محليات

عاجل || #حوار_محمد_بن_سلمان مع الشرق الأوسط

صراحة – الرياض : أجرى الأمــيــر مـحـمـد بــن سـلـمـان، ولــــي الــعــهــد نــائــب رئــيــس مـجـلـس الــوزراء وزيــر الـدفـاع الـسـعـودي، حوار مع جريدة الشرق الأوسط، وفيما يلي نص الحوار:

تـشـهـد المـنـطـقـة فــي الآونــة الأخـيـرة اضـطـرابـات خطيرة تهدد أمــن المـنـطـقـة واسـتـقـرارهـا والـعـالـم
أجمع. ما موقف المملكة تجاه هذه الأحـداث؟ وكيف ستتعامل المملكة مع هذا التصعيد؟
– إن موقف المملكة واضـح كـمـا جــاء فـي بـيـان حكومتها.
المــمــلــكــة لا تـــريـــد حـــربـــاً فـي
المــنــطــقــة، ولــكــنــنــا لــن نــتــردد
فـــي الــتــعــامــل مـــع أي تـهـديـد
لشعبنا وسيادتنا ومصالحنا
الــحــيــويــة. إن أولــويــتــنــا هـي
مصالحنا الوطنية، وتحقيق
تــطــلــعــات شــعــبــنــا مـــن خــلال
أهـــداف «رؤيـــة المـمـلـكـة ٢٠٣٠ «
الاقــتــصــاديــة والاجــتــمــاعــيــة،
والتنمية والإصلاح الاقتصادي
والاجــتــمــاعــي. وهـــذا يـتـطـلـب
بـيـئـة مـسـتـقـرة ومـحـفـزة داخـل
المملكة وفي المنطقة، لذا ستجد
أن دور المــمــلــكــة، ســــواء فـي
مـنـطـقـة الـخـلـيـج أو فــي شـمـال
أفـريـقـيـا أو فــي مـنـطـقـة الـقـرن
الأفريقي وغيرها، هو دور داعم
للاستقرار والسلام، وهو النهج
الــذي ســارت عليه المملكة منذ
تأسيسها الساعي دومـاً لنبذ
الـتـفـرقـة والـطـائـفـيـة والـتـطـرف
والحفاظ على وحدة واستقرار
المنطقة والسلم الدولي.
كما أن للمملكة دوراً مهماً
في المجتمع الدولي يتمثل في
جهودها من أجل تأمين وصول
إمــــدادات الـنـفـط عـبـر المــمــرات
الــحــيــويــة الــتــي تــحــيــط بـهـا،
وذلك في سبيل حماية استقرار
الاقــتــصــاد الــعــالمــي. وقــد رأى
العالم كيف تعاملنا مع الناقلة
الإيرانية في البحر الأحمر وفق
مــا تـمـلـيـه عـلـيـنـا أخـلاقـيـاتـنـا
ومبادئنا والمواثيق والأعـراف
الدولية. وبالمقابل نجد النظام
الإيـرانـي ووكـلاءه الذين قاموا
بأعمال تخريبية لأربع ناقلات
بــالــقــرب مــن مـيـنـاء الـفـجـيـرة،
مـنـهـا نــاقــلــتــان ســعــوديــتــان،
مـمـا يـؤكـد الـنـهـج الــذي يتبعه
هذا النظام في المنطقة والعالم
أجمع. والدلائل على ذلك كثيرة
وواســعــة ومـتـكـررة عـلـى مـدى
سنوات طويلة.
فـلا نـنـسـى أن هــذا الـنـظـام
أعــلــن لــلــمــلأ مــنــذ عـــام ١٩٧٩
أن أولـويـتـه وهــدفــه الـرئـيـسـي
تصدير الـثـورة، ويسعى لذلك
عـلـى حـسـاب تـطـلـعـات شعبه،
وعلى حساب شعوب المنطقة.
هــذا المــحــرك يـفـس ّ ـر تـصـرفـات
الــنــظــام الإيـــرانـــي، فـتـصـديـر
الـــثـــورة ومــبــدأ ولايـــة الـفـقـيـه
يتطلبان زعزعة استقرار الدول
والمــنــطــقــة، وإثــــارة الـطـائـفـيـة
ونـــشـــر الـــتـــطـــرف، وتــســخــيــر
مــــقــــدرات الــشــعــب الإيـــرانـــي
لتمويل الميليشيات الإرهابية
وتسليحها.
ورغم ذلك كانت يد المملكة
دائـــمـــاً مـــمـــدودة لــلــســلام مـع
إيــران، وذلــك لتجنيب المنطقة
وشــعــوبــهــا ويــــلات الــحــروب
والدمار؛ حتى إن المملكة أيدت
الاتـفـاق الـنـووي مـع إيــران لأن
المملكة على مر التاريخ لم تدخر
جـهـداً لـحـل أي أزمــة واجهتها
عــبــر الــســبــل الــدبــلــومــاســيــة
والـسـلـمـيـة، وكـنـا نـأمـل فـي أن
النظام الإيراني سيستغل هذه
المبادرة لتغيير تصرفاته تجاه
دول المنطقة، وأن تكون خطوة
أولـــى نــحــو عـــودة إيــــران إلــى

