محليات

مبتعثات وأكاديميات يقبلن على مواقع الزواج والعقيم والعاقر مطلب والسرية شرط

سناب صحيفة صراحة الالكترونية

99

صراحة – متابعات :

تشهد المواقع المخصصة لما يعرف بـ «مواقع الزواج» على الإنترنت اكتظاظا بالعديد من التناقضات، والمتضادات، والتوافقات في ما بين الموجودين المسجلين في تلك المواقع من جهة، وما بين رغباتهم التي يريدون تحقيقها؛ دافعين من أجل ذلك أموالا للاشتراك فيها.

وحتى لا يكون هذا التقرير بعيدا عن الأزيز الذي يحدث في داخل تلك المواقع الإلكترونية جرى التسجيل بمعرفات عدة ومختلفة ذات أسماء رجالية ونسائية حتى يكون الوضع شاملا لرصد معظم ما يبث في الداخل من قبل فئات المجتمع من موظفين في القطاعين العام والخاص، وأصحاب أعمال، وعاطلين، وباحثين عن اللهو وغيرهم من مختلف الجنسين.
ولا يتوقف الأمر على هؤلاء فحسب؛ بل تصادف وجود حالتين تروجان للمخدرات والمسكرات بعد أن مضى على التواصل مع إحدى الحالتين أسبوعان تقريبا، فقال أحدهما اعتقادا منه أنه يخاطب امرأة مطلقة: «الحبوب اللي معي تنسيك همك واسمك وتخليك في العلالي»، بعد أن أخبرته من خلال معرف نسائي بأنني أعاني من تبعات الطلاق في أسرتي.
وهناك من يدخل من الجنسين لمجرد اللهو، والتربص بالطرف الآخر، فمعظم البدايات للعابثين تكون في جمل تتضمن أن الخطوة الأولى للزواج هي التعارف، واكتشاف الآخر بحجة أنها خطوة مناسبة قبل الوصول إلى مرحلة إبلاغ الأهل، ومع الأسف ينجر الجادون في هذه الخدعة البدائية، فيقعون مباشرة في براثن ذلك المتلاعب.
وعلى النقيض هناك جادون باحثون عن الزواج لكن بعضا ممن قابلتهم يريده سريا دون معرفة أحد من أهله أو أقاربه، سواء كان ذلك مسيارا أو زواجا حقيقيا؛ المهم بالنسبة له أن لا يعرف به أحد، وقد صادفت امرأة في آواخر الثلاثينات تعمل مدرسة تشترط على أن يكون الزواج دون علم أبنائها لكي لا تحرجهم أو تجرحهم على حد تعبيرها، وكذلك رجل أعمال لا يريد أن يخرج الموضوع عن نطاق أسرة الفتاة.
تلك المواقع مليئة بالقصص الغريبة والمآسي التي تخرج من بين الجدران، وتتسلل من داخل البيوت، وكلما كانت تلك القصص مؤلمة.. حظيت بالمزيد من التعاطف؛ لكنها في الوقت ذاته قد تكون نقطة ضعف يقتنصها العابثون لأخذ ما يريدون.
مآس نسائية وكسب الأجر
تبرز القصص المأساوية لدى الباحثات عن الزواج ويتجلى من خلال مجرياتها ضعف الأنثى في كثير مما تكتبه عبر جمل محملة بآلام التجارب أو التي تحمل عبارات تصف أوجاع أيامهن التي عاشتها في فترات سابقة من حياتها.
فإحداهن كتبت: «عانيت من زواجي السابق كثيرا لقد ضربني زوجي وأهانني، وأهلي لم يساعدوني؛ إني أدعو الله أن يعوضني برجل ينسيني هذا كله».
وأخرى اكتفت بهذه العبارة: «كل ما أرجوه الستر.. لا أريد مهرا.. لا أريد شيئا.. أريد الستر.. إن الله غفور رحيم» لكن صاحبة هذه العبارة الأخيرة لم تعد للموقع منذ تسجيلها، بعد فترة مراقبة على معرفها للوقوف على قصتها إلا أنها لم تعد.
