المقالات

جنة الأطفال منازلهم

مازالت الذاكرة لدينا تحمل بين جدرانها صورا باقية من الطفولة البريئة التي عشناها بحلوها ومرها وسهولتها وصعوبتها، وكلما قفزت صورة من تلك الصور إلى الذهن ابتسمنا ابتسامة ممزوجة بالحنين إلى زمن غادرنا ولم نستطع إعادته، رغم المحاولات التي تقدمها بعض الجهات لاستعادة بريق الماضي وتعريف أجيال الحاضر به.

 

وقد نفض الزميل د.خالد العييدي الغبار عن الذاكرة عندما ذكر في مقاله الأخير بعضا من الأمور التي افتقدناها في الحاضر وأثرت على نفوس الصغار بطريقة غير مباشرة ، بل وصل تأثيرها السلبي إلى الكبار ، ففي طفولتنا كنا ننتظر مناسبات الأفراح وكأنها عيد من الأعياد لما تمثله لنا من فرصة نادرة بالالتقاء والاجتماع واللعب والفرح مع أقراننا من المنطقة وخارجها والرقص على فن العرضة والسامري والخبيتي والخطوة وبقية الفنون كل حسب منطقته ، وحين تأتي وجبة العشاء نتسابق مع الكبار في تجهيز الموائد ونتغافلهم لنأخذ علبة أو علبتين من المشروبات الغازية و(نزبنها) في جيوبنا أو في مكان سري لنشربها لاحقا في آخر الليل ، حيث أن الفنون تستكمل بعد الانتهاء من العشاء وتستمر إلى قبيل الفجر ، نطرب من خلالها برؤية الكبار وهم يتمايلون فرحا على تلك الفنون الطربية ، وبعد أن يتوقفون لأخذ قسط من الراحة نأخذ بعضنا – نحن الصغار – ونحاول الدخول أحيانا إلى قاعة النساء مستغلين دخول العريس مع أبيه وإخوة العروس لنقوم بالرقص و(الإستهبال) في حركات لم يكن عنوانها إلا البراءة والفرح واللعب والاستمتاع الطفولي بكل لحظة من لحظات تلك الليالي نادرة الحدوث .

 

ولتعذرني أيها القارئ الكريم فأنا أعلم أني أطلت في سرد جزء بسيط من ذكريات طفولتنا ، تلك الطفولة التي حرم منها أبناء هذا الجيل بسبب عبارة ( جنة الأطفال منازلهم ) وما شابهها من عبارات أثرت عليهم سلبا في عدم احتكاكهم بالكبار وجهلهم بصلة القرابة بينهم وبين أقرانهم من العائلة الواحدة وعدم معرفة العادات والتقاليد التي من المفترض أن ينشئوا ويتربوا عليها ويكتسبوها من خلال حضورهم لمثل هذه المناسبات العائلية ، لا أن يكونوا حبيسي المنازل تحت عذر واه أنهم مصدر إزعاج بحركتهم المستمرة أو تخريبهم لممتلكات المكان .

 

الخاتمة:

أطفالنا حاليا بحاجة إلى الأفراح أكثر من حاجتنا سابقا.

 

بقلم / خالد النويس

04 يناير 2024 م 

للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا ) 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى