المقالات

الثورة الصناعية الرابعة

 

ظهر مصطلح الثورة الصناعية الرابعة لأول مرة في عام 2011 من قِبل ألمانيا وذكرت (الصناعة في طورها الرابع) ولكن هذه الثورة التي نشهدها حالياً قد ابتدأ عصرها بشكل فعلي قبل عام 2011 وَاسْتخْدمت على نطاق دولي عام 2016، في هذه الثورة انطلقت العديد من الصناعات التقنية كالتصنيع التجميعي ثلاثي الأبعاد الذي يحاكي الواقع، وتأسيس تكنولوجيا الواقع المعزز حيث يعتمد على المزج بين المعلومات الرقمية والمعلومات المستقاة من البيئة المحيطة كما عززت الثورة الرابعة من تصاعد ملحوظ في تقنية إنترنت الأشياء، والمقصود بالأشياء هي الأدوات المستخدمة وشبكات الإنترنت كالجيل الرابع من ربط جميع الأجهزة والمحتويات التقنية ببعضها عن بُعد أو مباشرة لإرسال واستقبال البيانات ومن أبرز تطورات الثورة مقرات العمل الافتراضية حيث انخفض معدل التكاليف وازدادت معدلات الإيرادات وتقلص عدد حضور الموظفين للأعمال وأُستبدل بنظام العمل عن بُعد وكما أشارت دراسة بجامعة هارفارد لطالبتين في مرحلة الدكتوراه “ناتاليا إيمانويل، وإيما هارينتو” بعد بحث مطول عن تصاعد مستمر بمعدل الإنتاجية للشركات بعد نظام العمل عن بُعد، حيث كان بمعدل 5 % من الأمريكيين يعملون عن بُعد وفي عام 2020 ارتفعت نسبة العمل عن بُعد إلى 62 % ولوحظ ارتفاع الإنتاجية بينما انخفضت الإنتاجية بعد هبوط معدل العمل عن بُعد إلى 40 % خلال شهر أكتوبر لعام 2021، ومن أبرز تطورات الثورة الرابعة الموظف الرقمي وهو عضو آلي بين أعضاء الفريق مُبرمج لعمل مهام معينة كان يعملها فرداً بشري وكما حققت الثورة محاكاة الواقع الافتراضي وتطبيق العالم المادي بطريقة غير ملموسة باحترافية عالية، كما أعادت الثورة الصناعية الرابعة أساليب وطرق التعليم وكان ومازال لها الأثر الأعظم في وصول رسالة العلم إلى المجتمع بلا انقطاع بل كانت خطوة تطورية فريدة من نوعها تُذكر بتاريخ التقنية وبشكل الأخص فكرة استمرار العلم في خضم الكوارث والأزمات سواء الكوارث الطبيعية أو البيولوجية أو الحربية. وللمملكة العربية السعودية وافر الحظ في هذه الثورة حيث عززت من تنوع النطاق الرقمي ومهاراته وتم استخدامه في دائرة اجتماعية واسعة ولا يقتصر التطور الرقمي بالمملكة على بناء المدن الرقمية وبناء الأعمال النظيفة واستعادة النظام البيئي بل تجاوزت هذه المرحلة إلى الوصول للفائدة الفردية لجميع الفئات العمرية على حَدّ سواء والمُبهر ارتفاع نسبة التوعية باستخدام التقنيات الرقمية وسهولة الوصول للمعلومات الشخصية والتعاملات الحياتية والمالية منها أيضا، كما دشنت المملكة العربية السعودية تنظيم أعمال تناقش أثر التقنيات الناشئة وتعزيزها وتطويرها والبحث في أمرها، كذلك أسست المملكة العربية السعودية مركز الثورة الصناعية الرابعة بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي للمضي قدماً في عالم التقنية الرقمي وقال وزير الاتصالات وتقنيات المعلومات في كلمته الافتتاحية في يوم 29 يوليو لعام 2021، إن “هذا المنتدى هو فرصة للدمج بين المواهب والتقنية لتقديم التنظيمات المحفزة على الابتكار”، علاوة على ذلك تحتل المملكة العربية السعودية تقنياً المرتبة 33 بين 139 دولة حيث كان تقدمها إلى هذه المرتبة خلال 12 شهر بالصعود مرتبتين، واحتلت المملكة المركز لـ 15 من ناحية اشتراكات النطاق العريض في الإنترنت للحاسوب المحمول لكل 100 شخص، وما نراه اليوم من سهولة التعاملات الرقمية لإنجاز الكثير من المهام الشخصية أو العملية في خفض معدل الجهد والوقت والمصروفات والتخلي عن التعاملات الورقية واستبدالها بسيرفرات رقمية ساعدت المجتمع كثيراً للوصول إلى مستوى عالي من فهم الأنظمة وارتفاع التوعية من خلال سهولة وصول المعلومة والمعرفة. وأضيف على ذلك ما ورد من أوساط المركز الديمقراطي العربي المُقام في برلين- ألمانيا خلال المؤتمر الدولي العلمي بعنوان حوسبة العلوم الاجتماعية في البيئة الرقمية في يوم 19 سبتمبر لعام 2021 تواتراً مع الثورة الصناعية الرابعة التي أثرت على علم الاجتماع الحاسوبي الذي يتسع مجاله بالعديد من التخصصات التي تهتم بنظريات السلوك البشري من خلال تطبيق تقنيات الحاسوب على البيانات المستمدة من مواقع الوسائط الاجتماعية والإنترنت بشكل عام حيث ظهر مصطلح“ العلوم الاجتماعية الحاسوبية ”في الربع الأخير من القرن العشرين ضمن تخصصات العلوم الاجتماعية فضلاً عن تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ويقابل هذا التواتر التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية الذي شمل تحول رقمي كبير على جميع القطاعات والتخصصات سواء على نطاق فردي أو نطاق اجتماعي وعملت المملكة على وضع الخطة الخمسية الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي ضمن ثلاث خطط عمل (خطة العمل الأولى 2006-2010، خطة العمل الثانية 2012-2016، خطة العمل الثالثة 2020-2024) وللمملكة العربية السعودية مساحة تقنية واسعة في الثورة الصناعية الرابعة وسيثري على السنوات القادمة وفرة المخرجات الرقمية لتحقيق العديد من الرؤى ولن تقتصر على رؤية 2030.

 

 

بقلم / عهود الغامدي

زر الذهاب إلى الأعلى