السعودية العظمى.. وطن يصنع المجد

الوطن ليس كلمة تكتب في خطاب، ولا راية تُرفع في ساحة، ولا حتى نشيدًا يردد على المنابر. فالوطن شعور… والشعور لا يصاغ بالحروف، بل يترجم في نبض القلب حين يخفق، وفي العيون حين تلمع، وفي الخطوات حين تسير على أرض تعرف أنها أرضها.
فاليوم الوطني لوطني الحبيب ليس مجرد ذكرى في دفتر، بل هو مناسبة تذكرنا أن هذا الكيان العظيم لم يُبنَ في ليلة، ولم ينبت كزرع سريع، بل شيد بعرق وصبر، وبإرادة لم تعرف التراجع. فهو يوم يعيد إلينا الحقيقة التي نغفلها وسط زحام الأيام، ويؤكد علينا أن ما نملكه اليوم لم يكن ممكنًا لولا رجال حملوا راية التوحيد، وآمنوا أن الأرض لا تصير وطنًا إلا إذا جمع القلوب قبل أن يجمع المساحات.
وليس الاحتفال إذن بالعلم الذي يرفرف وحده، بل بما يمثله ذلك العلم من ثبات، وكرامة، وعزة لا مثيل لها. وليس الاحتفال أيضًا بالمنجزات العظيمة وحدها، بل بالروح التي جعلت تلك المنجزات ممكنة. فالوطن ليس فقط حاضرًا، بل ماضٍ حفظناه وفعلٍ نزرعه اليوم ومستقبلٍ نراه بوضوح، لأن من يقوده يعرف جيدًا إلى أين يريد الوصول.
وفي هذا اليوم، نقف أمام مرايا أنفسنا. ونرى أن عزّ الوطن لم يكن أبدًا شيئًا يُضاف إلينا من الخارج، بل كان وما زال يسكن في داخلنا. ففي طريقة السلام حين نلتقي، وفي صدق الكلمة حين نُقسم، وفي العزيمة حين نعمل.
وفي حين أن تاريخ الأمم قد يتغير، وملامح المدن قد تتبدل، لكن هناك شيء في هذه الأرض لا يعرف الزوال كإحساسك أنك حين تطأ ترابها تعرف أن لك مكانًا بين نخيلها وصخورها وسمائها. وذلك الإحساس هو الذي يجعلنا نقول بثقة أننا لسنا أبناء أي وطن، بل أبناء وطنٍ خالد، وكل عام هو بداية جديدة في قصة لا تنتهي.
ومهما تحدثنا عن قصة الوطن، فإن فصلها الأجمل يكتبه اليوم مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله بحكمتهم الراسخة وقيادتهم التي جمعت بين العزم والحنكة، ثم يتواصل هذا الفصل المضيء برؤيتهم الجريئة التي صنعت مستقبل مختلف، وفتحت أبوابًا جديدة للأجيال القادمة. فهم قادة وضعت الإنسان في قلب التنمية، ورسخت أن عز المملكة لا يُقاس بما تبنيه من مدن ومشاريع فحسب، بل بما تبنيه من وعي وكرامة وفرص لأبنائها وبناتها.
فالاحتفال الحقيقي لا يكمن في الأضواء ولا في المظاهر، بل في تلك اللحظة الصامتة التي يشعر فيها كل فرد أن عز الوطن من عزه، وأن كرامته مرهونة بكرامة أرضه. عندها فقط، يفهم أن اليوم الوطني ليس يومًا واحدًا، بل حياة كاملة.
الكاتب / طارق محمود نواب
السبت 20سبتمبر 2025م
للاطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )