المقالات

الخير في الشر

بعد حوالي سبع سنوات من العلاقات الثنائية والمتميزة جاء السقوط المدوي والمفاجئ الذي حل بجهازي الجوال ليعلن معه نهاية علاقة يندر مثيلها في هذا الزمن ، ورغم إدخاله للعناية المركزة ومحاولات الإنعاش الإلكتروني على مدى خمسة أيام إلا أنه لم يحتمل قوة السقوط على رأسه ففارق الخدمة للأبد حاملا معه في جوفه كل الأسماء والبيانات والملفات ، وكأنه يعاقبني على عدم إعطائه إجازة قصيرة خلال سنوات خدمته لي .

ووفاء وتقديرا لهذا الجوال أعلنت الحداد وأظهرت الحزن وعزمت على عدم إحلال جهاز آخر مكانه حتى يجف دمعي عليه وتسلى روحي عنه ( لا وفاء ولاهم يحزنون بس لأن ما عندي فلوس أشتري جديد ) .

ومع اللحظات الأولى لفراق جوالي شعرت أنني لن أستطيع التأقلم والصبر بلا جهاز وأن الدنيا ستتوقف والمصالح ستتعطل والناس ستفتقد ، إلا أنني اكتشفت عدم صحة ذلك إطلاقا وخاصة في اليوم الثاني بل العكس تماما ، فقد تحسن النوم وارتاح النظر وقل التفكير وهدأت الحركة وازداد النشاط ، لأسأل نفسي سؤالا : أين أنا من هذه الراحة سابقا ؟

نعم نحتاج للتقنية والتواصل فهي من الضروريات في هذا العصر التي لايمكن الاستغناء عنها مهما حاولنا ، إلا أنه بإمكاننا أن نسرق يوما على الأقل في كل شهر لنبتعد عن التقنية ونرى كيف سيكون تأثير ذلك علينا وعلى راحتنا ، ولعل فترة الإجازة هي الأنسب لتجربة ذلك .

الخاتمة :
الموت يأتي بالحياة رغم قسوته

 

 

بقلم / خالد النويس

زر الذهاب إلى الأعلى