المجتمع الدولي كدولة طبيعية.
لكن للأسف ما حدث هو أن إيران
اسـتـغـلـت الـعـائـد الاقـتـصـادي
مــن الاتــفــاق فــي دعــم أعـمـالـهـا
العدائية في المنطقة، واستمرت
فـي انـتـهـاك الــقــرارات الـدولـيـة،
ّ ر النظام
وكـان الأولـى أن يسخ
الإيـرانـي الـعـوائـد الاقتصادية
مــن الاتــفــاق لـتـحـسـين معيشة
المـــواطـــن الإيـــرانـــي، وتـطـويـر
الــبــنــيــة الــتــحــتــيــة، وتـحـقـيـق
ً من التنمية الاقـتـصـاديـة، بـدلا المــضــي فــي دعــم آلــة الـفـوضـى
والدمار في المنطقة.
وصــل الـتـهـور بــإيــران إلـى
مستويات غير مسبوقة، فبعد
الاتـفـاق الـنـووي زادت ميزانية
«الحرس الثوري»، ورفعت من
وتــيــرة دعــمــهــا لـلـمـيـلـيـشـيـات
الطائفية فـي المنطقة، بـل وفي
الـعـالـم أجــمــع. وجـمـيـعـنـا رأى
الأعــمــال الإرهـابـيـة والـعـدائـيـة
الإيــرانــيــة الــتــي أحــبــطــت فـي
أوروبا مؤخراً.
لـذلـك أيــدت المـمـلـكـة إعــادة
فـــرض الــعــقــوبــات الأمــيــركــيــة
عـلـى إيـــران، وذلــك إيـمـانـاً منا
بضرورة اتخاذ المجتمع الدولي
موقفا حازما تجاه إيران، وفي الوقت نفسه اتخاذ الإجـراءات
الـلازمـة للحد مـن قـدرة النظام
على نشر الفوضى والدمار في
العالم أجمع.
ومــا شــهــدنــاه مــن أحــداث
أخـيـرة فـي المـنـطـقـة، بـمـا فيها
اسـتـهـداف المـضـخـات الـتـابـعـة
لــشــركــة «أرامــــكــــو» مـــن قـبـل
ميليشيا الـحـوثـيـين المـدعـومـة
من إيران، يؤكد أهمية مطالبنا
للمجتمع الدولي باتخاذ موقف
حازم أمام نظام توسعي يدعم الإرهـاب وينشر القتل والدمار
على مر العقود الماضية، ليس
في المنطقة فحسب بل في العالم
أجمع.
الخيار واضـح أمـام إيـران.
هل تريد أن تكون دولة طبيعية
الدولي، أم تريد أن تبقى دولة
مارقة؟ نحن نأمل في أن يختار
النظام الإيراني أن يكون دولة
طبيعية وأن يتوقف عن نهجه
العدائي.
 أشرتم سموكم إلـى الموقف الأميركي تجاه إيران الذي يتوافق مع موقف المملكة كما هو الحال في أغلب القضايا الاستراتيجية. لكن شهدت الآونة الأخيرة انتقادات للمملكة من أطــراف داخــل الـولايـات المـتـحـدة في عــدد مــن الـقـضـايـا، خــاصــة فيما يتعلق بقضية جمال خاشقجي. هل أثـرت هـذه الانـتـقـادات على التعاون الاستراتيجي بين البلدين؟
– ننظر في المملكة بأهمية
كبيرة للعلاقات الاستراتيجية
مــع الـــولايـــات المــتــحــدة، وهـي
عـــلاقـــات مــمــتــدة لأكـــثـــر مـن
سبعين عـامـاً أسـهـمـت خلالها
هــذه الــشــراكــة الاسـتـراتـيـجـيـة
عـبـر الـتـاريـخ فـي دحــر العديد
مـن التحديات التي استهدفت
أمـن واستقرار وسيادة دولنا.
فـعـلاقـتـنـا بــالــولايــات المـتـحـدة
مـهـمـة ومــحــوريــة، لـيـس فـقـط
لتحقيق المصالح المشتركة بين
بـلـديـنـا، ســـواء عـلـى الـصـعـيـد
الاقتصادي أو الأمني أو غيرها
مــن المـــجـــالات، ولـكـنـهـا عـامـل
أساسي في تحقيق أمن المنطقة
واستقرارها. فنحن والولايات
المتحدة، وبالتعاون مع العديد
مـن الــدول فـي المنطقة والعالم
نسعى سوياً لتحقيق استقرار
مستدام في المنطقة يهيئ البيئة
المــنــاســبــة لـتـحـقـيـق تـطـلـعـات
شــعــوب المــنــطــقــة فــي الـعـيـش
الكريم والتنمية الحقيقية في
مختلف المجالات، ونقوم بذلك
من خلال مواجهة قوى الفوضى
والــدمــار وعــدم الاسـتـقـرار من
تنظيمات إرهابية، وسياسات
الدول الراعية لها وعلى رأسها
النظام الإيراني، والتصدي لكل
أشكال التطرف.
أما فيما يتعلق بالحملات
الإعــلامــيــة أو بـعـض المــواقــف
الـصـادرة مـن جـهـات أميركية،
فهي بالتأكيد لا تخدم الأهداف المـشـتـركـة لـبـلـديـنـا. لـكـنـنـا في
المـمـلـكـة عـبـر تـاريـخـنـا، سبق
أن واجهنا مثل هـذه الحملات
الــتــي تــتــصــف فـــي مـعـظـمـهـا
بالتحيز وعــدم الاسـتـنـاد إلـى
معلومات دقيقة. ونسعى دائماً
لـتـوضـيـح الـحـقـائـق والأفــكــار
المغلوطة لـدى بعض الأطــراف
فـي الـولايـات المـتـحـدة وغيرها
مـن الــدول، ونستمع لمـا يطرح
ونستفيد مـن الـطـرح المنطقي
والمــوضــوعــي، لـكـن فــي نـهـايـة
الأمـر أولويتنا هـي مصالحنا
الوطنية. أولويتنا هي المواطن
فــي الــريــاض وجـــدة وجـــازان
وتــبــوك والــدمــام وغـيـرهـا من
مــنــاطــق المــمــلــكــة، ولــيــس مـا
يــــراه أو يــطــرحــه آخــــرون عـن
المــمــلــكــة. وعـــلـــى مـــر تــاريــخ
المملكة تمكنا من التعايش مع
حلفائنا الرئيسيين رغم وجود
اختلافات طبيعية موجودة بين
الدول كافة، من خلال احترامنا
لسيادة الدول وعدم التدخل في
شـؤونـهـا الـداخـلـيـة، ولا نقبل
بـأقـل مـن المـعـامـلـة بـالمـثـل فيما
يـتـعـلـق بـسـيـادتـنـا وشـؤونـنـا
الداخلية. وأنـا على ثقة في أن
عـلاقـاتـنـا الاسـتـراتـيـجـيـة مـع
الولايات المتحدة لن تتأثر بأي
حملات إعلامية أو مواقف من
هنا وهناك.
فيما يتعلق بمقتل المواطن
جمال خاشقجي، كما سبق أن
ذكـرت هـذه جريمة مؤلمة جـداً،
ولــم يـسـبـق حـصـول مـثـل هـذه
الـجـريـمـة فــي تــاريــخ المـمـلـكـة،
فمثل هـذه الأمــور ليست جـزءاً
مـن ثـقـافـتـنـا، وتـنـاقـض قيمنا
ومبادئنا. وقد قمنا في المملكة

