المقالات

التوصيل الخطر

لايكاد يخلو منزل في الزمن الحالي إلا وله نصيب من أكل المطاعم، لدرجة أن بعض مطابخ البيوت أصبحت فقط لما خف عمله من الأطعمة وبعضها أصبح مجرد مساحة يحتلها من المنزل وتأخذ شكل المطبخ، وهذا الأمر أوجد سوقا رابحا ومضمونا لمن أراد الدخول والاستثمار فيه.

 

ومن البديهي مع كثرة زبائن المطاعم أن يتم تقديم خدمة التوصيل لضمان استمرارية هؤلاء مع هذا المطعم أو ذاك ، ونظرا لارتفاع سعر البنزين وشدة الزحام في شوارع بعض المدن الكبرى والحرص على سرعة وصول الطعام طازجا وساخنا اضطرت معظم المطاعم والتطبيقات الخاصة بالتوصيل إلى التقليل من الاعتماد على السيارات والاستعاضة عنها بالدراجات النارية ، وذلك لرخص سعرها وقلة استهلاكها للبنزين وقدرتها على تجاوز الزحام والوصول بوقت أسرع من السيارة ، وهذا الأمر أوجد حلا جيدا للمتذمرين من تأخر وصول طلباتهم من المطاعم ، إلا أنه مقابل ذلك قد أوجد – وفي زمن قصير – مشاكل لم تكن بالحسبان ، فمعظم من يقوم بالتوصيل هم من العمالة الأجنبية – وهذا ليس حسدا فالأرزاق مقسمة – إلا أنهم قد استحوذوا على سوق كان شبابنا هم الأولى والمستهدفون فيه ، ولم تكن هذه المشكلة الوحيدة بل انسحبت معها مشكلة أخرى هي كثرة الدراجات النارية التي أصبحت في تزايد مقلق من ناحية سرعتها المخيفة وعدم توفر وسائل السلامة في غالبيتها ومزاحمتها للسيارات ، فلا يكاد أحدنا يقف بسيارته عند الإشارة أو يمشي على الشوارع الرئيسية إلا ويجد عن يمينه أو شماله عددا من تلك الدراجات النارية ، إلى درجة أننا أصبحنا نخاف من مرورها بجانبنا أو تجاوزها أمامنا لنقوم بإفساح المجال لها خوفا من الاحتكاك بها ومن ثم وقوع الضرر بها ، ويضاف إلى ما سبق التشوه البصري الذي تحدثه تلك الدراجات من خلال تجمعها وأصحابها أمام المطاعم في صورة يخيل إلى الرائي لها أنه هناك تجمهرا حول حادث أو غيره ، ليتفاجأ بعد الاقتراب أنهم مندوبو تطبيقات التوصيل .

 

لسنا هنا في تعداد مشاكل الكل يعلمها ويراها كل يوم أمامه في غدوته وجيئته، ولكن نتمنى أن نرى من الجهات المنظمة لتلك التطبيقات أن تعيد النظر في التراخيص الممنوحة لهم وفق اشتراطات معينة والتي قد يكون من بينها إلزام كل تطبيق بوجود مندوب واحد له أمام كل مطعم وأن يكون على مسافة كافية من المدخل المخصص للزبائن، وأن يكون نطاق التوصيل في داخل الأحياء فقط، إضافة إلى تشديد المرور عليهم بالالتزام بالجانب الأيمن من الطريق وعدم تجاوز السرعة المحددة حفاظا على سلامتهم وسلامة سائقي السيارات.

 

خاتمة الكتابة:

أطلنا الحديث في هذا الأمر ولكنه تخوف مما قد يكون أدهى وأمر.

 

بقلم / خالد النويس

23 ديسمبر 2023 م 

للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا ) 

 

زر الذهاب إلى الأعلى