من الورق إلى الذكاء الرقمي

قبل أعوام كان إنجاز أي معاملة حكومية يستلزم رحلة طويلة تبدأ بالاستعداد المبكر، وتنتهي بعد ساعات من الانتظار بين طوابير المواطنين، وبين أيدينا أوراق رسمية متعددة وأختام متتابعة، كانت الإجراءات تتطلب الحضور الشخصي، والوقت، والجهد، وربما أيامًا من المتابعة لإنهاء مهمة بسيطة، أما اليوم، فقد تبدّل المشهد تمامًا، وانتقلنا من تلك الصورة التقليدية إلى مرحلة جديدة من التطور التقني جعلت الخدمات الحكومية أقرب إلينا من أي وقت مضى، فصارت في متناول اليد، بل في جيب كل مواطن عبر هاتفه الذكي.
لقد قادت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة ثورة رقمية شاملة في مختلف القطاعات، انطلقت من رؤية 2030 التي جعلت التحول الرقمي أحد أهم ركائزها، هذه الرؤية الطموحة لم تكتفِ بتحديث الأنظمة فقط، بل سعت إلى بناء تجربة مواطن رقمية متكاملة تضع الراحة والكفاءة والسرعة في صدارة الأولويات.
ومن أبرز النماذج على هذا التحول المذهل تطبيق «توكلنا» الذي أصبح اليوم منصة شاملة تجمع تحت مظلتها عشرات الخدمات الحكومية، لم يعد المواطن بحاجة إلى التنقل بين الجهات المختلفة أو الدخول في مواقع متعددة، فالتطبيق جمع كل ما يحتاجه في مكان واحد، من خلاله يمكن إصدار التصاريح، والاستعلام عن المخالفات، وتجديد الوثائق الرسمية، ومعرفة المواعيد الطبية، وحجز المواعيد الحكومية، بل وحتى الاطلاع على الحالة الصحية أو الدراسية لأفراد الأسرة.
هذه النقلة النوعية لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت نتيجة تخطيط دقيق واستثمار مستمر في البنية التحتية الرقمية، إضافة إلى التكامل بين الجهات الحكومية المختلفة، والنتيجة اليوم واضحة خدمات ذكية، سريعة، وآمنة، تصل إلى المواطن أينما كان، دون عناء أو تأخير.
ولا يمكن الحديث عن هذا التقدم دون توجيه الشكر والعرفان لقيادتنا الرشيدة – حفظها الله – التي جعلت المواطن محور الاهتمام الأول في كل مشروع تنموي، فقد كان دعمها المستمر، ورؤيتها الثاقبة، هما المحرك الأساس لكل ما تحقق من إنجازات رقمية غير مسبوقة.
ختامًا، يمكن القول إن التحول الرقمي في المملكة ليس مجرد تحديث للخدمات، بل هو أسلوب حياة جديد يعكس تطورًا حضاريًا وإنسانيًا يواكب طموحات هذا الوطن العظيم، فشكرًا لكل من ساهم في هذا الإنجاز التقني المذهل، وشكرًا لقيادتنا التي جعلت من الراحة والسهولة للمواطن هدفًا وواقعًا نعيشه كل يوم.
بقلم: أحمد مهدي بالحارث
الجمعة 10 أكتوبر 2025م