بـالإجـراءات الـلازمـة، سـواء من
خلال المسار القضائي لمحاسبة
كل المشاركين في هذه الجريمة،
أو مـن خـلال اتـخـاذ الإجــراءات
التنظيمية لمـنـع حـصـول مثل
.ًهذه الجريمة المؤسفة مستقبلا
ًهــــذه الإجـــــــراءات تــنــبــع أولا
وأخيراً من حرصنا في المملكة
على حياة كل مواطن سعودي
أياً كانت مواقفه، وهي إجراءات
لـــم ولــــن تــتــأثــر بــــأي عــوامــل
أخـــرى. فـنـحـن دولــة يـسـودهـا الــقــانــون ومـــن غــيــر المــقــبــول
الـتـعـرض لـحـيـاة مـواطـن بهذا
الشكل المؤلم تحت أي ظرف من
الظروف، وبكل أسف المتهمون
بارتكاب الجريمة هم موظفون
حـكـومـيـون، ونـسـعـى لتحقيق
الـــعـــدالـــة والمــحــاســبــة بـشـكـل
كـامـل. وعـلـى أي طــرف يسعى
لاستغلال القضية سياسياً، أن
يتوقف عن ذلك ويقدم ما لديه
مـن أدلــة للمحكمة فـي المملكة
بما يساهم في تحقيق العدالة.
هـل هـذا الـتـوافـق فـي الـرؤيـة مـع الـجـانـب الأمـيـركـي حـيـال إيـران يـنـطـبـق عـلـى الــوضــع فــي سـوريـا، خصوصاً في ضوء القرار الأميركي بالانسحاب من سوريا؟

– يـــوجـــد اتــــفــــاق حــيــال
الأهــــــداف فـــي ســـوريـــا، وهــي
هزيمة تنظيم «داعـش»، ومنع
عــــودة ســيــطــرة الـتـنـظـيـمـات
الإرهابية، والتعامل مع النفوذ
الإيراني المزعزع للاستقرار في
ســوريــا، واسـتـخـدام الـوسـائـل
المتاحة كافة لتحقيق الانتقال
الـسـيـاسـي وفــق الــقــرار ٢٢٥٤ ،
بما يحافظ على وحدة سوريا،
ونــعــمــل مــع الــــدول الـصـديـقـة
لتحقيق هذه الأهداف

كيف تنظرون سموكم لزيارة رئيس الوزراء الياباني مؤخراً لإيران والتقائه بالمرشد الأعلى الإيراني؟
– نــشــكــر رئــيــس الـــــوزراء
الـيـابـانـي عـلـى نـيـاتـه الطيبة،
ويـــد المــمــلــكــة دائــمــاً مــمــدودة
بالسلام بما يحقق أمن المنطقة
واســتــقــرارهــا. إلا أن الـنـظـام
الإيـــرانـــي لـــم يــحــتــرم وجـــود
رئيس الـوزراء الياباني ضيفاً
في طهران، وقـام أثناء وجوده
بــالــرد عـمـلـيـاً عــلــى جــهــوده،
وذلــك بـالـهـجـوم عـلـى ناقلتين
إحـداهـمـا عـائـدة لـلـيـابـان، كما
قـام عبر ميليشياته بالهجوم
الآثــم على مـطـار أبـهـا، مـا يدل
بشكل واضح على نهج النظام

الإيراني ونياته التي تستهدف
أمن المنطقة واستقرارها، فإيران دائماً
هي الطرف الـذي يصع
في المنطقة، ويقوم بالهجمات
الإرهـابـيـة والاعــتــداءات الآثمة
بشكل مباشر أو عبر الميليشيات
الـتـابـعـة. المـشـكـلـة فــي طـهـران
وليست في أي مكان آخر، وكما
ذكرت، على إيران الاختيار إما
أن تكون دولة طبيعية لها دور
بــنــاء فــي المـجـتـمـع الــدولــي أو
أن تبقى دولـة مـارقـة وتتحمل
عواقب هذا الأمر دولياً.

