبارك: إنه أقام سياسة مصر الخارجية على الندية والتكافؤ وسعى لتصحيح المصالح المصرية أينما كانت، وحماية أمن مصر القومي على كافة أبعاده ومحاوره، مضيفا: “لم نكن يوما حليفا مهادنا أو متهاونا في الحفاظ على السيادة الوطنية لمصر”.
وأضاف “لقد استعدت علاقات مصر المقطوعة مع الدول العربية وعاد مقر جامعة الدول العربية من تونس إلى القاهرة، وحافظت لمصر على مكانتها في السياحة الدولية، ودوائر علاقتها العربية والأفريقية والأوربية”.
وتابع مبارك: “لم أقبل أي تدخل خارجي أيا كانت ظروفه في الشأن المصري أو أي تواجد عكسري على أرضها أو مساس بشريان حياتنا (نهر النيل)”.
وقال الرئيس الأسبق -المتهم في قضية قتل المتظاهرين في أحداث يناير 2011- إن التعديلات الدستورية في عهده استهدفت حرية الإعلام والصحافة وحرية الرأي والتعبير، وتوسيع تجربتنا الديمقراطية وتعزيز مبدأ المواطنة، محذرين من خلط الدين بالسياسة ومن الانتكاس إلى الوراء على نحو ما أتت به الأحداث عام 2011.
وأضاف مبارك أن ما حدث في يناير وفبراير2011 أن المتاجرين بالدين والمتحالفين معهم من الداخل والخارج، دعوا إلى التظاهر السلمي وتحولوا به إلى أعمال عنف وقتل ونهب وتخريب وترويع للشعب وتعدٍ على الممتلكات العامة والخاصة واقتحام السجون وإحراق مراكز الشرطة.
وتابع “قد بدأت منذ الأيام الأولى لتلك الأحداث باتخاذ قرارت وإجرائات لمواجهة تداعياتها؛ فأصدرت التعليمات بنزول القوات المسلحة عصر يوم 28 يناير لحفظ الأمن بعد أن عجزت الشرطة عن القيام بدورها نظرا لما تعرضت له من تعديات المتآمرين”.
وأضاف “في استجابتي لمطالب المتظاهرين طرحت خطوات تضمن انتقالًا سلميًا للسلطة في إطار الدستور والقانون وفي خطابي للجماهير في الأول من فبراير سعى من أرادوا الانقضاض على الدولة إلى تأجيج الأوضاع وزعزعة ثقة الشعب في قيادته والوقيعة بين الشعب والشرطة”.
وقال مبارك إنه لم يقامر يوما من الأيام بأرواح المصريين والدخول بهم فى مغامرات غير محسوبة.
وأضاف “لقد حافظت على السلام وكنت دائما درعا للوطن وشعبه وسيادته”.
وتابع “لقد خاضت مصر مواجهة شرسة، كتلك التى تواجهها هذه الأيام، وانتصرت مصر فى حربها مع الإرهاب كما سننتصر بعون الله بحكمة قياداتها فى مواجهته اليوم”.
وقال مبارك إنه لا يتحدث لاستعراض عطائه لمصر، حيث إن عطاء الوطن سيظل الأكبر، فمصر هى الوطن والأهل والملاذ وأرض المحيى والممات.
واستطرد قائلا: إنه يدافع عن نفسه اليوم فى مواجهة الإساءة والتشويه، مؤكدا: “لا أدعى لنفسى الكمال فالكمال لله وحده، فأنا كغيرى من البشر أصيب وأُخطئ، فلقد تحملت المسئولية بشرف وأمانة وبذلت غاية جهدى وسوف يحكم التاريخ علىّ وعلى غيرى بما لنا وما علينا”.
واستكمل: “من المؤكد أن التوفيق لم يحالفنى فى بعض القرارت وهذا شيء طبيعى، ومن المؤكد أن بعضها لم يرتقِ لتطلعات الشعب، ولكن فى كل قرار اتخذته أو سياسة انتهجتها توخيت صالح الشعب وأكون مخلصاً، وبالرغم مما تعرضت له من إساءة لازلت أعتز بما قدمته لخدمة مصر وبنى وطنى، من أيدنى منهم ومن عارضنى”.
وأكد مبارك، أنه لم يعطِ أي أوامر بقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير، قائلا: “إن مبارك الذي يَمْثُل أمامكم لم يكن ليأمر أبدا بقتل المتظاهرين، وإراقة دماء المصريين، وهو الذي أفنى عمره في الدفاع عن مصر وأبنائها”.
وأضاف “لقد قضيت حياتي مقاتلا لأعداء وطني وهكذا كان تعليمي وتدريبي وعقيدتي منذ تخرجي من سلاح الطيران، ولم أكن لآمر بقتل مصري واحد تحت أية ظروف، ولم أكن لآمر بإشاعة الفوضى، وحذرت مرارا من مخاطرها ولم يكن لي أن أصدر أوامر بإحداث فراغ أمني، فيعلم الجميع كم سعيت طوال سنوات ولايتي في الحفاظ على استقرار مصر وأمنها القومي وآمال شعبها”.
وتابع: “ولا يتفق مع الحقيقة أن أُتهم بالفساد المالي أو استغلال النفوذ من أجل التربح أو الإضرار بالمال العام، فلا الشرف العسكري ولا الاعتزاز بنفسي كإنسان قضى عمره في خدمة وطنه بشرف وأمانة يسمحان بذلك”.
واستطرد: “إنني كابن من القوات المسلحة كنت وسأظل حريصا على شرف العسكرية، حتى الرمق الأخير، لا أفرط ولا أخون، كما أنني كابن من أبناء مصر كنت وسأظل ما حييت حريصا على وطني ومؤمنا به ومتفائلا بمستقبله واثقا أن مصر لا تنسى من عملوا لأجلها وأن مصر لن تنسى من سهروا لأجلها ولا الذين هم ضحية الغدر والإرهاب من مواطنيها الأبناء ومن رجال القوات المسلحة ومن رجال الشرطة، أثق في هذه العدالة الموقرة وأيا كان حكمها فسوف أتقبله بنفس راضية مطمئنة موقنا بعدالة الله الحكم العدل وبحكم التاريخ، كما أن ثقتي بلا حدود أن مصر ستنهض وستستعيد أمنها واستقرارها وعافيتها لتواصل بناء نهضتها من جديد بقيادتها الوطنية المخلصة بعزة ورفعة وكرامة”.
وقال مبارك: إنه تنبه أن الهدف النهائى من تظاهرات 25 يناير هو إسقاط الدولة ومؤسساتها وهو ما جعله يختار طواعية التخلى عن مسئوليته كرئيس للجمهورية حقنا لدماء المصريين حفاظا على تماسك الوطن وأمان أبنائه.
وأضاف “اخترت بحس وطنى أن أسلم أمانة الوطن إلى القوات المسلحة ثقةً فى قوتها بالعبور بمصر وشعبها إلى بر الأمان وهو ما كان”.
وتابع “أقول بكل الصدق إن ضميرنا الوطنى يملى علينا إعادة قراءة الأحداث منذ عام 2011 فى ضوء ما تداعت له التطورات الحالية، التى أكدت أنه كان هناك من يتربص بمصر ولا تزال المؤامرات تحاك للانقضاض عليها”.
وتابع مبارك “لعل حديثي هو آخر ما أتحدث به قبل أن ينتهي بي العمر ويحين الأجل وأتوارى في تراب مصر الطاهرة، التي عشت على أرضها وعملت على حمايتها، وبخبرة السنين أقول لكل مصري ومصرية حافظوا على وحدة الوطن والتفوا حول قيادتها وانتبهوا لما يحاك ضد الوطن من مخططات ومؤامرات”.
واختتم قائلا: “إن مصر أمانة في أعناقكم فاحفظوها وراعوا عهدها واحملوا رايتها وامضوا بها إلى الأمام، حمى الله مصر ورعاها، وحمى شعبها العظيم”.
https://www.youtube.com/watch?v=2KBxFjSDeFo&feature=player_detailpage