وثالثة تكشف أنها معاقة، وتريد أن تمارس حياتها بشكل طبيعي من خلال الزواج مع موافقتها على أن يكون المتقدم لها متزوجا أو كبيرا في السن، مقدمة في ذلك العديد من التنازلات لتحقيق رغبتها.
وبسؤالها عن سبب دخولها الموقع ردت بقولها: أشعر أنني عبء على أهلي رغم أنهم يحاولون عدم إشعاري بذلك، وأقاربي لا يريدون الزواج بي لحالتي الصحية، لذا أريد زوجا صالحا ربما لا أستطيع تقديم الكثير له لكنه سيكسب أجري عند الله.
أريد من يعيل أبنائي
ذات يوم وجدت على إحدى المعرفات الرجالية التي أدخل بها رسالة من إحداهن، تعرض نفسها للزواج، وتؤكد لي أنها جميلة مقابل إعالة أبنائها لأنها لا تجد دخلا شهريا ثابتا، وحين جرى إخبارها بأن المفترض أن يبادر الرجل بطلب الزواج من المرأة لا العكس، ردت بقولها: «تعبت من الكذب.. هناك من يستغل حاجتي في إعالة أبنائي، وإذا أعطيتهم رقم والدي ليتصلوا به ويتفقوا معه لا يتصلون».
وتضيف: «أنا امرأة أريد أن أشعر بأن لي دورا في الحياة أؤديه، ولدي ثلاثة أبناء ووالدي كبير في السن، ودخله لا يكفي باقي الأسرة فكل ما أريده زوج صالح يعينني وأعينه على هذه الحياة».
وعندما سألتها كيف تضع ثقتها بي فربما أكون عابثا كمن واجهتهم، ردت قائلة: «والله لا أعرف ماذا أفعل لكنني جئتك لأن الحال ضاق بي، وبدلا من أنتظر النصيب سأذهب إليه»، فاعتذرت منها، ولم أجد حجة للخروج من هذا الموقف المحرج إلا أن أخبرها بأنني مرتبط مع إحداهن في الموقع، ووجودي حاليا من باب انتظارها، فدعت لي بالتوفيق وانسحبت، وعندما ذهبت لمعرفها وجدت أنها سجلت في الموقع منذ شهرين تقريبا.
زوج لأكاديمية بالقوة
ومن بين الذين كان معهم النقاش متبادلا، واحدة من الأكاديميات تعمل معيدة في جامعة محلية وتدرس حاليا في إطار التحضير للدراسات العليا، إلا أنه تم اكتشاف تسجيلها في العديد من مواقع البحث عن الزواج.
وعن مبرراتها باعتبار أنها فكر أكاديمي يهدر وقته في مواقع الزواج المختلفة وأن ما تقوم به أشبه بالبحث عن زوج بالقوة، قللت من أهمية المسألة معتبرة ذلك أمرا طبيعيا من أجل البحث عن الرجل المناسب على حد تعبيرها وقالت: عندما كانت مبتعثة في كندا وجدت لديهم مواقع للتعارف الجاد.
رفض الأقارب
ولأن المواقع تعج بالعديد من المنتمين لها الحاصلين على درجات علمية جيدة وجدت معيدة أخرى، وبعد تبادل بعض الرسائل معها سألتها عن سبب الدخول لمثل هذه المواقع بالرغم من أنها قد تكون محط أنظار بين أقاربها، فردت: «لا أريد زواجا من العائلة ولا من الأقارب وقد رفضت العديد منهم لأنني أريد شخصا من اختياري».
المبتعثات والمحرم
وعلى صعيد المبتعثات، وجدت إحدى المبتعثات قد وضعت في ملفها أنها تريد رجلا متعلما يرغب في مواصلة دراسته من أجل أن يتزوج منها ويسافرا سويا إلى الخارج، وبسؤالها عن سبب فعل ذلك، أشارت إلى أنها واجهت رفضا من عائلتها لابتعاثها دون أن تتزوج في ظل رفض أخيها الوحيد مرافقتها.
وقالت: جئت إلى هنا لكي أبحث عن زوج أتمنى أن يكون مناسبا لكي يساعدني على تحقيق حلم الابتعاث وإكمال الدراسة.
وبالاستفسار منها عن احتمالية عدم توافقهما، ومصير الزواج بعد انتهاء الابتعاث خاصة إذا نجم عن ذلك الزواج أبناء، قالت: سأحاول أن أصبر عليه، وإذا لم يجد الأمر فلكل حادث حديث، أما بالنسبة للأبناء فسنحاول عدم الإنجاب إلى حين التأكد من إمكانية استمرار الزواج.
ترويج للمخدرات
ومن خلال أحد المعرفات النسائية، جاء إليّ شاب يطلب الزواج معتقدا أن خلف هذا المعرف النسائي امرأة بعد أن وضعت حالة المعرف «مطلقة»، وكتبت في الوصف بأنها تعاني من نظرة المجتمع إليها، وتريد التخلص من تلك النظرة بزواج جديد غير أنني أضفت إلى ذلك كلمة «امرأة متحررة» وهذه الجملة منتشرة في العديد من المعرفات النسائية التي صادفتها.
فأخذ يراسلني فترة متخذا بعض العبارات التلميحية إلى التدخين تارة، وإلى «المعسل والشيشة» تارة أخرى، فشككت في أنه مروج من خلال بعض العبارات، وعندما أكدت له بأن صاحبة المعرف تدخن وتعسل، أخذ يعرض شيئا فشيئا بعض أنواع المخدرات كالكبتاجون والحشيش وأنه مصدر جيد لها، وبالإمكان الاعتماد عليه في هذا الجانب.
وكان من بين أبرز الجمل التي ذكرها في هذا الاتجاه قوله: «الحبوب اللي معي تنسيك همك واسمك وتخليك في العلالي»، فكانت هذه المرة الأولى التي أعرف أن مثل هذه المواقع تكون موطنا لترويج المخدرات.
اعتبرت هذا الموقف استثنائيا كونه الأول من نوعه الذي أصادفه، لكن سرعان ما تبدلت النظرة عندما فوجئت بآخر على معرف نسائي ثاني في موقع مختلف يعرض علي أنواعا من المسكرات بعد ثاني رسالة، فأخبرته بأن صاحبة هذا المعرف ليست من هذا النوع، فأرسل زاعما بأن من معظم من تأتي إلى هذه المواقع هذا هو حالها، ولن تكون صاحبة المعرف النسائي – الذي أقف خلفه – مختلفة عنهن، فهددته بإرسال ما كتبه لإدارة الموقع، وبالفعل أرسلته لإدارة الموقع لكن لا أدري ما الإجراء الذي اتخذ بحقه.
من خلال هاتين الواقعتين؛ وإن كانت محدودة إلا أن مثل هذه المواقع قد تكون حاضنة لترويج المخدرات والمسكرات بعيدا عن أعين الرقابة التي غالبا ما تكون راصدة للطرق المألوفة التي يجري اتباعها بالعادة من قبل المروجين.
لهو ولعب
هناك العديد من طلبات اللهو التي وصلت إلى المعرفات النسائية المخصصة لهذا التقرير، إلا أن تلك الطلبات تتفاوت ما بين الطلب المباشر في الخروج، والتنزه إلى التحدث عبر الجوال من أجل مناقشة بعض الأمور المستقبلية المتعلقة بالزواج.
وتصل الجرأة إلى عرض رقم الجوال والاسم بل إن أحدهم في إحدى الرسائل، وعندما تم تهديده بإبلاغ إدارة الموقع قال: «سوي اللي تبين ما راح يوقفوني لكن اتصلي نكون أصحاب وأنتِ الكسبانة»، فأدركت أن بعضهم لديه علاقات مع إدارة المواقع قد لا تطاله عقوبات الإيقاف أو الطرد، فيفعل ما يريد.
هناك العديد من الإشاعات التي تتحدث عن وجود معرفات نسائية تهدف إلى الحصول على معلومات متكاملة عن بعض الرجال المسجلين، ويصل الأمر إلى حد تسجيل المكالمات حتى إذا ما رغب في أن يكون الأمر سريا، يتم ابتزازه مقابل دفع مبالغ مالية وبخاصة إذا عرف أنه من الطبقة المقتدرة على ذلك، إلا أن مثل هذه النوعية لم أصادفها لا في المعرفات النسائية، ولا في الرجالية.
العقيم مطلب
كشفت عدة معرفات من الجنسين عن وجود رغبة في الزواج من شخص عقيم لا ينجب، ويوضع ضمن هذا الشرط ضمن الشروط التي لابد من توفرها لقبول الطرف الآخر سواء كان رجلا أو امرأة.
وبسؤال بعض المشترطين هذا الشرط حول إمكانية عدم مصداقية الطرف الآخر في مسألة العقم، أوضحوا بأن الزواج لن يتم إلا بوجود تقرير طبي يؤكد حالة العقم، مشيرين إلى أن لديهم أبناء ولا يريدون إضافة أبناء آخرين.
وذكرت إحداهن «حين سجلت بأحد المعرفات النسائية في أحد المواقع التي تتطلب دفع مقابل مالي من أجل الاشتراك؛ طلبت اشتراكا مفتوحا بحجة أنني لا أملك مالا؛ فعرض علي مسؤول الموقع التواصل معه هاتفيا حتى أقنعه بطلبي ليكمل تسجيل اسمي.
وأضافت أخبرته بأنني لا أستطيع مجاراته في الكتابة لأن خادمة من أصل عربي تكتب لي ما أمليه عليها، وعندما سأل عن العمر أخبرته بأنني أبلغ 53 عاما وأريد زوجا أختم معه حياتي، فما كان منه إلا أن قال: «لابد أن تدفعي.. هذا نظام الموقع».
دور رقابي
وعن الدور الرقابي الذي تمارسه مثل هذه المواقع الإلكترونية على ما يحدث في الداخل، أوضح «أبو عبدالله» أن عدة مواقع كبيرة لها دعم فني مختص لحل المشكلات التي تطرأ.
وزاد أنا أؤكد بأن أي شكوى ترد لإدارات مواقع الزواج الشهيرة تؤخذ بعين الاعتبار، وعند التأكد من صحتها يتم التعامل معها إما بالطرد الدائم أو بالطرد المؤقت، ويخضع ذلك لحجم المخالفة المرتكبة سواء كانت تلك المخالفة توزيع أرقام جوالات أو إيميلات أو إثارة النعرات بأنواعها أو غيرها من الأمور المرفوضة، وهناك مخالفات يكتفى فيها بإرسال رسالة تحذيرية من قبل الإدارة إلى العضو الذي يتم وضعه تحت الرقابة.
التدليس والتحريف
أكد أستاذ الصحة النفسية المشارك في جامعة طيبة الدكتور نايف الحربي بأن مواقع الزواج غير صحية، ولا يسفر عنها في الغالب إلا زواج مؤقت، معللا ذلك بإمكانية تغليب التدليس والتحريف من أجل إحداث نوع من التقارب بين الطرفين بطريقة خاطئة.
وكشف أن المواقع المخصصة للزواج لها أغراض واتجاهات مادية، ويتضح ذلك من خلال وضع اشتراطات لا تمكن المسجلين من التواصل مع بعضهم إلا بعد أن يتم دفع مبلغ مالي معين، وفي بعض الأحيان يقدم صاحب الموقع معلومات خاطئة، مستغلا عدم معرفة عامة الناس بها، فينجم عنها أخطاء جسيمة. وعن إقبال الأكاديميين والأكاديميات على مثل هذه المواقع، قال «بالنسبة للأكاديميات فالأمر مبرر نوعا ما، باعتبار أنهن تقدمن في السن، وبعد الانتهاء من دراستهن الأكاديمية تحاول الواحدة استدراك الوقت من خلال هذه المواقع للبحث عن زواج بطريقة غير منطقية في أغلب الأحوال». ومضى يقول: «عندما تدخل الأكاديمية إلى مواقع الزواج الإلكترونية؛ غالبا ما تقدم العديد من التنازلات التي قد لا يمكن أن تقدمها لو كانت في مقتبل عمرها، أما على صعيد الأكاديميين فغالبية من ينخرطون في تلك المواقع يبحثون عن زواج آخر، لكنهم لا يكشفون عن ارتباطهم بزواج سابق إلا في مرحلة متقدمة». ( عكاظ )

زر الذهاب إلى الأعلى