تصاعدت في الفترة الأخيرة وتـيـرة تصريحات الرئيس التركي وغـــيـــره مـــن المــســؤولــين الأتــــراك الـتـي تـشـكـك فـي الـقـضـاء بالمملكة وتتهم المملكة وقيادتها في قضية خاشقجي… كيف تردون على هذه الاتهامات؟
– جـــمـــال خــاشــقــجــي هـو
مـــواطـــن ســــعــــودي، ولا شـك
أن مـــا تــعــرض لـــه أمـــر مــؤلــم
ومــؤســف، ولــقــد اتــخــذنــا فـي
المملكة الإجراءات كافة لمحاسبة
المـسـؤولـين عـن هــذه الجريمة،
وتــمــت إحـــالـــة المــتــهــمــين إلــى
الـقـضـاء. والـقـضـاء فـي المملكة
ســلــطــة مـسـتـقـلـة لــيــس لأحــد
الـتـدخـل فـيـهـا، ونـحـن نـواجـه
أي حدث بحزم ومن دون تردد،
وبــاتــخــاذ الــخــطــوات الـكـفـيـلـة
بــتــحــقــيــق الـــعـــدالـــة وإصــــلاح
مــكــامــن الــخــلــل ومــنــع تــكــرار
الأخطاء من دون أن نلتفت لأي
مــزاعــم واتــهــامــات مــن هـنـا أو
هناك.
وفيما يتعلق بتصريحات
بعض المسؤولين الأتـراك تجاه
المــمــلــكــة، فـالمـمـلـكـة بـوصـفـهـا
حـاضـنـة الــحــرمــين الـشـريـفـين
تــســعــى لأن تــكــون عـلاقـاتـهـا
قوية مع كل الـدول الإسلامية،
بما فيها تركيا، وهذا أمر مهم
لمـصـلـحـة المـنـطـقـة بـشـكـل عـام
والــعــمــل الإســـلامـــي المــشــتــرك
بــشــكــل خــــــاص. ونـــحـــن فــي
المــمــلــكــة نــعــمــل عــلــى خــدمــة
الحرمين الشريفين وقاصديهما
وتحقيق أمن واستقرار وطننا
ورخاء شعبنا، وليس الدخول
فــي مــنــاكــفــات تــضــر مـصـالـح
وطــنــنــا والــعــالــم الإســـلامـــي.
ونحن ماضون في تحقيق هذه
الأهــــداف مــن دون الــتــفــات لمـا
يـصـدر مـن الـبـعـض لأسبابهم
الـداخـلـيـة الـتـي لا تـخـفـى على
أحد.
 مـرت أربـعـة أعــوام على بدء عمليات التحالف فـي اليمن. كيف تنظرون إلى ما تحقق من تقدم على الصعيدين السياسي والعسكري…ومــا فــرص إنــهــاء الأزمـــة الـيـمـنـيـة، خصوصاً بعد التوصل إلى اتفاقات استوكهولم، وبعد الهجوم الإرهابي الـذي نفذته ميليشيا الحوثي على المــضــخــات الـنـفـطـيـة فــي المـمـلـكـة ومطاري نجران وأبها؟
– يــنــســى كــــثــــيــــرون، أو
يـتـنـاسـون، كـيـف بــدأت الأزمــة
فـي الـيـمـن. عـمـلـيـات التحالف
بـدأت بعد أن استنفد المجتمع
الـدولـي كـل الحلول السياسية
بين الأطراف اليمنية والميليشيا
الـحـوثـيـة. ولابـــد مــن الـتـذكـيـر
هنا بأن المملكة هي رائدة الحل
الـسـيـاسـي، وهــي الـتـي قـدمـت
المـــبـــادرة الـخـلـيـجـيـة وعـمـلـت
عـلـى تـحـقـيـق انـتـقـال سياسي
سلمي في اليمن في
عــام ٢٠١١ ،ودعـمـت
الـــحـــوار الــوطــنــي،
وقدمت أكثر من ٧ مــلــيــارات دولار
دعـــمـــاً اقــتــصــاديــاً
وتنموياً لليمن بين
أعوام ٢٠١٢ و٢٠١٤ .
وكــــــانــــــت جـــهـــود
المملكة مـنـذ عـام ٢٠١١ تهدف
إلــى تـحـقـيـق انـتـقـال سـيـاسـي
سـلـس فـي الـيـمـن بـمـا يحافظ
على استقلال اليمن وسيادته
وتماسك مؤسساته السياسية
والأمــنــيــة، مـنـعـاً لـدخـولـه في
حالة الفوضى. وبالفعل وقعت
الأطــراف اليمنية فـي الـريـاض
عـــلـــى المـــــبـــــادرة الــخــلــيــجــيــة
وآليتها التنفيذية. واشتركت
كـل الأطــراف اليمنية، بما في
ذلــك الــحــوثــيــون، فــي الــحــوار
الوطني اليمني الشامل. وبكل
أســف قــامــت إيــــران مــن خـلال
الميليشيات التابعة لها بتعطيل
المــســار الـسـيـاسـي فــي الـيـمـن،
والبدء باحتلال المـدن اليمنية
والاستيلاء على مقدرات الدولة
اليمنية، وقد أعطت المملكة كل
الفرص لمعالجة الوضع بشكل
سلمي، لكن إيران كانت تراهن
عـلـى سـيـاسـة فــرض أمــر واقـع
عبر السلاح في الدول العربية،
ولــلأســف لــم يـتـصـد المـجـتـمـع
الـــدولـــي آنـــــذاك لــنــهــج إيـــران
الـتـوسـعـي والـطـائـفـي، ولـذلـك
استمرت عبر ميليشياتها في
محاولة بسط سيطرتها على
اليمن. لكن الشعب اليمني وقف
هـو وقـيـادتـه مـوقـفـاً تـاريـخـيـاً
أمـــام هــذا الــتــدخــل الإيــرانــي،
ولــم نـتـأخـر مـع أشـقـائـنـا دول
الــتــحــالــف فــي المــســارعــة إلــى
الاستجابة للحكومة الشرعية
لحماية اليمن وشعبه، وحماية
أمــنــنــا الـــوطـــنـــي، فـــلا يـمـكـن
أن نـقـبـل فــي المـمـلـكـة بـوجـود
مـيـلـيـشـيـات خــارج مـؤسـسـات
الدولة على حدودنا.
ولــلــه الــحــمــد تــم تـحـريـر
معظم أراضي اليمن، وقد دعمنا
الجهود كافة للتوصل إلى حل
سياسي للأزمة اليمنية. ولكن
لــلأســف، مـيـلـيـشـيـا الـحـوثـي
تقدم أجندة إيران على مصالح
اليمن وشعبه الـكـريـم، ورأينا
مـــؤخـــراً الـــهـــجـــوم الــحــوثــي
الإرهــابــي الآثــم عـلـى المـنـشـآت
النفطية ومطار نجران، وتبجح
الـقـيـادات الحوثية فـي تبنيه،
وهـو أمـر يثبت مـرة أخــرى أن
هذه الميليشيا لا تأبه بمصالح
الـشـعـب الـيـمـنـي، وبــأي مسار
سياسي لحل الأزمــة اليمنية.
أفعالهم تعكس أولويات طهران
واحتياجاتها، وليس صنعاء.
موقفنا في التحالف فيما
يتعلق بإنهاء الأزمــة اليمنية
واضـــــح جـــــداً، فــنــحــن نــؤيــد
جهود التوصل لحل سياسي
وفق قرار مجلس الأمن الدولي
٢٢١٦ والمـــبـــادرة الـخـلـيـجـيـة
وآليتها التنفيذية ومخرجات
الحوار الوطني الشامل، ونقبل
مــشــاركــة الأطــــــراف الـيـمـنـيـة
كـافـة فـي العملية السياسية،
ولــكــن وفـــق مـــا نــصــت عـلـيـه
المـرجـعـيـات الـثـلاث. فلن تقبل
المـمـلـكـة اسـتـمـرار الميليشيات
وبــقــاءهــا خــــارج مــؤســســات
الــدولــة، وسـعـيـاً لتحقيق هـذا
الــهــدف الــنــهــائــي، سـنـواصـل
عـمـلـيـاتـنـا ودعــمــنــا لـلـشـعـب
الــيــمــنــي فــي ســعــيــه لـحـمـايـة
اســتــقــلالــه وســـيـــادتـــه مـهـمـا
كانت التضحيات. وفي الوقت
نفسه ستواصل المملكة عملها
عــلــى الــصــعــيــديــن الإنــســانــي
والاقـــتـــصـــادي، وفــــي مــجــال
إعـادة إعمار المناطق المحررة،
فــهــدفــنــا لــيــس فــقــط تـحـريـر
الـيـمـن مـن وجــود الميليشيات
الإيرانية، وإنما تحقيق الرخاء
والاستقرار والازدهار لكل أبناء
اليمن.
 تـحـدثـتـم سـمـو الأمــيــر عن حلم تحويل منطقة الشرق الأوسط لأوروبـا جديدة. كيف ستواجهون عـوائـق تحقيق هـذا الـحـلـم فـي ظل مـا يـواجـه المنطقة مـن اضـطـرابـات ســيــاســيــة كـــبـــيـــرة، وتــحــديــات اقتصادية وتنموية؟
– يــجــب ألا نــكــون أســرى
لأوضـاع راهنة مؤقتة تمنعنا
من العمل على تحقيق واجبنا
الأول بصفتنا قادة في المنطقة،
وهو النهوض بدولنا. ويجب
ألا تشغلنا تحديات اليوم عن
الـعـمـل بشكل حثيث لتحقيق
مــســتــقــبــل أفـــضـــل لــلأجــيــال
القادمة.
تــحــدثــت فــي ســؤالــك عـن
الاضــــطــــرابــــات الــســيــاســيــة،
وهــو أمــر – ولا شــك – يـحـدث
فـي المـنـطـقـة، ولـكـن فـي الـوقـت
نـفـسـه فـلـنـنـظـر إلـــى المـنـطـقـة
الـعـربـيـة حـيـث يـوجـد إجـمـاع
بـين الغالبية العظمى لدولناعـلـى أولــويــة الـعـيـش الـكـريـم
لـــلـــمـــواطـــن، وتــحــقــيــق أمـــن
واســتــقــرار أوطــانــنــا. لا تـريـد
شــعــوبــنــا أن تـــكـــون أســيــرة
لــنــزاعــات آيـديـولـوجـيـة تـهـدر
فــيــهــا مـــقـــدراتـــهـــا. والـــيـــوم
وبـشـكـل غـيـر مـسـبـوق أصـبـح
هــدف الـجـمـيـع واحـــدا، وبــات
التنافس بين معظم دولنا على
تحقيق أفضل معايير الحياة
للمواطن، وجذب الاستثمارات
وتحقيق التنمية في المجالات
كــــافــــة. أمـــــا الاضــــطــــرابــــات السياسية فمصدرها معروف
وهــو الـتـنـظـيـمـات الإرهــابــيــة
مـثـل «داعــــش»، و«الــقــاعــدة»،
و«الإخــــــــــــــوان المـــســـلـــمـــين»،
وســيــاســات الــنــظــام الإيــرانــي
الـــــراعـــــي الأول لــــلإرهــــاب
والـتـطـرف. ولـن نضيع الوقت
في معالجات جزئية للتطرف،
فـالـتـاريـخ يـثـبـت عــدم جــدوى
ذلــــك. ونــحــن مـــاضـــون بـــإذن
الله، من دون تردد، في نهجنا
بـالـتـصـدي بـشـكـل حـــازم لكل
أشــكــال الــتــطــرف والـطـائـفـيـة
والسياسات الداعمة لها.
المملكة هي قبلة المسلمين
وبــلــد الــحــرمــين الــشــريــفــين، حباها الله بالثروات الطبيعية،
والمـــــوقـــــع الاســـتـــراتـــيـــجـــي،
وبــقــيــادات حـكـيـمـة مـنـذ عهد
الملك المؤسس، طيب الله ثراه،
إلى العهد الميمون لمولاي خادم
الـحـرمـين الـشـريـفـين، وبشعب
جـبـار مـبـدع ومـبـادر. والحمد
لله تنعم بـلادنـا الـيـوم بالأمن
والاستقرار والرخاء، ولا يليق
أن يــكــون هــذا الـبـلـد الـعـظـيـم
إلا فـي مـوقـع الـصـدارة فـي كل
المـجـالات مهما كانت الظروف
والـتـحـديـات. لـن يـهـدأ لنا بال
حتى نحقق هذا الهدف لوطننا
ً ثم لأشقائنا في المنطقة.
أولا.

