من البر بدينا

عاشت المملكة واحتفل شعبها بذكرى يوم التأسيس على يد مؤسسها الإمام محمد بن سعود رحمه الله ، وقد تعددت الاحتفالات وتنوعت في صور كثيرة ما بين قطاعات حكومية وخاصة وعائلات وأفراد ، كل حسب اختصاصه واستطاعته ، إلا أنها اجتمعت واتفقت على حب الوطن ، وهذا من المعاني السامية والأهداف الكثيرة التي ترسخها مثل هذا المناسبات الوطنية في نفوس أبناء المملكة .

ومما لا شك فيه أن يوم التأسيس فرصة لاستذكار تضحيات وبطولات رجال تحدوا الصعاب وقدموا أرواحهم في سبيل قيام دولة أضحت اليوم في مقدمة دول العالم ، وهذه التضحيات والبطولات والملاحم يجب أن نعرف بها جيل اليوم ونسترجع معه التاريخ ونرسخها في ذهنه من خلال قراءة قصص أولئك الأبطال والمرور على أبرز أماكنهم التي ماتزال معظمها شاهدة على كفاحهم ، فقصر سلوى في الدرعية – حيث منطلق التأسيس – مازالت جدرانه إلى اليوم تروي لزائريها تلك الذكريات ، وقصة غالية بنت عبدالرحمن البقمي موثقة في كتب التاريخ ، وأكاد أجزم أن كثيرا من أبناء هذا الجيل لم يعرف قصتها ، وهي فرصة للقنوات أو شركات الإنتاج لعمل وثائقي عن هذه المرأة الحديدية التي قهرت العثمانيين حتى تكون نموذجا ملهما لبنات المملكة في حب الوطن والدفاع عنه بكل ما أوتين من قوة وعلم ، والشواهد على تلك البطولات والتضحيات كثيرة وماثلة أمامنا حتى وقتنا الحاضر ، فهلا وقفنا عليها ؟

نعم هناك صور كثيرة للإحتفال بذكرى يوم التأسيس إلا أن أبرزها وأجملها وأصدقها تعبيرا في نظري هو ما قام به أحد الآباء عندما اصطحب جميع أفراد عائلته إلى البر وسط استغراب منهم حول علاقة البر بالإحتفال ، ليخبرهم أن هذه البراري والجبال والصحاري هي الشاهد الأصدق على انطلاقة التأسيس وأن الأبطال قد سطروا ملاحمهم وبطولاتهم عبر السير فيها في كل الإتجاهات ، فتكبدوا العناء وتحملوا الظروف وواجهوا الأعداء في سبيل لم شتات الناس وتوحيد الأرض تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وليس ما قد تشاهدونه من استعراضات أو حفلات في مجمعات أو مقاهي لا تنقل لكم الحقيقة المشرقة التي يجب عليكم معرفتها والإعتزاز بها والدعاء لمن ضحوا بأرواحهم لقيام دولة تنافس اليوم دول العالم بمكانتها وقوتها ، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، فشكرا لذلك الأب الذي حول نزهة برية إلى درس وطني غرسه في نفوس عائلته ولم يسبقه أحد في ذلك على ما أظن .

الخاتمة :
ليس مهما أين تحتفل بالوطن بل الأهم أن تعلم ماذا يعني لك الوطن .

بقلم / خالد النويس

23 فبراير  2023 م 

للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )