محليات

مسؤول قيادي بالتقني: كليات التميز يديرها مفلسون

img_00

صراحة – متابعات : ليس من رأى كمن سمع.. من هذه القاعدة انطلق المدير السابق للشراكات الاستراتيجية بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور فهد الدهيش، في تقييمه لتجربة المؤسسة في إدارة ملف “كليات التميز”، الذي اعتراه الكثير من القصور بتسليمه لشركات ضعيفة ومفلسة، على حد قوله.
الدهيش، الذي قدم تقاعدا مبكرا من منصبه قبل أسبوعين، خص “الوطن” بتفاصيل قال إنها تثبت عدم تحقيق مشروع “الشراكات الاستراتيجية” الهدف المرجو منه.
وعلى الرغم من أنه كان المسؤول الأول عن هذا الملف، إلا أن ذلك لم يمنعه من تقديم اعترافات هامة قد توضح الكثير من الغموض الذي كان يلف الاتهامات التي طالت المؤسسة من مهتمين من داخلها وخارجها.
ومن الأسباب التي دفعت الدهيش لتقديم تقاعد مبكر، اعتراضه على الطريقة التي تدار بها “كليات التميز”. وعلى الرغم من تأكيده أهمية الشراكات الاستراتيجية، إلا أنه شدد على ضرورة عدم التوسع في عقدها، لكونها تأتي على حساب المدربين السعوديين من منسوبي المؤسسة.
واعتبر القيادي السابق أن مشروع “الشراكات الاستراتيجية” بوضعه الحالي، شكل من أشكال منافسة كليات التدريب التابعة للقطاع الخاص. ورأى أن مبلغ الـ13 مليار ريال الذي خصص لكليات التميز يمكن أن يدرب ويوظف الكثير من الطلبة في المصانع العالمية. وتساءل عن مصير المدربين الحاليين في حال أصبحت جميع مباني المؤسسة تحت هذا البرنامج، وهل هناك خطة لاحتواء ما يقارب 15 ألف موظف ومدرب على رأس العمل الآن من منسوبي المؤسسة؟
تفاصيل أوسع احتوتها هذه المكاشفة، وجاءت على هذا النحو:
ما أسباب تعدد خطط المؤسسة التدريبية وعدم ثباتها لفترة من الزمن حتى يتم تقييمها؟
كما هو معلوم ومبين في جميع أنحاء العالم، فإن المسؤولين عن سياسات التدريب والتعليم التقني والمهني هم من الأشخاص الذين عملوا في القطاعين الخاص والحكومي، فعندما ترى أي دولة ناجحة بالتدريب والتعليم المهني أن القائمين عليها أشخاص جمعوا خبرات هذين القطاعين، فإن هذا المزج يوضح الصورة أكثر ويقرب برامج التدريب من شركات القطاع الخاص.
بصفتكم المدير السابق لها، ما هو تقييمك لبرنامج الشراكات الاستراتيجية وكليات التميز؟
أعتقد أن هذا النهج ليس شراكات استراتيجية، بل هو دخول ومنافسة في القطاع الخاص، حيث إنه يتم التعاقد مع شركات أجنبية لتدشين وتضخيم القطاع الخاص بصورة أو بأخرى. وفي الحقيقة فقد أوضحت للمسؤولين بالمؤسسة طبيعة هذا النهج الذي لن يحقق المرجو من عدة أوجه، وهو أن المتقدمين لتشغيل هذه الكليات سوف يتنافسون على السعر، لأنها فرصة على طبق من ذهب. وفي هذه الحالة يصعب التقييم المنطقي، خصوصا أن أحد المتقدمين لا يملك كلية باسمه في بلاده التي قدم منها، فقط هي شركة تدريب وتدرب من الباطن في بعض الجهات ببلدها الأم، فكيف سيكمل المتدرب السعودي عند تخرجه.
وكنت آمل من المسؤولين في المؤسسة أن يتم توقيع الاتفاقيات مع الدول والحكومات بدلاً من الشركات، ويتم استخدام كثير من المبالغ للتدريب في شركات الدولة الموقعة للتشغيل، حيث إن الأموال التي سوف تصرف في هذه الكليات من الأفضل أن تصرف للمتدربين ليعملوا كموظفين في شركات القطاع الخاص في البلد الأجنبي، لذلك أنا أرى أن الاتفاقيات يجب أن تكون مع الحكومات، على أن تكون السنة الأولى للطالب تدريبية في المملكة تحت أيدي مدربي البلد ومدربي المملكة، ويذهب الطالب في السنة الثانية لمصانع الشركات في بلد الحكومة المتفق معها لمدة سنة.. وهذا التوجه عمل به العديد من الدول، منها على سبيل المثال كوريا، حينما كانت ترسل