كيف ينظر سموكم إلى ما يـشـهـده الــســودان مـن اضـطـرابـات تحولات سياسية؟
– يـــهـــمـــنـــا كـــثـــيـــراً أمـــن
الـــســـودان واســتــقــراره، لـيـس
للأهمية الاستراتيجية لموقعه
وخــطــورة انــهــيــار مـؤسـسـات
الـــدولـــة فــيــه فــحــســب، ولــكــن
نظراً أيضاً إلـى روابـط الأخـوة
الــوثــيــقــة بــين الــشــعــبــين. لـقـد
كـــان إخــوانــنــا وأخــواتــنــا مـن
السودان – ولا يزالون – جزءاً من
نسيجنا الاجتماعي، أسهموا
مـــســـاهـــمـــات مـــشـــهـــودة فــي
مسيرتنا في مختلف المجالات.

ولــن نـدخـر جـهـداً فــي المـمـلـكـة
لـتـحـقـيـق الاســتــقــرار والأمـــن
لــلــســودان وشــعــبــه الــكــريــم.
لقد عبرنا فـي المملكة عما تم
اتخاذه من إجراءات تصب في
مـصـلـحـة الـشـعـب الــســودانــي،
وقدمنا كجزء من واجبنا تجاه
الأشــقــاء فـي الــســودان، حـزمـة
مــن المــســاعــدات الاقـتـصـاديـة،
إضــافــة إلــى إيـــداع مـبـلـغ ٢٥٠
مليون دولار في البنك المركزي
الــــســــودانــــي. ســنــســتــمــر فـي
مـوقـفـنـا الــداعــم لأشـقـائـنـا في
مختلف المـجـالات حـتـى يصل
السودان لما يستحقه من رخاء
وازدهار وتقدم.

