المقالات

حفلات آخر زمن

أيام قليلة وتظهر نتائج الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة لتعلن الفرحة بالنجاح بعد فصل دراسي حافل بالاجتهاد والتحصيل العلمي، ومع اقتراب إعلان الفرحة تزداد نبضات كثير من أولياء أمور الطلاب هما وتفكيرا فيما سيتبع ذلك النجاح من تقديم هدايا وإقامة ما يعرف بـ (حفلات التخرج) التي أصبحت عادة مجتمعية ما أنزل الله بها من سلطان وعرفا يثقل كاهلهم زيادة على الالتزامات الحياتية الأخرى.

 

إن هدايا النجاح وحفلات التخرج من الأمور النفسية المشجعة لبذل المزيد والمحفزة للآخرين كل في مجاله ، ومع مرور الوقت تحول التشجيع والتحفيز إلى ظاهرة سيئة جرت معها المبالغة والتفاخر والتبذير والتقليد الأعمى وإلزام الأهل أمرا فوق طاقتهم ، خاصة أولئك الذين يعانون من قلة ذات اليد فيكلفون أنفسهم مالا يطيقونه بحثا عن الظهور بمظهر المقتدر أمام الآخرين أولا وأمام رغبة أبنائهم ثانيا ، فلا تكاد الفرحة تنتهي إلا وتبدأ بعدها المحاسبة الذاتية على أمر كان بالإمكان الابتعاد عنه أو التقليل منه ، ولكن الأوان قد فات والحسرة قد وقعت .

 

ليست حفلات التخرج وحدها من يجري عليها الحديث بل تنسحب معها في ذات السياق حفلات أخرى يحير معها العقل السوي، فلم نكن نسمع بحفلات أول الحمل ولا حفلات تحديد جنس المولود أو حفلات بلوغ الطفل السنة الأولى ولا حتى حفلات بداية نطق الحروف، بل إن الأغرب من ذلك أن أبغض الحلال صارت تقام له الحفلات الفاخرة بشكل علني ومقزز، فهل انتكست لدى البعض الفطرة السوية وأصبحت المظاهر وحب التقليد والتفاخر هي السمة الأبرز في عقلياتهم؟ وفي المقابل فإن الملاحظ أن أساليب التوعية والنصح من أهل الاختصاص لم تؤت ثمارها في اجتثاث تلك الظاهرة ولا حتى التخفيف من انتشارها بين أفراد الطبقة المتوسطة المتأثرين بمن أنعم الله عليهم وأثروا في غيرهم عبر التصوير والنشر في وسائل التواصل الاجتماعي، فهل تستفيق بعض العقول من مظاهر خادعة لا تجر عليها إلا الخسارة والحسرة؟

 

خاتمة الكتابة:

العقل السوي يؤيد الاحتفال ولكنه يرفض المبالغة فيه .

 

بقلم / خالد النويس

04  نوفمبر 2023 م 

للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )     

 

زر الذهاب إلى الأعلى