المقالات

الوجه الاخر للذكاء الاصطناعي

سناب صحيفة صراحة الالكترونية

جميعنا يعلم بأن العقل البشري يتم التحكم به ويتم تحريكه بواسطة الإبداع والذكاء، وأن النفس البشرية يتم تقييمها بما تحوي من شغف وحب. فالجسد والنفس البشريون يحملون العديد من الأسرار والتعقيدات التي وضعها الله تعالى، وهذا يعكس مدى الحكمة والإبداع الذي يكمن في خلقه. فكل ما قدمه الإنسان من اكتشافات واختراعات وتطورات يعكس ذكاءه وإبداعه فالمنتج بجودته يعكس جودة مصنعه في النهاية، ولا يخفى على أحد التقدم المدهش الذي وصلت إليه الحضارة البشرية، ولكننا هنا ليس لتعداد إنجازاتنا وتقنياتنا وحداثتنا التي وصلنا إليها. ولكننا نتحدث هنا عن انجازٍ خاص هو “الذكاء الاصطناعي أو الـ AI.

فعلى مر الزمن، كان الذكاء الاصطناعي يقتصر وجوده فقط على الخيال العلمي، فأحياناً ما يُسلط الضوء على الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي على البشرية والجوانب الإنسانية المشرقة له، وأحياناً أخرى يسلط الضوء على الجوانب السلبية المتوقعة منه.

لكن في السنوات الأخيرة، نجح البشر في تطوير أدواتهم وأجهزتهم التكنولوجية والبرمجية بشكل كبير. وقد خرج الذكاء الاصطناعي من حيز مختبرات البحوث ومن صفحات روايات الخيال العلمي، حتى أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ابتداء من مساعدتنا في التنقل في المدن وتجنب زحمة المرور، وصولاً إلى استخدام مساعدين افتراضيين لمساعدتنا في أداء المهام المختلفة، واليوم أصبح استخدامنا للذكاء الاصطناعي متأصل من أجل الصالح العام للمجتمع، وأصبحت البرمجة هي المجال الأساسي للعمل والبحث والإبداع على المستوى العالمي. ومع ذلك، جاءت لنا هذه البرمجة بصنيع غريب قد يحير العقول. وعلى الرغم التطور التقني الذي وصلنا إليه اليوم، إلا أننا يجب أن نفكر بتأني وحذر في فكرة وأدوات الذكاء الاصطناعي. ففي بعض الأحيان قد نشعر بالخوف والتحسب مما يمكن أن يكون قادراً عليه في المستقبل القريب. ونحن جميعاً على دراية بماهية الذكاء الاصطناعي، إنه ببساطة روبوت يتم برمجته من قبل البشر لأداء مهام محددة. ولكن في رأيي المتواضع، هذا التعريف ينطبق فقط على الروبوتات. أما الذكاء الاصطناعي فهو الروبوت القادر على التعلم ذاتياً، ونعم إنها آلة قادرة على التعلم واكتساب الخبرات بنفسها وتطوير نفسها ذاتيا وصحيح أن البشر هم من أنشأوها وبرمجوها وصنعوا البرنامج الذي يشغلها ويعلمها كيف تفعل ذلك ويكسبها المعلومات. ولكن ما يجب الانتباه وتوجيه الأنظار إليه هو إننا الآن أمامنا آلة تتعلم وتتطور من تلقاء نفسها!

ولذلك دعونا لنفكر في ذلك الأمر بشكل أكبر… فلدينا آلة تتعلم وتكتسب خبراتها من البشر أنفسهم من خلال التفاعل معهم في مختلف مجالات الحياة والعلم والأدب. فماذا ستتعلم هذه الآلة؟ وهل هناك حدود لكمية المعلومات التي ستمتلكها مع مرور الوقت؟ لنفترض أن البيانات والمعلومات التي ستحصل عليها هذه الآلة صحيحة ومفيدة للبشرية، فهل هناك من يراقب أو يحاسب أداء هذا الروبوت؟ خصوصاً إذا تم ربطه بشبكات المال والأعمال ووسائل التواصل الاجتماعي العالمية، ومن يضمن أن هذا الروبوت عندما يتطور وينمو لن ينتج أخطاء تؤدي إلى كوارث على مستوى العالم؟ وبالطبع، هذه الأفكار السوداء والتشاؤمية نابعة من توقع أن الذكاء الاصطناعي سيتطور ويدخل في مجالات أعمق وأضخم من مجرد برمجيات بسيطة أو روبوتات منفردة.

ومن الظاهر أن ذلك ليس مجرد خيال، خاصة مع التطور السريع والكبير الذي يحققه مهندسو الذكاء الاصطناعي والتحديثات المستمرة التي يضيفونها حيث إنه روبوت يتعلم من البشر ليصحح أخطائه ويستخدم البيانات التي يحصل عليها من تجاربه مع المستخدمين… لذا، أعتقد أنه يجب علينا أن نفكر في المستقبل الخطير الذي ينتظرنا وأن نتوقع كل ما هو غريب وغير منطقي في هذه الثورة التكنولوجية والمعلوماتية الكبيرة التي نعيشها. كما أن لكل شيء مضارة وفوائده. فالتكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تكون لها مضارها وكوارثها إذا حدثت، وهي أخطر بكثير من فوائدها المتوقعة.

 

الكاتب / طارق محمود نواب

26  سبتمبر 2023 م

للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )

زر الذهاب إلى الأعلى