بعد ثلاث سنوات من إطلاق «الرؤية»… إلى أين وصلنا؟
– انــتــقــلــنــا مــــن مــرحــلــة
الــتــخــطــيــط والــتــصــمــيــم إلــى
مـرحـلـة الـتـنـفـيـذ عـلـى جـمـيـع
الأصعدة، وبدأنا نرى النتائج
على أرض الواقع. فعلى سبيل
المــثــال فـيـمـا يـتـعـلـق بـتـطـويـر
القطاع المـالـي، شهدت السوق
المـالـيـة تـطـوراً ملحوظاً، حيث
انـضـمـت الــســوق بـعـد إطــلاق
«الــرؤيــة» إلـى ثـلاثـة مـؤشـرات
عالمية؛ هي مؤشرات «فوتسي»،
ومــؤشــر «مــورغــان سـتـانـلـي»
لــلأســواق الــنــاشــئــة، ومـؤشـر
«ستاندرد آند بورز داو جونز»،
مما سينتج عنه تدفق رؤوس الأموال بمليارات الريالات إلى
الـسـوق، وزاد المستثمرون في
الصناديق الاستثمارية بنسبة
٤٠ فــي المــائــة، وهــي الــزيــادة
الأولى منذ عام ٢٠٠٦ .وحققت
ّ م بين
المملكة مـؤخـراً أكـبـر تـقـد
الدول الأكثر تنافسية في تقرير
الـكـتـاب الـسـنـوي للتنافسية
الـعـالمـيـة ٢٠١٩IMD ،الـصـادر
مــن مـركـز الـتـنـافـسـيـة الـعـالمـي
التابع للمعهد الدولي للتنمية
الإدارية، وحصلت على المرتبة
ً بـ١٣ مرتبة عن العام
الماضي، لتحتل المرتبة السابعة
بين مجموعة دول العشرين.
وفــــي قــطــاع الاتـــصـــالات
والمــعــلــومــات شــهــدنــا تــطــوراً
مـــلـــحـــوظـــاً، حـــيـــث ارتــفــعــت
مساهمة الاقتصاد الرقمي في
الـنـاتـج المـحـلـي بـشـكـل مباشر
وغـيـر مـبـاشـر، كـمـا أصـبـحـت
المملكة من أعلى ١٠ دول نمواً
في مجال التجارة الإلكترونية
فـــي الــعــالــم بــنــســبــة ٣٢ فـي
المائة. وفي الوقت نفسه كذلك
تـحـسـنـت ســرعــات الإنــتــرنــت
أربعة أضعاف لتسريع التحول
الـرقـمـي. وتـعـد المـمـلـكـة أيـضـاً
أول دولــة فـي الـشـرق الأوســط
وشمال أفريقيا أطلقت خدمات
الجيل الخامس ٥G عام ٢٠١٨
فــي المـنـطـقـة الــشــرقــيــة بـشـكـل
تـجـريـبـي، ولـديـنـا إلــى الـيـوم
١٠٠٠ برج اتصال على مستوى
المــمــلــكــة تــقــدم هـــذه الــخــدمــة
ٍ على
الــجــديــدة، والـعـمـل جـــار
التوسع فيها.
أمــــا فـــي مـــجـــال الــطــاقــة
والـــصـــنـــاعـــة، فــقــد ارتــفــعــت
الصادرات غير النفطية بنسبة
٢٢ فــي المــائــة فــي عـــام ٢٠١٨
مـقـارنـة بـعـام ٢٠١٧ ،وأطلقنا
الــعــديــد مــن المـــدن الـصـنـاعـيـة
في مختلف المناطق بالمملكة،
مــمــا يـــؤكـــد حــــرص حــكــومــة
خـادم الحرمين الشريفين على
الـتـنـمـيـة المــتــوازنــة والـشـامـلـة
لمختلف المدن والمناطق، ومنها
سبارك وجازان ووعد الشمال،
التي أنجزت المرحلة الأولى من
مـشـروعـات إنـتـاج الـفـوسـفـات
والأسمدة الفوسفاتية، ووضع
حجر الأساس للمرحلة الثانية
مـنـهـا، الـتـي سـتـجـعـل المملكة
بــــإذن الــلــه ثــانــي أكــبــر دولــة
منتجة للأسمدة الفوسفاتية
في العالم.
وأود التذكير بأن ما يحدث
في المملكة ليس فقط مجموعة
إصـلاحـات مالية واقتصادية
لتحقيق أرقــام مـحـددة، وإنما
هـــو تــغــيــيــر هــيــكــلــي شــامــل
لــلاقــتــصــاد الــكــلــي لـلـمـمـلـكـة
هـدفـه إحـــداث نـقـلـة فــي الأداء
الاقــتــصــادي والـتـنـمـوي على
المديين المتوسط والطويل. لقد
قـمـنـا بـإصـلاحـات اقـتـصـاديـة
وهـيـكـلـيـة كــبــيــرة تــســهــم فـي تحقيق التوازن المالي، وضبط
المالية العامة، وتنويع مصادر
الـــدخـــل مـــع المــحــافــظــة عـلـى
اســتــمــراريــة نــمــو الاقــتــصــاد
الكلي، واستدامة المالية العامة،
ودعــــم الإنـــفـــاق الاجــتــمــاعــي،
ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي،
وتــحــفــيــز الـــقـــطـــاع الــخــاص
الــذي يمثل الـشـريـك الرئيسي
فـي الـنـمـو والتنمية وتحقيق
مستهدفات «الرؤية».

ولــكــن هــنــاك مــن يـتـحـدث عــن بـعـض الـتـراجـعـات فــي بعض المبادرات المتعلقة بـ«الرؤية»؟
– مــا يــحــدث فــي المـمـلـكـة
تغيير هيكلي شامل للاقتصاد
هـدفـه إحـــداث نـقـلـة فــي الأداء
الاقــــتــــصــــادي عـــلـــى المـــديـــين
المـتـوسـط والــطــويــل، و«رؤيـــة
المــمــلــكــة ٢٠٣٠ «والـــبـــرامـــج
المنبثقة منها شأنها شـأن أي
خطط استراتيجية لابد من أن
تخضع لتحديث وتعديل وفق
الظروف والمعطيات التي تظهر
عـنـد الـتـطـبـيـق، دون الإخــلال
بركائز ومستهدفات «الرؤية»،
وتــحــقــيــق أفـــضـــل الــنــتــائــج،
خـــاصـــة فـــي وقــــت أصــبــحــت
لـديـنـا جــودة أعـلـى فـي اتـخـاذ
القرارات المبنية على الدراسات
والتحليلات والأرقام والحقائق
والبيانات.
وإجــابــة عـن سـؤالـك حـول
أن بـعـض المــبــادرات المـتـعـلـقـة
بـ«الرؤية» قد تتراجع: لا نتوقع
ذلـك، فبرامج «الـرؤيـة» تساهم
بشكل فعال في عملية التحول
الاقتصادي، فنحن الآن ننتقل
من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد
يتسم بالإنتاجية والتنافسية
العالمية.

