المقالات

حراج البودكاست

في هذه الأيام ومع التطور التقني المتسارع الذي يعيشه العالم، ظهر ما يسمى البودكاست وهي ملفات صوتية يمكن للشخص الاستماع لها بأي وقت وفي أي مكان، وكأنها إذاعة تحت الطلب كما يحلو للأغلبية أن يسميها، وقد لاقت رواجاً بالعالم الجمع وبالوطن العربي لأننا شعوب لا تقرأ، فوجدنا ضالتنا في البودكاست لنستمع له بالسيارة وفي أي مكان وفي أي وقت نريد، ولكن المعضلة التي توجهنا هي ماذا نسمع؟ وماذا نستفيد؟ وهل ما يذكر في البودكاست الفلاني او العلاني صحيح ويلامس الواقع أم أنه مجرد (هبد بودكاستي) لجذب المتابعين وزيادة المشاهدات دون مراعاة للعواقب التي قد تتحتم على ما يقدم من محتوى؟

المعضلة أكبر مما نتخيل أو نتصور، فقد قمت بعمل مسح كبير لبودكاستات متعددة من داخل وخارج المملكة وهنا أتحدث عن دول الخليج فقط لأنه مثل هذه الملفات تلاقي رواجاً كبيراً جداً، فقد وجدت أن الأغلبية منها بلا هدف أو مضمون حقيقي، والقائمين عليها ليسوا متخصصين بالمواضيع التي يتحدثون عنها، وأن وجد متخصصين فهم يبحثون عن الإثارة والضجة حول ما يطرحونه في برامجهم الصوتية وكأنك تستمع إلى (صحيفة صفراء) متخصصة بالإشاعات والكذب والمبالغة، دون أدنى مسئولية منهم، لكن هذا لا يجعلني أعمم على الكل بل هناك برامج متميزة تقدم محتوى مفيد لمستمعيها ولكنها محدودة و تكاد تعد على أصابع اليد.

الجزء الآخر الذي لا يقل أهمية، ولكنه متعلق بالمهنية لمقدم البودكاست تتمثل في عدم تحضير المقدم أو المحاور للموضوع جيداً، وهذا يكون جلياً في طريقة حواره وحديثه مع الضيف، بل لا تصاب بالذهول إذا سمعته يسأل الضيف عن شيء ذكره الضيف خلال اللقاء، وهذا يعني أنه ليس موجود ذهنياً خلال إجراء الحوار فالمذيع أو المقدم الناجح يجب أن يكون مطلعاً أطلاع كامل على ماذا سوف يقول الضيف وعن ماذا سوف يتحدث لكي يجاريه فيما يقول ويدير البودكاست بشكل ناجح.

أن ما يحدث في بعض المنصات الرقمية التي تقدم البودكاست فضيحة مدوية يا للأسف، فهي لا تراعي الناس ومشاكلهم وقد تزيد الطين بلة في أغلب الأحيان خصوصا المتخصص منها، لذلك يجب أن يكون هناك تنظيم لهذه المنصات ورقابة حقيقية من قبل الجهات المختصة لكبح جماح بعض المتحمسين من الباحثين عن الشهرة رغم المشاكل التي يصنعونها، لأنه الرقابة الذاتية أثبتت فشلها الذريع، لأنه ما يحدث الآن يشبه (حراج) ولكنه خاص بالبودكاست.

 

الكاتب / ابجاد النافل

30  أكتوبر 2023 م 

للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )   

 

 

سناب صحيفة صراحة الالكترونية
زر الذهاب إلى الأعلى