استفتاء اسكوتلندا قد يضعِف موقع بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي

صراحة-وكالات:شددت المفوضية الأوروبية على التزامها «التحفظ عن التعليق على المسار الديموقراطي الجاري في اسكوتلندا». وقالت الناطقة الرسمية بيا اهرينكيلد هانسن، غداة الإعلان عن نتائج استطلاع للرأي تؤكد تقدم أنصار الاستقلال، إنه «من غير المحبذ التدخل في مسار ديموقراطي يعود القرار في شأنه إلى الناخبين في اسكوتلندا ومواطني بريطانيا».
ومثلت عملية استطلاع الرأي التي كشفت في 6 و7 أيلول الجاري في اسكوتلندا تقدم أنصار الاستقلال على معسكر الوحدة، بواقع 51 مقابل 49 في المئة. وعلى رغم أن الفارق يتساوى مع هامش الخطأ في عينات استطلاع الرأي، فإن تقدم أنصار الاستقلال للمرة الأولى يوحي بأن حملة الانفصاليين التي يقودها «الحزب الوطني الاسكوتلندي» تلقى صدى متزايداً لأن الحلم قد يتحول بعد أيام إلى حقيقة.
وسيفجر الانفصال، إذا حصل، قائمة تساؤلات غير محدودة. ويؤكد رئيس الغالبية في برلمان اسكوتلندا، زعيم معسكر الاستقلال، أليكس سالموند أن اسكوتلندا المستقلة «ستكون أكثر ثروة وعدالة» لأنها تمتلك موارد نفطية تمكنها من زيادة الإنفاق في مجالات الصحة والتعليم والتقاعد والارتقاء بمستوى العيش إلى مصاف دول اسكندنافيا المجاورة على الساحل المقابل في بحر الشمال. وقدر معدل الدخل الفردي في اسكوتلندا في 2013 بـ 20571 جنيهاً سنوياً، وفي بريطانيا ككل 20873 جنيهاً. وقد يرتفع دخل الفرد في اسكوتلندا إلى 26424 جنيهاً إذا أضيفت الموارد المالية التي ستدرها صادرات النفط. ويستخدم أنصار الاستقلال في دعايتهم تكهنات بوجود احتياطات نفطية تصل إلى 24 بليون برميل تضمن تغطية النفقات في الحقل الاجتماعي. لكن خصومهم يتهمونهم بالمبالغة في حجم الاحتياط. ويقول الصناعي النفطي ايان وود إن الانفصاليين ضخموا الاحتياط بنسبة تتراوح بين 40 و60 في المئة.
لكن الخلافات بين اسكوتلندا وبريطانيا ستتجاوز تقديرات عائدات النفط لأن الطلاق المزمع قد يدفع اسكوتلندا إلى الانطلاق من الصفر في مسار بناء علاقاتها الخارجية، ومنها العضوية في الاتحاد الأوروبي. وبينما يرى زعماء اسكوتلندا أن الاستقلال لا يغير شيئاً في انتمائها الأوروبي، فان حكومة لندن قد تفرض على شركائها وجوب أن تتقدم سلطات ادنبره بطلب الانخراط في عضوية الاتحاد مثل أي بلد آخر وأن يجري البحث فيه وفق معايير العضوية التي تطبَّق على كل بلد مرشح. ويخضع الطلب للتحليل من المفوضية الأوروبية لمراجعة مدى استجابة الدولة المرشحة للمعايير السياسية والاقتصادية وإدراجها التشريعات الأوروبية في قوانينها الوطنية. ثم تقدم نتائج التحليل أمام الدول الأعضاء للتصويت عليها إن بقبول عضوية الدولة المرشحة أو رفضها.
وتلـــزم الجهات الرسمية في بروكسيل الصمت وتتــحــفظ عن أي تصريح من شأنه التأثير في سير الحـــملة الانتخابية. لكنها تراقب عن كثب تغير سلوك النـاخبــين في اسكوتلندا وردود فعل حكومة رئيس الوزراء البـــريطاني ديفيد كامرون. ويدعم سكان اسكوتلندا عمـــوماً مسار الاندماج الأوروبي وهم بذلك يختلفون عـــن غالبية المحافظين في حزب كامــرون الذين يضغطون بدورهم من أجل تنظيم اســتفتاء في 2017 حول بقاء بريطانيا عضـــواً في الاتحاد الأوروبي. وكان كامرون اعترض بشدة في حزيران (يونيو) الماضي على ترؤس جان كلود يونكير المفوضية الأوروبية. وسيؤثر استفتاء اسكوتلندا في 18 أيلول (سبتمبر) الجاري على موقف المحافظين في حزب رئيس الوزراء تشدداً أو مرونة، لأن تأثير بريطانيا داخل الاتحاد وخارجه سيتقلص حتماً إذا انفصلت عنها اسكوتلندا.
وسيواجه الاسكوتلنديون، إذا صوتت الغالبية لمصلحة الاستقلال، جردة حساب معقدة هي فاتورة الطلاق، وتتصدرها التساؤلات المتعلقة بالوحدة النقدية. وقد ترد بريطانيا على استقلال اسكوتلندا بفك الارتباط النقدي من أجل تحصين استقرار الجنيه الاسترليني. وإذا اختارت ادنبره استخدام الجنيه بشكل منفصل فإنها قد تضطر لقبول خيارات التعويم للحفاظ على تنافسيتها في السوق البريطانية. وتتجه الصادرات الاسكوتلندية بنسبة 60 في المئة نحو السوق البريطانية و40 في المئة نحو السوق الأوروبية. وإذا سُدّت آفاق الحل بين لندن وأدنبره فان استخدام اليورو قد يكون أحد الخيارات الممكنة.
ويحذر زعيم حملة الوحدة مع بريطانيا وزير المال في حكومة حزب العمال السابق اليستير دارلينغ من أن الصدمة المالية التي ستواجهها اسكوتلندا «ستكون أسوأ من كلفة الأزمة المالية» في 2006 ـ 2007. وإذا اختار الناخبون الإستقلال فان المفاوضات بين أدنبره ولندن ستطاول أيضاً سياسات الدفاع والمشكلات التي تثيرها ترسانة السلاح النووي.