قد يقول البعض إن صندوق الاستثمارات العامة يزاحم القطاع الــخــاص مــن خـــلال اسـتـثـمـاراتـه المــبــاشــرة ومــشــاريــعــه الـعـمـلاقـة والـضـخـمـة، مــا دوره فــي تحقيق «الــرؤيــة» وكـيـف يمكن تـفـادي أي آثار سلبية؟
– تماشياً مع «رؤية ٢٠٣٠ «
ولتحقيق أهدافها، كان من المهم
إعـادة النظر في دور صندوق
الاسـتـثـمـارات الـعـامـة وإعــادة
هـيـكـلـتـه لـيـصـبـح الــصــنــدوق
الاستثماري السيادي للدولة،
فـقـمـنـا بـالـعـمـل فـي عــام ٢٠١٥
عـلـى إعــادة إطــلاق الـصـنـدوق
بـــرؤيـــة ورســـالـــة جــديــدتــين،
مـسـتـهـدفـاً تـطـويـر الـقـطـاعـات
الــجــديــدة بـالمـمـلـكـة الـعـربـيـة
الــســعــوديــة والاســتــثــمــار فـي
شـراكـات دولية رائـدة، وإعـادة
تـشـكـيـل مـجـلـس إدارة جـديـد
تحت قيادتي. وخلال السنوات
من ٢٠١٦ إلى ٢٠١٨ ،ارتفع عدد
المـوظـفـين مــن ٤٠ مـوظـفـاً إلـى
مــا يــقــارب ٥٠٠ مــوظــف. كـمـا
ارتفعت أصـول الصندوق مما
يقارب ٥٠٠ مليار ريـال إلى ما يـقـارب تريليون ريــال، ويمثل
ذلـك الارتـفـاع حـوالـي الضعف
خلال سنتين.
ويعتبر الـصـنـدوق حالياً
أداة مــهــمــة جـــداً مـــن أدوات
الـدولـة للتنويع الاقـتـصـادي،
ويستهدف الاستثمار المحلي
والــدولــي. وفــي الاسـتـثـمـارات
المحلية يستهدف الاستثمارات
الـــتـــي لا يــســتــطــيــع الــقــطــاع
الخاص وحده الاستثمار فيها،
وسـيـطـرح مـن خــلال المـشـاريـع
الــكــبــرى مــثــل نــيــوم والــبــحــر لأحمر والقدية عشرات، إن لم
يكن مئات، الفرص الاستثمارية
ذات الـعـوائـد الـجـيـدة للقطاع
الـخـاص. وكذلك من المهم جداً
لـــدى صــنــدوق الاســتــثــمــارات
العامة ولدى الحكومة مشاركة
القطاع الخاص، وخصصنا من
برامج تحقيق «الرؤية» الثلاثة
عـشـر بـرنـامـجـاً للتخصيص،
لإعطاء القطاع الخاص فرصة
أكبر للمشاركة في الاستثمار
ولــتــحــقــيــق عـــوائـــد مــجــزيــة
ورفـع كفاءة الإنـفـاق وتحسين
الخدمات.
أما من ناحية الاستثمارات
الخارجية، بالإضافة لتحقيق عــــوائــــد مـــجـــزيـــة لأصـــولـــه،
فسيلعب صندوق الاستثمارات
العامة دوراً مهماً في تأسيس
شــراكــات اقــتــصــاديــة تـسـاعـد
فـــي نــقــل المـــعـــرفـــة وتــحــفــيــز
الاســتــثــمــارات ذات الــكــفــاءة
الــعــالــيــة وتــعــزيــز المــحــتــوى
المــحــلــي، لــتــكــون لــهــا عــوائــد
عــلــى المـــدى الـبـعـيـد تـسـتـفـيـد
مـنـهـا الأجــيــال الــقــادمــة. كما
يستهدف الـصـنـدوق قطاعات
اســتــراتــيــجــيــة جـــديـــدة مـثـل
الــســيــاحــة والــتــرفــيــه. وهــذه
قــطــاعــات لــهــا بــعــد مــهــم فـي
تـحـفـيـز الاســتــثــمــار الأجـنـبـي
والتنمية المناطقية، وخلق عدد
كبير من الوظائف مما يحسن من جودة الحياة.
هـــذا؛ ويــــؤدي الـصـنـدوق
أعــمــالــه مـــن خــــلال مــســتــوى
ٍ واسـتـراتـيـجـيـة
حـوكـمـة عـــال
استثمارية شفافة، أقـرت بعد
الانــتــهــاء مــن عـمـلـيـة إصــلاح
وحـوكـمـة الــصــنــدوق فــي عـام
٢٠١٥ ،حيث يعمل الصندوق
ضمن منظومة تشمل مجلس
إدارة ولجنة تنفيذية ولجنة
لــلاســتــثــمــار تـــقـــوم بـــــأدوار
واضحة تساعد على ضمان أداء
الأعمال بصورة مهنية عالية، كــمــا تــوجــد لـــدى الــصــنــدوق
مــحــافــظ اســتــثــمــاريــة مــوزعــة
حـسـب الأولــويــات الـتـنـمـويـة،
مــثــل مـحـفـظـة الــصــنــدوق فـي
الشركات السعودية، ومحفظة
الاستثمارات الهادفة لتطوير
الـقـطـاعـات الـواعـدة، ومحفظة
المشاريع الكبرى.

تـحـدثـتـم سـمـو الأمــيــر عن بــرنــامــج الــتــخــصــيــص… مــا آخــر التطورات؟
– لـديـنـا الآن مـركـز متميز
وعـالمـي للتخصيص بأفضل الممارسات مستفيداً من
خبرات أكثر من ٢٠ دولـة قامت
بالتخصيص في الماضي. وقد روعى في إنشاء المركز احتواؤه
على بنية تشريعية تضمن حق
الـدولـة والمستثمر. وقـد حددنا
فـرصـاً واعــدة للتخصيص في
١٢ قطاعاً. وهدفنا أن يعزز هذا
البرنامج دور الحكومة الفاعلة،
إضــافــة إلــى تـعـظـيـم مـسـاهـمـة
الــقــطــاع الــخــاص فــي الــنــاتــج
المحلي.
ودعــــــم المــــركــــز الــوطــنــي
لـلـتـخـصـيـص خــلال عــام ٢٠١٩
توقيع خمس اتفاقيات بقيمة
إجـمـالـيـة تـتـجـاوز ١٢٫٥ مليار
ريـال. من خلال شركات محلية
ودولــيــة فــي مــجــالات مختلفة
بـتـمـويـل أجـنـبـي مــن ســت دول
بـنـسـبـة تــمــويــل تـبـلـغ حــوالــي

