هل يستحق؟

في كل يوم يظهر لنا من يحاول استفزاز المجتمع أو الاستخفاف بعقولهم أو قتل الآباء والأمهات بطريقة غير مباشرة عندما ينشرون التوافه من الأشياء ويصورونها على أنها ضروريات لن تستمر الحياة إلا بها وأنها من الأمور الأساسية التي تبرز شخصية الإنسان بين أفراد المجتمع، فتترسخ الفكرة في عقل الأبناء المراهقين ليندفع نحو تجربة الأمر ومن ثم الوقوع لاحقا في براثن ما يسمى (الموضة).
وبالتأكيد فأنا أتحدث عن آخر تلك الاستفزازات وهي ما أنتشر مؤخرا عن برميل صغير لقهوة معتقة يباع الكوب الواحد منه ب375 ريالا ، وهذا ما يضعنا أمام دهشة واستغراب وتساؤلات يحار العاقل أمامها كي يجد إجابة مقنعة أو تبريرا منطقيا لما يحدث بين حين وآخر ، فلم نكد نفق من صدمة طوابير السيارات أمام محلات القهوة السريعة والمقطرة والمختصة وغيرها حتى صدمنا الزمن بصفعة أقوى عبر القهوة المعتقة والتي لا ندري من أين استقى مورديها هذه التجارب التي تبعد شبابنا عن قهوتنا السعودية شيئا فشيئا ، وليس هذا فحسب بل تجاوزوا ذلك إلى أسعار فلكية للكوب الواحد منها والذي تكفي قيمته لملأ ثلاجة عائلة متوسطة لمدة أسبوع أو أكثر ، وهذا ما يجعل الاستفزاز والاحتقان في نفوس معظم العائلات البسيطة التي تجد في هذا الأمر قهرا وحزنا لها ، لأنها تعلم أن أبنائها المراهقين سيتأثرون بمثل هذه المقاطع التي يشاهدونها وسيحاولون طلب المال منهم بحجة أو أخرى لتجربة تلك القهوة المعتقة وإرضاء الشعور الداخلي لعيش حياة الطبقة المخملية ، وهذا ما يشكل ضغطا وعبئا ماديا كبيرا على الأسر ذات الدخل البسيط والتي تحاول توفير المال لأبنائها من أجل إظهارهم بحال متساو مع أقرانهم من نفس الطبقة البسيطة وعدم التقصير عليهم رغم صعوبة العيش وقلة الموارد وارتفاع التكاليف ، لذا يشعر رب أو ربة الأسرة بأنه أصيب في مقتل عندما يرى مثل هذه المقاطع التي تزيده هما وتثقل كاهله خوفا من التقليد الخفي من وراءه واستخفافا من أولئك الذين ينشرون مثل هذه الاستفزازات بين أفراد المجتمع ظنا منهم أنها إعلان وتعريف بمنتج جديد ولم يعلموا بما سيسببه من أمور سلبية ودعوات تكال عليهم ليل نهار .
أظن أن في النفوس أكثر مما كتبته لذا سأكتفي به رغم الإطالة وأرجو أن تكون الرسالة قد وصلت وأن المعنى قد فهم، فكلنا عيال قرية وكل يعرف أخيه.
الخاتمة:
لا بارك الله في تجارة مستفزة.
بقلم / خالد النويس
الاثنين 15 يوليو 2024 م .
للأطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا )