مؤتمر النقد السينمائي الدولي يناقش فلسفة المكان ودور الذاكرة في تشكيل المعنى السينمائي

صراحة ـ واس
ناقشت أولى جلسات مؤتمر النقد السينمائي الدولي 2025، الذي تنظمه هيئة الأفلام في قصر الثقافة بحي السفارات بالرياض خلال الفترة من 7 إلى 9 نوفمبر، العلاقة بين السينما والمكان، ودور الذاكرة البصرية في صناعة المعنى السينمائي، ضمن برنامج اليوم الأول الذي جمع نخبة من النقاد، وصناع الأفلام، والباحثين والمهتمين من داخل المملكة وخارجها.
وجاءت الجلسة الأولى بعنوان “حوار مع المخرج الإيطالي ماركو بيلوتشيو”، أحد أبرز المخرجين في السينما الإيطالية المعاصرة، واستعرض مسيرته الممتدة منذ بداياته في ستينيات القرن الماضي والتحولات الفنية والفكرية التي شكّلت رؤيته الإخراجية، وعلاقته الدائمة بين السينما والذاكرة الفردية.
واستهل بيلوتشيو حديثه باسترجاع بداياته الفنية، مشيرًا إلى تأثير رواد السينما الإيطالية مثل: فيليني، وأنطونيو، وفيسكونتي، إضافة إلى تأثير الأدب الروسي والأوروبي في تكوينه الفني أكثر من الأفلام، بينما أثرت السينما الأوروبية في أبناء جيله مثل: بيرناردو بيرتولوتشي.
وتطرق إلى علاقته بالممثلين الكبار الذين شاركوه أعماله، مؤكدًا أن فهمهم العميق للأدوار يمنح المخرج ما يريده دون جهد يُذكر.
وأوضح ماركو أن الناقد يشكّل مرآة أخرى للمخرج، مؤكدًا تقديره للنقاد الذين لا يكتفون بالتقييم، بل يفتحون نوافذ جديدة على أعماله، ويضيفون إليها تفاصيل لم يلاحظها هو المخرج، موضحًا أن الناقد الحقيقي يمنح العمل حياة جديدة بعد العرض.
وأشار المخرج الإيطالي إلى رؤيته لعلاقة المخرج بالممثل، موضحًا أن التمثيل حالة وجدانية تتجلى عندما يندمج الممثل وجدانيًّا مع الشخصية، مما يجعل الأداء صادقًا ومفعمًا بالحياة.
وتحدث عن اهتمامه بالتاريخ، مؤكدًا أنه يسعى لإعادة تخيّل أهم الأحداث في تاريخ إيطاليا، ومنح نفسه الحرية في التعامل مع الأحداث وفق متطلبات الفيلم.
وفيما يتعلق بمستقبل السينما في ظل الثورة التقنية، أكد بيلوتشيو أن الذكاء الاصطناعي يشكّل تهديدًا حقيقيًّا لهذا الفن، لكنه لن يطمس جوهره، لأن السينما تحمل في طيّاتها أجسامًا مضادة تحميها، وتمنحها القدرة على المقاومة دون فقدان روحها الإنسانية.
وفي الجلسة الثانية التي حملت عنوان “ما وراء النقد الأرشيف.. حيث تنتهي الأفلام وتولد من جديد”، أكدت المؤرخة السينمائية الدكتورة يانكا باركوتشي أن الأرشيف لا يقتصر على حفظ الأفلام فحسب، بل يتعلق بالتفسير والسياق والمسؤولية، وينخرط القيّمون والمؤرخون والباحثون وأمناء المحفوظات في عملية تشبه التحقيق للكشف عن بكرات مجهولة الهوية، وتتبع تاريخ الكنوز السينمائية المنسية، وإعادة بناء الروابط المفقودة في تاريخ السينما.
يُذكر أن مؤتمر النقد السينمائي الدولي في نسخته الثالثة، يركّز على العلاقة بين السينما والمكان بوصفها محورًا فنيًّا وثقافيًّا رئيسًا، ويُقام على مدى ثلاثة أيام بمشاركة أكثر من 30 متحدثًا وخبيرًا من 22 دولة، ويعد منصة سنوية لتطوير صناعة الأفلام وتعزيز الوعي النقدي والفني، وترسيخ مكانة المملكة مركزًا إقليميًّا لصناعة السينما والحوار الثقافي.