المعماري ساري خيّاط: تمكين التغيير في العقار يبدأ من الإنسان لا من المخططات
نشر المعماري ساري خيّاط عبر حسابه في لينكدإن رؤية معمّقة حول مستقبل التطوير العقاري، مؤكدًا أن جوهر التحوّل الحقيقي يكمن في تمكين التغيير وليس مجرد بناء وحدات سكنية تقليدية.
وأشار خيّاط إلى أن صناعة السيارات تُعد نموذجًا ملهمًا في هذا المجال؛ فهي لا تبيع مركبات فحسب، بل تغيّر سلوك الناس عبر تطوير تجربة قيادة أسرع وأذكى وأكثر ارتباطًا بالذات. وبيّن أن التحولات الكبرى — من السيارات الكهربائية إلى القيادة الذاتية — لم تكن مجرد تحسينات تقنية في “المحرّك”، بل تغييرات في طريقة التفكير.
وفي المقابل، يرى خيّاط أن صناعة العقار ما زالت في كثير من الأحيان تعيد تقديم النموذج نفسه: شقة بواجهة محددة، وموقف سيارات، ومخطط ثابت، في وقت تغيّرت فيه احتياجات الناس وأنماط حياتهم وطرق تواصلهم وعملهم.
وأكد أن الفرق الحقيقي يكمن بين من “يبني” وبين من “يمكّن التغيير”، موضحًا أن السكن أصبح وسيلة لصناعة نمط حياة وليس منتجًا جامدًا. فكما مكّنت شركات السيارات المستهلكين من إعادة تعريف التنقل عبر التجربة والتخصيص، يمكن للمطورين العقاريين تمكين الناس من إعادة تعريف العيش ذاته.
وقال خيّاط إن المستهلك يستطيع اليوم تجربة سيارة قبل شرائها، وتخصيص لونها وخصائصها، رغم أن عمر المنتج لا يتجاوز عشر سنوات، بينما يشتري المنزل — وهو التزام لعقود — غالبًا كما هو، دون تجربة مسبقة أو خيارات تخصيص أو إحساس بالانتماء.
وأضاف أن صناع السيارات فهموا أن التجربة تغيّر السلوك، لذلك أتاحوا للمستخدم المشاركة في تشكيل المنتج، بينما لا يزال التغيير في العقار يبدأ من “الرسومات” لا من الناس.
وتساءل: ماذا لو اختلف الأمر؟
ماذا لو وفّر المطور العقاري تجربة “اختبار السكن” قبل الشراء، وقدم مرونة في التخصيص، وصمّم وحدات تتطور وفق حياة أصحابها بدل أن تحبسهم في قالب واحد؟
عندها — كما يرى خيّاط — لن يشتري الناس منزلاً فحسب، بل سيشاركون في تجربة تمكّنهم من عيش أكثر ذكاءً وعمقًا وإنسانية.
واختتم بالتأكيد على أن تطبيق هذا التحول يحتاج استثمارات ضخمة ووفورات حجم، إلا أن المشاريع الكبرى في السعودية اليوم تمتلك الأدوات والرؤية والشجاعة لقيادة هذا التغيير.
فالمستقبل — كما يقول — لن يكون لمن يبني الأبراج، بل لمن يمكّن الناس من التغيّر داخلها.