طلابها ليعملوا خارج بلادهم لسنتين، وبعد اكتسابهم الخبرات يعودون إلى وطنهم، وهذا يطور الجودة، ويكون المتدرب أكثر قرباً من سوق العمل الجدي. وقد تقوم الشركة بافتتاح مصنع لها في المملكة، لذلك فإن هذا كله يحتاج إلى ضمانات، ولا يتحمل هذه الضمانات إلا الدول عندما توقع مع حكومة المملكة، حيث إن الـ13 مليار ريال التي خصصت لهذه الكليات ستدرب وتوظف الكثير من الطلبة في المصانع العالمية. كما يجب أن نسأل عن مصير المدربين الحاليين إذا أصبحت جميع مباني المؤسسة تحت هذا البرنامج، وهل هناك خطة لاحتواء ما يقارب 15 ألف موظف ومدرب على رأس العمل الآن من منسوبي المؤسسة؟
إن هذا التوجه يعطي إيحاء وكأن المؤسسة لن توظف أحداً في المستقبل، ما دامت تسير في هذا التوجه، لذلك أعتقد أنه كان من الأفضل أن تتم تجربة هذا التوجه في كليتين لمدة 5 سنوات، وإذا كانت المخرجات حسب المأمول، تستطيع المؤسسة أن تتوسع في كليات التميز.
إذاً ما هي السياسة والتوجه السليم الذي يمكن أن يتميز وينمو ويؤتي ثماره بالتدريب التقني والمهني؟
أعتقد أنه يجب أن نعود بالمؤسسة إلى المسار الصحيح، وهو المسار العالمي، “لماذا نعيد اختراع العجلة”، العالم أجمع يسير في طريق واحد ومعروف دولياً، وهو أن يكون هناك توافق وتكامل بين الجهات الثلاث، وهي “التعليم العالي والتعليم العام والتدريب التقني والمهني”، ولا يتم هذا التوافق والتكامل إلا بتأسيس الجامعة التقنية في كل منطقة، حيث إنه سوف تكون هناك 13 جامعة تقنية، وتتم الدراسة فيها بعد الأول الثانوي، على أن تحدث وزارة التربية والتعليم تخصصاً ثالثاً لما بعد الأول الثانوي وهو التخصص التقني “وهذا موجود ومطبق في كثير من دول العالم”.
ويكون تشغيل الجامعة في أي منطقة عن طريق مجلس إدارة مكون من ممثلين اثنين من وزارة التعليم العالي، ليكون ضمن أساتذة الجامعة بالمنطقة المعنية، إضافة إلى اثنين من مديري الثانويات المميزة في نفس المنطقة، وعدد مماثل “2” من المؤسسة، و4 ممثلين من القطاع الخاص من نفس المنطقة على أن يتم اختيار رئيس المجلس من بينهم في أول اجتماع.
وكيف يكون نمط الدراسة وخيارات الطالب ومراحل الانتقال ونتائج التحصيل؟
تكون الدراسة الثانوية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم على ثلاثة خيارات للطالب والطالبة بعد نهاية الصف الأول الثانوي، وينتقل بعدها إلى الأقسام الثلاثة وهي القسم العلمي، والقسم الشرعي والقسم التقني “الرسم التوضيحي المرفق يبين مسارات التعليم الثانوي”، والقسم التقني سوف يستوعب على الأقل 50% من طلاب الأول الثانوي حسب المعدل المحدد والمتفق عليه، وكذلك القدرات الجسمانية للعمل التقني والمهني، فيما يدرس الطالب في هذا القسم لمدة 3 سنوات – سنة أولى تحضيرية للغة الإنجليزية وكذلك المهارات في الحاسب الآلي، ثم سنتي تخصص – ويحصل على الدبلوم في التخصص. والذي يحصل على نسبة أعلى من 85% يحق له أن يكمل سنة أخرى، ويحصل على الدبلوم العالي، والذي يحصل على نسبة 90% في الدبلوم العالي يحق له أن يكمل في الجامعة ويحصل على البكالوريوس في التخصص بعد التنسيق مع وزارة التعليم العالي والجامعات المحددة، حيث إن جميع المواد التي تدرس في الدبلوم والدبلوم العالي معتمدة من وزارة التعليم العالي. والرسم المرفق يوضح مسارات التعليم والتدريب.
أعتقد أننا بهذا النهج المتبع في معظم دول العالم المتقدم سيكون التعليم التقني والتدريب المهني لدينا ضمن المنظومة التعليمية للوطن، ومترابطا مع جميع الجهات لتحقيق الأهداف الأساسية للتربية والتعليم والتدريب. ( الوطن )

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى