المقالات

الدرباشة

القطيع مصطلح يطلق على مجموعة من الحيوانات من ذات النوع والفصيلة والسلوك وهو مصطلح يطلق على تصرفات الكائنات الحية التي تشكل قطيع، وكان أول من أطلق هذا المصطلح هو عالم الأحياء “هاملتون” كما أنه صاغها بطريقة فلسفية على الجماعات من البشر الذين يتخذون التصرفات والأحكام والقرارات والأفعال بدون تحليل ولا تفكير ولا تخطيط ولا إدراج وضوح المنفعة او المضرة او تمييز المزايا عن العيوب. من الجماعات ما كان حزب اجتماعي، عقائدي، سياسي، علمي كأحزاب النظريات الفلسفية، قد تكون بعض الأحزاب تفكر وتحلل نوع المعلومات والثقافة التي وصلت لها وبعض الأحزاب تتوارث المعلومات والثقافة التي وصلت لها، وهذا ما نلاحظ الفروقات به بين الحزب الاجتماعي العقائدي وبين الحزب العلمي الفلسفي، الأول مورث والثاني مفكر ومن المؤسف أن الثاني أيضاَ قد يتخلله توارث الفلسفة برغم التفكير، لماذا يتخلل الفكر الفلسفي التوارث الفلسفي برغم الفكر؟! لأن العوامل النفسية الجماعية وضجيجها الغوغائي والجو العام الذي تهيمن علية الحماسة تجعل من اللامنطقي واللامعقول ذو قرار ومكان للاحترام!!، مُبهرة قوة الحماسة الجماعية. العوامل النفسية الجماعية ترفع من معدلات هرمون الأدرينالين الذي يتم إفرازه من الغدة الكظرية وبسبب ارتفاع معدلات الأثارة الجماعية هذا يؤدي إلى إستجابة الجسم لهرمون الأدرينالين وتقليل عدم الشعور بالألم كما في طقوس “الدرباشة” وهي أحد الكرامات الصوفية التي يؤمنون بوجودها ويتميزون بها المُريدون منهم. المجاذيب من المُريدين هم الأشخاص الذين اصطفاهم الله و المجذوبة عقولهم إلى الله من هول ما أراهم الله من الإيمان والقدرات الإلهية، المُريد هو المجنون ولكن يختلف عن المجنون المريض عقلياً بأن المُريد فقد عقله من هول ما رأى من قدرات إلهية كالأنبياء ولكنه لم يستطيع تحمل ما رأى وأصبح مجنون أشعث وأغبر ورث الهيئة ولكن من الصالحين الذين يتفوهون بالحكمة والموعظة الحسنة، يدّعُون الصوفية بأن لا يمنع القدرات البشرية على كشف الغيبيات والتنبؤات كما يحدث مع المُريدين، يوضح ابن سينا ​​هذا الاتجاه الصوفي في تفسير الوحي واختزال الرؤى بقوله: “هناك أحداث منقوشة في لوح محفوظ في العالم العلوي، وبعض الناس قادرون على التواصل بها من خلال مخيلاتهم القوية وهذا يحدث لهم أثناء نومهم وإذا افرطت فيه مخيلتهم وقدراتهم استطاعوا الاتصال بها في يقظتهم وهذا ما تراه الصوفية أنهم الواصلين من الأولياء”، كما أن هؤلاء المُريدين لهم كرامات ومنها كرامات الدرباشة وهي تشمل على العديد من الفعاليات أشهرها: إدخال أدوات حادة كالأسياخ والسيوف بمناطق مختلفة من الجسم كالخدين واللسان والبطن وغرز خناجر في جوانب مختلفة من الجمجمة ومضغ وابتلاع أمواس الحلاقة وقطع الزجاج المكسور بدون أن يتأذون بأي شي بل لديهم قدرة على الشفاء من الجروح بشكل فائق، والسؤال الوارد هنا هل هي حقيقة عدم أذيتهم بشي من الإيذاء الجسدي بالجروح؟ في حقيقة الأمر نعم هم يتأذون بشدة وينتقون الأماكن التي يتم الطعن فيها بحيث لا تكون ذات مكان للمقتل او مكان يسبب نزيف ولا يتم اختيار مكان ذو شريان ليمنع التسبب في الموت والنزيف وهي تقوم على مبدئين الأول: هو إنتقاء المناطق والثاني: هو العوامل النفسية الجماعية التي تسبب ارتفاع في معدل الحماسة مما يرفع معدل هرمون الأدرينالين ويخفف بشكل واضح من الشعور بالألم، إذاً ماذا عن الشفاء من الجروح بشكل فائق؟ كل شخص يتشافى في مخبئة الخاص فضلاً عن الندوب، إذاً لا شيء خارق في الأمر ولكنها العوامل النفسية الجماعية والخرافات. ولكن لا عجب في طبيعة الحال إذا اختفى العلم سادت الخرافة والجهل وإذا اختفى التفكير ساد التطبع الجماعي بلا تخطيط وتحليل يُذكر.

 

 

الكاتبة / عهود الغامدي

زر الذهاب إلى الأعلى