٠ فـــي المـــائـــة. وتــشــمــل هــذه
الاتــفــاقــيــات مـشـاريـع لمـعـالـجـة
الصرف الصحي وتحلية المياه
والـخـدمـات الصحية مـن خلال
مراكز الغسيل الكلوي.
كــمــا يــقــوم المـــركـــز حـالـيـاً
بـالـعـمـل عـلـى إنــهــاء اتـفـاقـيـات
تـتـجـاوز قيمتها مـلـيـاري ريـال
في مجالات عدة تشمل مطاحن
الــدقــيــق والـــخـــدمـــات الـطـبـيـة
وخدمات الشحن. ومـن المتوقع
الانــتــهــاء مــن هــذه الاتـفـاقـيـات
قبل نهاية عـام ٢٠١٩ .ويجري
العمل على تخصيص مشاريع
خاصة بالتعليم خلال عام ٢٠٢٠
باستثمارات تبلغ حوالي مليار
ريال.
كما سيكون القطاع الخاص
هـو المستثمر الأكـبـر فـي قطاع
الكهرباء، وفي المستقبل، خاصة
مــشــاريــع الــتــولــيــد، ومـــن ذلــك
مشاريع الطاقة المتجددة الكبرى
ّا عنها.
التي أعلن
فـــي خــضــم هــــذا الــتــحــول الاقــتــصــادي، مــا رســالــة سـمـوكـم للمواطنين؟
– أنـــا فــخــور بـــأن المــواطــن
السعودي أصبح يقود التغيير،
بـيـنـمـا تـخـوف كـثـيـرون مــن أن
«الــــرؤيــــة» ســتــواجــه مــقــاومــة
بــســبــب حــجــم الــتــغــيــيــر الـــذي
تحتويه. كـان كثيرون يقولون
لــي إن أصــعــب مــا ســأواجــهــه
فـي الـتـحـول الاسـتـراتـيـجـي هو
المـقـاومـة، ولـكـنـي رأيــت أن هـذا
العامل ضئيل جـداً في الشباب
الـسـعـودي الــذي صـار يتسابق
أمــامــي ويــقــود الـتـغـيـيـر. وأود
الإشــادة بــدور الـشـبـاب مطعماً
بــالــخــبــرات فــي الـــحـــراك الــذي
تعيشه المملكة. إنها رؤية شابة،
روحها شابة.
كــمــا تــحــول الــنــقــاش مـن
التغيير الـذي نريده من الدولة
إلــــى الــتــغــيــيــر الــــذي نـصـنـعـه
جميعاً.

نتابع موضوع طرح «أرامكوالسعودية» في الأسواق العالمية، لكن هناك شح في المعلومات عن الطرح وتوقيته. إلـى أيـن وصـل المـوضـوع؟ ومــا الإجــــراءات الـتـي تـمـت فــي هـذا الشأن؟
– نـحـن مـلـتـزمـون بـالـطـرح
الأولــــــــي الــــعــــام لــــ«أرامــــكــــو
الــســعــوديــة»، وفـــق الــظــروف
الملائمة، وفـي الوقت المناسب.
وكـمـا ذكــرت سـابـقـاً أتــوقــع أن
يكون ذلك بين عام ٢٠٢٠ وبداية
عـام ٢٠٢١ بــإذن الـلـه، وتحديد
مكان الطرح سابق لأوانه. وقد
تم إنجاز كثير من العمل بنجاح
في هذا الصدد، والإطار الزمني
لـلـطـرح سـيـعـتـمـد عـلـى عـوامـل
عـــدة مـنـهـا: مـنـاسـبـة أوضـــاع
الـسـوق لتنفيذ عـمـلـيـة الـطـرح
نـظـراً لـضـخـامـة الـطـرح الأولــي
الــعــام لــ«أرامــكــو الـسـعـوديـة»،
وكــــذلــــك عــمــلــيــة اســـتـــحـــواذ
«أرامـكـو» على حصة صندوق
الاستثمارات في «سابك»، وهذه
الصفقة، بما ستحدثه من تحول
شــامــل، ســتــؤدي إلـــى إيــجــاد
شركة طاقة وبتروكيميائيات
وطنية عملاقة متكاملة تقود
قــطــاع الـطـاقـة الـعـالمـي وتـعـزز
بدرجة أكبر إمكانات النمو في
«أرامكو السعودية» وربحيتها
فــي تـقـلـبـات أســــواق الـبـتـرول
المعتادة.
وفـــي إطـــار الاســتــعــدادات
للطرح الأولــي الـعـام لـ«أرامـكـو
الــــســــعــــوديــــة»، تـــــم اتـــخـــاذ
إجـراءات مهمة عدة، من بينها
إصــــدار نــظــام ضــريــبــة المـــواد
الــهــيــدروكــربــونــيــة، وإعــــادة
إصدار اتفاقية امتياز حصرية،
وتـعـيـين مـجـلـس إدارة جـديـد
للشركة، بالإضافة إلى التدقيق
المــســتــقــل فــــي احــتــيــاطــيــات
المـمـلـكـة الـبـتـرولـيـة وإعـلانـهـا
رسـمـيـا لـلـمـرة الأولـــى، وكـذلـك
قـوائـمـهـا المـالـيـة المـدقـقـة. وهـذا
كــلــه يــعــزز مــبــدأ الــشــفــافــيــة،
أحـــد المـــبـــادئ الأســاســيــة فـي
«رؤيــة المملكة ٢٠٣٠ «مـن أجـل
حـمـايـة مـصـالـحـهـا ومـصـالـح
المستثمرين المحتملين.
وبــدورهــا حـقـقـت «أرامـكـو
السعودية» إنجازات عدة ضمن
بـرنـامـجـهـا الــداخــلــي الــهــادف
للاستعداد للطرح الأولي العام.
ومن أهم ما شمله ذلك البرنامج
تــعــديــل نــظــامــهــا ولائــحــتــهــا
الداخلية، والتحول إلـى شركة
مـسـاهـمـة، ومــواءمــة قـوائـمـهـا
وتــقــاريــرهــا المــالــيــة الـداخـلـيـة
لـقـطـاعـات الأعــمــال الـرئـيـسـيـة
لتتوافق مع متطلبات الأسواق
المـالـيـة المـحـتـمـلـة لـلـطـرح. وقـد
نال ذلك رضا المستثمرين حول
العالم كما رأينا من خلال عملية
طــرح الـسـنـدات غـيـر المـسـبـوقـة
التي تمت مؤخراً.

زر الذهاب إلى الأعلى