منطقة الحظر الجوي شمال سوريا تستهدف أساسا مقاتلات الأسد

صراحة-وكالات:بينما اكتفى الناطق باسم البيت الأبيض جوش آرنست بالتلميح إلى ان تركيا وافقت على فتح قاعدة انجرليك الجوية امام المقاتلات الأميركية لشن ضربات ضد اهداف تنظيم “الدولة الإسلامية”، أكدت مصادر أميركية ان واشنطن وأنقرة اتفقتا على إقامة “منطقة حظر جوي جزئي” تمتد حتى 45 كيلومترا من الحدود التركية مع سورية، وتستهدف تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، ومقاتلات الرئيس السوري بشار الأسد ومروحياته.
وكانت صحيفة “حرييت” التركية هي اول من كشف الخطة المزمع تطبيقها، ونسبتها الى مسؤولين في حكومة أنقرة.
ويأتي الحديث حول منطقة الحظر الجوي بعد يومين من تفجير نفذه تنظيم “الدولة الإسلامية” داخل الحدود التركية وراح ضحيته أكثر من 32 ناشطا يعملون في مخيمات اللاجئين السوريين.
وبعد التفجير، اتصل الرئيس باراك أوباما بنظيره التركي رجب طيب اردوغان معزيا. ويبدو ان الحوار بين الرئيسين شهد اتفاقا تفتح بموجبه انقرة قاعدتها الجوية، مقابل موافقة واشنطن على شمول الحظر مقاتلات الأسد ومروحياته.
وكانت الولايات المتحدة طلبت من تركيا الانضمام الى التحالف الدولي الذي أعلنت قيامه ضد “الدولة الإسلامية” صيف 2014، لكن انقرة اشترطت ان يستهدف التحالف “الدولة الإسلامية” وقوات الأسد في نفس الوقت.
وبعدما رفضت واشنطن الطلب التركي، لم تسمح انقرة لأميركا بشن ضربات جوية أميركية ضد “الدولة الإسلامية” انطلاقا من انجرليك، التي تربض فيها مقاتلات أميركية وطائرات من دون طيار تابعة للقيادة الأوروبية للجيش الأميركي، بدلا من القيادة الوسطى المسؤولة عن الشرق الأوسط.
وتقوم الطائرات الاميركية الموجودة حاليا في انجرليك بطلعات مراقبة واستطلاع لجمع المعلومات.
وبعدما أقفلت انقرة انجلرليك الصيف الماضي، اضطر التحالف الدولي الى حصر طلعاته الجوية بقواعد الكويت، ما عرقل إمكانية ان تلعب المقاتلات دور الاسناد الجوي للقتال ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” على الأرض، وأجبر المقاتلات الأميركية على البقاء في الجو فترات أطول، وبتكلفة أكبر.
وصارت المقاتلات الأميركية تعود الى قواعدها أحيانا من دون القاء حمولتها من المتفجرات.
وكانت الصحيفة التركية أوردت ان منطقة الحظر سيتم فرضها بعرض 90 كيلومترا وتمتد من جرابلس الى الميرا، وبعمق 40 او 50 كيلومترا داخل الأراضي السورية، وان المقاتلات ستستهدف “الدولة الإسلامية” والنصرة، ولن تسمح لمقاتلات الأسد التحليق في نطاق هذه المنطقة.
كذلك، أوردت الصحيفة ان مقاتلات تركية وكذلك المدفعية، ستشارك في عمليات التحالف الدولي شمال العراق وسوريا، وان ضربات التحالف داخل سورية ستحصل بالتنسيق مع الجيش التركي.
ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة تبدو مستعدة لإعادة النظر وبشكل جدي في سيناريو إخراج الأسد من السلطة بالقوة إذا رفض الانصياع للمطالب الدولية العديدة بضرورة تخليه عن موقعه في سياق حلّ سياسي للأزمة السورية يتفق عليه أكثر من طرف داخلي وخارجي.
ودعت واشنطن طيلة السنوات الماضية إلى رحيل الاسد وقالت انه لم يعد رئيسا شرعيا لسوريا، لكنها رفضت دعوات سعودية وقطرية وتركية لشن حرب لإزاحته عن موقعه بالقوة، كحل وحيد لوقف مجازره ضد السوريين.
وهددت واشنطن بالفعل بقصف سوريا بعد تقارير عن استخدامه للغازات السامة ضد معارضيه، لكنها تراجعت على نحو مفاجئ بعد قبول نظام الاسد بالتخلي عن برنامجه للأسلحة الكيمياوية وذلك بتدخل روسي تم في آخر لحظة.
ويقول مراقبون إن واشنطن التي انتهت قبل ايام من حسم قضية الملف النووي مع ايران ووضعه على طريق الحلّ وفقا لشروط مضبوطة، قد يكون رفع عنها بعض القيود للتحرك بفعالية أكثر في الملف السوري وذلك لتحقيق أكثر من هدف، لعل أهمها تأكيدها على انها لم تتخلّ عن حلفائها الخليجيين كما يروج لذلك بعض المحللين، وأن التخلص من الاسد لفائدة معارضة مقبولة دوليا تحكم سوريا يمكن أن يخفف كثيرا من حدة غضب السعودية من الاتفاق النووي مع ايران، لأن التحرك ضد الاسد يخدم أحد الأهداف السعودية الرئيسية في سياق صراعها مع “العدو” الإيراني على النفوذ في المنطقة، وقد يعادل في اهميته الاستراتيجية بالنسبة للرياض ـ على الاقل في المرحلة الراهنة ـ أهمية ما حققته ايران من الاتفاق النووي.
وقالت المصادر الأميركية إن الولايات المتحدة ستزود الجيش التركي بمعلومات استخباراتية حول أهداف المجموعات الإرهابية التي بحوزتها.
ولم توضح المصادر الأميركية ان كانت أميركا ستزود تركيا بمعلومات حول أماكن انتشار مقاتلي وحدات الحماية الكردية، التي تصنفها أنقرة إرهابية.
وقال ارنست في رده على أحد الصحافيين اثناء مؤتمره الصحافي اليومي في البيت الأبيض: انت سألت خصيصا حول انجرليك، القاعدة العسكرية في تركيا، مضيفا “لا يمكنني ان اتحدث عن بعض هذه الأمور بسبب الحرض على أمن عملياتنا، ولكن ما نعترف به هو ان للتحالف إمكانية استخدام قواعد في عموم أوروبا والشرق الأوسط، وهذا يتضمن (عمليات جمع) الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع واستعادة الجنود وإعادة تموين الوقود، وشن ضربات جوية”.
وقيام ارنست بإضافة انجرليك إلى القواعد التي يمكن للتحالف استخدامها لشن ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الاسلامية، فضلا عن عدم نفيه للتقارير التركية، هو أقرب إلى الاعتراف الأميركي حول التفاهم بين واشنطن وانقرة الذي تم التوصل اليه.
وقالت المصادر الأميركية إن استفادة الجيش الأميركي من قاعدة انجرليك التركية، سيسمح له بنقل 2100 من المارينز المتواجدين في الكويت إلى هناك.
وهؤلاء الجنود تناط بعهدتهم مهمة التدخل السريع، وخصوصا في حال الحاجة لاستعادة أي طيارين أميركيين يمكن سقوطهم ومقاتلاتهم في مناطق “الدولة الإسلامية”.