المقالات

جرائم عابرة للقارات

إن موجة التحول إلى العالم الافتراضي طالت كل مناحي الحياة، حيث استغل الكثير من حولنا وسائل التواصل الاجتماعي وتلك الثورة التكنولوجيا استغلالاً خاطئ حتى انتقلت العديد من الجرائم من عالمنا الواقعي عالم الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كافة والتي كان غرضها من الأساس هو تسهيل طرق التواصل ليس إلا، ومن ضمن تلك الجرائم ظاهرة التسول الإلكتروني الذي تسلل وبدأ في الانتشار ثم تفاقم بصورة ملحوظة جداً عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

وعلى الرغم من أن ظاهرة التسول كانت تقتصر فقط على طرق المتسولون لأبواب البيوت أو الانتشار أمام المساجد وفي الشوارع خصوصا السكنية منها، إلا أن المتسولون أصبحوا ينتشرون أيضاً عبر مواقع التواصل، لكن ما هو غريب في ذلك وما يلفت الانتباه أكثر ويثير الريبة والتساؤل أن وصل الحال من بعضهم أن يقومون بإرسال رسائل عبر المنصات المختلفة لطلب التبرع مستغلين في ذلك الأحوال الاجتماعية أو الشخصية لغيرهم وما زاد على ذلك أنهم يرفقون هذه الرسائل بمستندات طبية وأوراق مزورة لزيادة إقناع المتبرع ولاختراق مشاعره. فيقوم البعض منهم بإرسال روابط لتسهيل عملية دفع المبالغ لهم ومن ثم يسطون على الحسابات البنكية ويستغلون ذلك أبشع استغلال فيقومون بسحب كامل الرصيد من الحساب وهناك الكثير من القضايا المنتشرة بسبب ذلك.

فالمتسول عادة يبحث بحثاً مستمراً عن وسائل جديدة ومختلفة لاستجداء عطف الناس مستغلاً الاجواء المحيطة ومستغلا في ذلك حماسة البعض ورغبتهم في عمل الخير. فيمكننا القول بأنها أشبه بالمنظمة ذات الأدوار المرتبة ترتيباً دقيق جداً مما يزيد من فرصتهم في الحصول على ذلك المبتغى.

وزد على ذلك أيضاً حرصهم التام واجتهادهم في الحفاظ على سرية معلوماتهم الشخصية وحرصهم التام أيضاً على عدم الإفصاح عن تلك المعلومات والتهرب من أي سؤال موجهة إليهم بخصوص ذلك.

ولعل ما يميز ظاهرة التسول الافتراضي إنها مريحة جدا للمتسولين، فهي أنسب طريقة يتخفى من خلالها المتسول سواء كان ذلك عبر حساب وهمي أو تحت اسم نشاط معين كالبث المباشر حيث يرفع عنه هذا التخفي اي حرج اجتماعي قد يشعر به في حال تسوله على أرض الواقع، كما أن التخفي قد يجعله نوعاً ما بعيدا عن الملاحقة القانونية نظراً لمحاولته إخفاء هويته، إلا إذا اشتكى أحد المستخدمين عند تلقى هذه الرسائل.

والأدهى من ذلك والميزة الأهم فعلاً هي أن التسول الالكتروني عابر للحدود والقارات، فمثلاً قد يقوم العديد من قاطني دول مختلفة بإرسال رسائل التسول تلك لمستخدمين في دول مختلفة تماماً وبعيدة كل البعد، إضافة إلى ميزة اخرى وهي قدرة المتسول على شرح حالته وكتابة كل ما يريد من العبارات ليصيب مشاعر متلقي الرسالة.

فالتسوّل الإلكتروني ما هو إلا عملية استغلال للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من قبل أفراد أو جماعات كثيرة وبطرق مختلفة سواء كان عن طريق ادعاء وجود مشكلة مالية عاجلة أو أنهم في حاجة ماسة إلى المساعدة المالية.

وبالطبع على مر السنين الماضية لم يغفل النظام بما يطرأ من تطور لأنماط الجريمة بشكل مستمر بحيث عمل النظام على حظر التسول بكل صوره وأشكاله، ومهما كانت أسبابه ومبرراته لذلك. حيث تم اتخاذ عدة من التدابير الأمنية اللازمة والقوانين الصارمة والعقاب الرادع لمثل هذه الجرائم والتي قد يصل فيها العقوبة إلى السجن مدة تصل إلى سنة وبغرامة مالية كبيرة، واخيرا يجب على مستخدم الشبكة العنكبوتية توخي الحذر الكبير وان يكون

فطناً مستيقظاً حتى لا يتعرض للنصب والاحتيال

من قبل عصابات التسول الإلكتروني والتي يمكن ان نصفهم بالمافيا الالكترونية.

 

الكاتب / طارق محمود نواب

04  نوفمبر 2023 م

للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا ) 

 

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى